على أبواب تشكيل حكومة جديدة دعوة إلى محاسبة الحكومة السابقة محاسبة علنية... جادة

لا أخفي، انني واحد من كثيرين - بكل تأكيد - من صاروا يتابعون باهتمام كبير ما يكتبه الزميل عبد الفتاح عوض بصدد قضايا ملحة تتناول الواقع الاقتصادي من منظور يهم مصلحة الوطن و المواطن على حد سواء..!

وإذا كان هذا هو موقفي من أكثر ما يكتبه هذا الزميل على الصفحة الاقتصادية في «تشرين» إلا انه ــ وللحقيقة ــ استوقفتني زاويته الأخيرة عقب تكليف السيد محمد ناجي العطري بتشكيل الوزارة الجديدة، والتي عنوانهاحكومة المهمات الصعبة، حيث انتابتني مشاعر مختلفة بعد انتهائي من قراءة الزاوية المذكورة..!، إذ سدّ منافذ الأمل  بقوله: علينا ألا نطالب الحكومة الجديدة بالمعجزات، وراح يكيل المديح لهذه الشخصية الخوارزمية، بل ويسوغ عثرات وزارة لما تلد أو تخطئ، رغم امكان نجاح أية وزارة ـ برأيي ـ تمتلك نوايا طيبة تجاه الجماهير. ولا تريد سرقتهم، أسوة بوزارات سابقة، وربما حتى وزارتنا السابقة التي لايمكن لمواطن يدفعه البؤس الاقتصادي لكي يكون شكاكاً، ذلك لأن هذه الوزارة ستظل متهمة مالم تثبت براءتها، وتسوغ لنا أسباب عدم وفائها للوعود التي قطعتها على نفسها بصدد البرنامج الزمني، لتحسين أوضاع المواطنين، وهذه النقطة وحدها كافية لإسقاط عشر حكومات دفعة واحدة.

ربما ان واقعية رؤية الزميل ــ عوض ــ هي التي دعته للتفكير على هذا النحو، إذ أنه يحاول جاهداً فرملة ــ شطحات أحلام ــ امثالي ممن دأبوا وإلى  وقت طويل لوضع ــ نظارات خضراء ــ على عيونهم، وكل هذا من حقه، لا سيما أن هذا الزميل ــ وبتصوري ــ من أنجح الصحافيين الاقتصاديين السوريين في مجال تخصصهم في صحافتنا الرسمية.

بيد أنني أرى أنه من الضروري أن يحس ــ من هو في موقع السيد العطري ــ و منذ لحظة  الصفر، أو البدء، انه أمام تركة غير مشجعة البتة!، لا بد من التعامل معها بمنتهى الحنكة والحكمة، وأن بارومتر المواطن العادي ليلتقط ــ  وبصراحة ــ إحداثيات أي خط بياني لأية حكومة، في غاية الدقة، لأن جملة أمور بنظره تحدد مدى نجاح أية حكومة ولعل لقمته وكرامته الشخصية تشكلان نواة أي تقويم صحيح وجوهره..!

وبتصوري إن د. خلف الجراد ــ التقط هذه الحالة لدى مواطننا وبجرأة وصدق خلال افتتاحية عدد جريدة «تشرين» 15/9/2003

و المعنونة بـ: حديث الحكومة.... حديث الناس . إذ رأى ان مصلحة الوطن والمواطن هما اس ومحور أية مهمة تسند إلى أية شخصية تتصدى لتوضع على كاهلها مهمات جسيمة في هذه المرحلة العصيبة، لأن مثل هذه المسؤوليات، لن تكون ترفيهية البتة لمن يكون هاجسه الرئيس هو أداء مهمة وطنية، لا خدمة دائرته الضيقة على حساب أبناء بلده..! ولا أدري، لِمَ احس بسطوة دائمة لشخصية ــ عمر بن عبدالعزيز ــ كلما حاولت تقويم كل من يتولى مسؤولية رفيعة، لا سيما حين وفد عليه رسول من أحد عامليه، وكان الوقت ليلا، وكانت بين يديه شمعة غليظة تضيء المكان، وراح الرسول يسأله عن حاله وعياله، فنفخ عمر الشمعة، فأطفأها بنفخته، و قال يا غلام!، علي بسراج، فأتى الغلام بفتيلة تكاد لا تضيء، فقال عمر: سل عما أحببت، ثم سأله عمر عن حاله واسرته، فاندهش الرسول لما لقيه، فراح يسأله عن سبب اطفائه الشمعة  عند سؤاله عن أحواله؟، فأجابه عمر قائلاً يا عبدالله: ان الشمعة التي رايتني أطفأتها هي من مال الرعية، وكنت أسألك عن حوائجهم، وأسرهم، فكانت تلك الشمعة تتقد بين يدي، أما هذا السراج فهو من مالي.....!

وأعتقد أن الحكومة المقبلة - بكل تأكيد - سوف تلقى النجاح، و أن المواطن السوري سيكون أمام نقطة تحول ملموس في حياته، فيما لو تم تمثل حالة هذه الشخصية العادلة في نفس كل الطاقم الوزاري المقبل، بل وكم هو جميل لو أن صحافتنا المحلية المقروءة والمسموعة والمرئية تفسح المجال لتقويم الحكومة السابقة على هدي وضوء هذا الميزان العمري.... وبصراحة وجدية، ومن شأن هذا الأمر أن يزيد من إحساس مواطننا بمواطنته، بغرض رص الصفوف وتحقيق لحمة وطنية حقيقية مُثلى ومأمولة  في مواجهة كل ما يخططه أعداء الوطن....!، كي نكون أمام حكومة تجسد حلم مواطننا، حكومة تعطي لا حكومة تأخذ فقط، حكومة ترفه مواطنيها بعامتهم وتحافظ على كرامتهم، لا حكومة تترفه هي وبطانتها..... فحسب.... 

■ إبراهيم اليوسف

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.