المدرس الأول.. مقدمات ونتائج

صدر النظام الداخلي، للتعليم الأساسي، بديلاً عن النظام الداخلي القديم للمدارس الابتدائية والإعدادية ولسنا بصدد مناقشة هذا النظام بكامله.

لكن من المفيد مناقشة موضوع المدرس الأول، كما تناوله النظام الداخلي، ونتائج التطبيق العملي في مدينة القامشلي.

يحدد النظام الداخلي ومن منطلق تربوي، الأسس التي يجب أن تتوفر في المدرس الأول ـ قدم لايقل عن عشر سنوات ـ التمتع بصحة جيدة. غير معاقب مسلكياً. وذو سلوك وأداء تربوي مقبول.. على أن يكون مسؤولاً عن أربع مدرسين ضمن منطقة متجاورة وذلك لسهولة الإشراف.

وهذه مقدمات تربوية صحيحة.

لكن ما جرى في مدينة القامشلي، وربما في مدن أخرى، غير ذلك هو تجميع كل عدة مدرسين من مدارس متباعدة تراوح العدد بين 8 ـ 12 لانتخاب مدرس واحد. مخالفين بذلك النظام الداخلي والهدف إنجاح مدرس معين، ربما ليتسنى لهم تعيين مدرس آخر يختارونه تحت مظلة الانتخاب المخالف…

وجرى هذا في المجموعة التي جمعت مدرسي الجغرافية من الكرامة (شرقي المدينة) وعين جالوت (غربي المدينة).

ومما يؤكد حقيقة التلاعب هو إعطاء مواعيد مختلفة لعدد من المدرسين. وعدم تبليغ العديد من المدرسين في بعض المجموعات. وإحضار مدرس من مدرسة بعيدة لإنجاح احدهم كما جرى في إحضار مدرس من مدرسة تبعد 15 كم عن المدينة. وربما غيره وضموا لمجموعات المدينة

وفي إحدى المجموعات جرى انتقاء مدرسين بشكل انتقائي لإنجاح مدرس معين غير مراعين وقوع المدارس في منطقة واحدة.

وفي إحدى المجموعات لم تجر عملية الانتخاب لعدم حضور المدرسين. وظهر أنهم لم يُبلغوا. وفي الأسبوع الثاني بُلغ بعضهم بناء على أمر من الموجه الاختصاصي وحضر الجميع. وانتظروا أكثر من ساعة ونصف.. لكن معاون مدير التربية لشؤون الثانوي لم يكلف نفسه الحضور. على الرغم من إخباره وتواجده في المدينة ولم تجر لديهم عملية الانتخاب حتى هذه الساعة.

ويشاع بين المدرسين في القامشلي بأن ما جرى كان مدبراً ومخططاً له. (فقد غيرت المجموعات أكثر من مرة) بين بعض من نجح والموجهين الاختصاصيين ويمكن القول: إن الشكل الذي طبق في اختيار المدرس الأول شكل خاطئ، أفرز نتائج سلبية عديدة على العملية التربوية. منها:

1. خلق جو من ضعف الثقة. والحساسية بين العديد من المدرسين، لأن مسألة الانتخاب بين عدد قليل وبشكل انتقائي كشف الجميع وعرف كل واحد لمن صوت، كانت التربية بغنى عن هذه الطريقة ونتائجها.

2. أوجدت حساسيات مختلفة شخصية واجتماعية وغيرها في عدد من اللجان، لم تكن موجودة سابقاً.

3. ساءت العلاقات بين أعداد من المدرسين والموجهين الاختصاصيين.

4. نجح نتيجة هذه الممارسة. عدد من المدرسين الأوائل، بعضهم من يستحق وبعضهم لا يستحق وهناك من هم أكثر قدماً وكفاءة وخبرة وقدرة على العطاء.

5. كيف نتوقع أن تكون العلاقة بين المدرس الأول ومدرسيه الذين سيشرف عليهم وهو «المدرس الأول» المشرف أقل خدمة وخبرة.. بتقديري لن تكون علاقة مثمرة وسيقل مردودها التربوي.

6. هذه النتائج وغيرها ستنعكس سلبياً على أداء المدرسين. وبدل أن تكون خطوة إحداث المدرس الأول إيجابية، وخطوة في اتجاه تطوير وتحسين الأداء التربوي ستكون غير ما خطط لها.

بكلمة: مقدمات تربوية سليمة. لكن النتائج لن تحقق الهدف من المدرس الأول وفي المسائل التربوية فالانتخابات وبهذا الشكل الذي مورس بعيدة كل البعد عن أهداف التربية.

فالتربية ليست نقابة، ولا حزباً سياسياً، والانتخاب أمر مرفوض وكان الأجدر بمديرية التربية أن تضع الأسلوب الذي يمكن أن يخدم العملية التربوية وأن لا يترك أية نتائج سلبية. بحيث لايضيع حق المدرس الكفء، أو القديم.

وكان الأفضل لو جرى اتباع إحدى الطرق التالية:

1. طريقة الانتخاب لجميع مدرسي المادة في مدينة واحدة، واختيار العدد المطلوب.

2. التعيين وفق الأسس التربوية المحددة بالنظام الداخلي، وتكليف الأقدم حين تساوي السمات.

وندعو مديرية التربية إلى إلغاء النتائج التي تم التوصل  إليها لأن مخالفات اللجان الواضح والصريح بشأن انتخاب مدرس من بين عشرة أو أكثر، يعني انتخاب نصف العدد المطلوب، ومن ثم قد يجر الالتفاف على عملية الانتخاب نفسها كإرضاء شكلي لتنفيذ تعلميات الوزارة، ويتم تعيين بقية العدد المطلوب. وفق أسلوب ملتو أو فردي.

وقد تم نقل الصورة الواقعية لما جرى في انتخابات مدينة القامشلي إلى السيد معاون وزير التربية ـ أثناء زيارته للحسكة ـ عن طريق مجموعة من المدرسين. إضافة إلى العريضة المحررة والموقعة من قبل مجموعة من المدرسين الذين لحق بهم الغبن.

وأخيراً، ليس الهدف الإساءة لأحد، ولسنا بحاجة إلى أي نوع من أنواع الحساسية، بين المدرسين أو بينهم وبين التربية وموجهيها الاختصاصين، بل الهدف هو الحرص على الأداء التربوي وحقوق المدرسين كافة وعدم مخالفة النظام الداخلي للتعليم الأساسي.

 

■ القامشلي ـ عبد الرحمن أسعد