أفلام متعددة الجنسيات

أسواق دمشق وأحياؤها الرئيسية، وربما في كل شبرٍ منها، يوزع البائعون والمبسّطون أنفسهم، ويقتسمون المساحات المتبقية من الأرصفة، وفي الزوايا، ليبيعوا ما تيسّر من الأغذية المكشوفة، والمشروبات الهاربة عن عيون الرقابة الصحية، والتي تباع بأسعارٍ زهيدةٍ يقابلها أسعار تفوقها غلاءً تنفق على وصفاتٍ وتحاليل طبيةٍ. ليمتثل الواقع لمقولة المثل: (رزق الهبل عل المجانين)..


إلا أنّ هنالك من يواكب التطور، ليدخل إلى السوق بضائع جديدةً، لها زبائنها الجدد.. وما لوحظ في الفترة الأخيرة، انتشار باعة، أغلبهم من الأطفال، يحملون مئات الأقراص الّليزرية /CD/، ويبيعونها بأسعارٍ زهيدة يعادل سعر الواحدة منها، ربع سعر القرص الليزري الموجود في محلات الباعة.. وما يملأ تلك الأقراص لا يقتصر على برامج الألعاب وألبومات الأغاني، فهنالك ما يدعو للإثارة أكثر، وهي الأفلام الإباحية «متعددة الجنسيات»، والتي تتولى مهمة إعداد جيلٍ من الشباب، محمّلين بشتى الأمراض النفسية والجسدية. جيلٍ لطالما عاش الكبت وحمل رغباته المكبوتة. والأمر لم يتوقف عند المراهقين، فهنالك من الأعمار التي تستهوي تلك البضاعة ما يتجاوز الثلاثين سنةً وفق ما يخبرنا أحد البائعين/الأطفال..

ومنهم من يحبّذ التعرّف إلى أكثر الأفلام شبقاً وأغربها «تفنناً»، علّهم يكتسبون «الخبرة» المطلوبة، والتي ستلزمهم مستقبلاً دون أدنى شك. خاصّة وأن فرصة الارتباط بعلاقة عاطفية متوازنة، قد تكون حلماً صعب المنال ما لم تمر عبر الزواج الذي بات يعد حلماً هو الآخر، بالنسبة لغالبية الشباب العالقين ما بين أحلام وردية وواقع أسود..

■ من يملك الديجيتال لن يحتاج للذهاب الى موقف البرامكة مثلاً ليبتاع بعضاً من هذه الأفلام، فعشرات المحطات الجنسية تؤمن الخدمة وتتكفل بالتوصيل إلى المنازل مجاناً. ومن لا يملك الديجيتال فما عليه إلا الخروج من بوابة بيته وسيجد (أليس) في بلاد العجائب القابعة في أفلام الطرقات..

والمصدر الذي تأتي منه الأفلام لا يعلمه إلا اللّه، علماً أنّ الوصول إلى مصادر التوزيع لن يحتاج الدعاء والابتهال، إنما يحتاج زيارةً واحدةً الى أرصفة البيع، لملاحقة التجار الذين يروّجون للدعارة البصرية، ويسهّلون نشوء شبابٍ معزولين في غرفهم المغلقة، ومهيئين ليكونوا علماء في الجنس الشاذ، كما أنهم يشغلون أطفالاً يفترض أن يكونوا بين أصدقائهم في صفوف الدراسة، لا أن يعملوا في هذه السن وبهذه الطريقة.

الحل قد يبدأ بتحديد المصدر، فتجار الـ (بورنو) لن يقلعوا عن تجارتهم بمحض إرادتهم، وكذلك بائعو الأرصفة الذين قال لنا أحدهم إثر إلحاحنا في الأسئلة: (يا أخي تركْنا بحالنا، بدنا نعيش..)!.

■ سليمان نصر الدين