درعا: حفل تأبيني للرفيقين فريد قره وقبلان مهنا عملا لوحدة الشيوعيين السوريين حتى آخر رمق من حياتهما

بمناسبة الذكرى الأربعين لرحيل الرفيقين فريد قره وقبلان مهنا، أقيم في مبنى الاتحاد العام لنقابات العمال في درعا بتاريخ 7/2/2003 حفل تأبيني حضره رفاق الفقيدين من اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين قدموا من العديد من المحافظات السورية، ومن قيادة فرع درعا لحزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والفصائل الفلسطينية والحزب القومي الاجتماعي السوري ورئيس وأعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد عمال درعا ولفيف من رجال الدين وحشد غفير من رفاق الفقيدين وأصدقائهما  وأقاربهما.. وقد غصت القاعة بالمؤبنين..   

افتتح التأبين عريف الحفل  الرفيق محمد المصري بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لشهداء الوطن وللرفيقين الراحلين..

كلمة اتحاد عمال محافظة درعا

وألقى الرفيق يوسف الربداوي رئيس اتحاد عمال محافظة درعا كلمة المنظمات الشعبية، جاء فيها:

.. صفات نبيلة وخُلق عالٍ وفضائل جمة تحلى بها فقيدانا مقرونة بالعشرة الطيبة والتواضع والمودة والتهذيب وحب العمل والاخلاص والتفاني، تلك الصفات التي تمثلت في شخصية فقيدينا تجعلهما باقيين في كل نفس، ومقيمين في كل وجدان، ومهما نسيت فلن أنسى صورة من كان يطالعنا صباح كل يوم وفي ميدان العمل وساحة النضال النقابي..

كلمة الرفاق الفلسطينيين

وألقى الرفيق أبو ايهاب كلمة الرفاق الفلسطينيين جاء فيها:

لم يعرف الفقيدان السلبية، رغم أنهما لم يعرفا الرضى في حياتهما السياسية كلها، بل كانا شديدي الايجابية بفضل الفهم والوعي العميقين لقوانين الصراع التي تحكم مسار الحياة والحزب. وفي هذا الصراع الديمقراطي بين القوى والأفكار داخل الحزب والمجتمع يعرف الفقيدان أين يقفان وماذا يريدان بالضبط...

كلمة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين

د. قدري جميل أبو إيهاب يوسف الريداوي محمد المصري

وألقى الرفيق د. قدري جميل كلمة الشيوعيين السوريين، هذا نصها:

إن أبا خالد وأبا حنا من أولئك الذين يستمر تأثيرهم وكأنهم موجودون بيننا حتى رحيلهم عنا.

أين السر؟  إنه يكمن في أنهما خلافاً للبعض من الذين يموتون قبل أن يموتوا، أي الذين يموتون اجتماعياً وسياسياً قبل أن يموتوا جسدياً، إنهم خلافاً لهؤلاء يعيشون حتى بعد موتهم الجسدي.

إنهم يعيشون لأن قضيتهم التي كرسوا حياتهم للعمل من أجلها مستمرة وتتقدم.

إنهم يعيشون لأن مثلهم ونموذجهم الشخصي الذي كرسوه في العمل اليومي سيظل يشع ويلعب دوراً جذاباً للآخرين من بعدهم.

إنهم يعيشون، لأن «من خلف ما مات» لقد خلفوا ليس فقط عائلات وأبناء وبنات يسيرون خلفهم، بل خلفوا أيضاً وراءهم مناضلين يرفعون راياتهم بعد رحيلهم.

إنهم يعيشون لأنهم في حياتهم كانوا الأجرأ، حين تصدوا لحل مختلف القضايا المطروحة أمام بلدنا وشعبنا: الوطنية والاقتصادية ـ الاجتماعية والديمقراطية. إنهم يعيشون لأن القضية التي تعهدوا بالعمل من أجلها والتي كرسوا لها جل وقتهم في سنواتهم الأخيرة، ألا وهي قضية وحدة الشيوعيين السوريين واستعادة حزبهم لدوره السياسي والجماهيري هذه القضية تتقدم وتنتصر يوماً بعد يوم رغم كل المصاعب والعقبات.

لقد سمعتم أبا خالد في تأبين الرفيق المرحوم أميل مهنا، حين قطع عهداً على نفسه على رؤوس الأشهاد، أن لا يبقى في الساحة إلا حزب شيوعي واحد موحد، حين تساءل لماذا الشيوعيون في تنظيمات مختلفة بينما هم في الواقع متفقون  على القضايا الأساسية التي توحدهم في سبيل الشعب والوطن، وأكد أنه سيعمل لتوحيد الشيوعيين، لقد قال وفعل، لقد ربط القول بالفعل.

لقد رأيتم أبا حنا حين وقع مع الأوائل في 15 آذار عام 2002 على ميثاق شرف الشيوعيين السوريين، حين تعهد مع رفاقه على تركيز كل الجهود على المعركة الأساسية ضد الإمبريالية الأمريكية والصهيونية، ضد قوى الفساد والسوء، حين تعهد مع رفاقه على عدم الدخول في معارك حزبية هامشية بعد اليوم تشغله وتبعده عن المعركة الأساسية، نعم لقد أعلن وفعل، لقد ربط القول بالفعل.

لقد كانت الأشهر العديدة والأخيرة في حياة رفيقينا العزيزين أبي حنا وأبي خالد، غنية وقاسية، غنية بما استطاعا أن يفتحا من آفاق جديدة أمام نضال رفاقهما اللاحق وقاسية ليس بسبب معاناتهما مع المرض فقط وإنما بسبب ظلم وتعسف ذوي «القربى» الذي ترفعا عن التعامل معه بردود فعل تؤذي القضية التي يناضلان من أجلها ولكنهما كانا  جريئين ومبدئيين في جملة من القضايا التي لا تقبل التأويل والتفسير والتأجيل.

■ لقد قالا لا للانقسامات في الحركة الشيوعية، يجب إيقاف هذا المسلسل والانتقال إلى التوحيد. يجب إنهاء حالة الفصائلية التي تقضي على إمكانية وجود حزب شيوعي واحد يلعب دوره المطلوب منه سياسياً واجتماعياً تجاه الوطن والشعب والطبقة العاملة.

■ لقد قالا نعم للعودة بأسرع ما يمكن إلى الجماهير. هذه الجماهير التي عتبت على أحزابها في الفترة الماضية فعاقبتها بابتعادها عنها، واعتبرا إنجاز هذه المهمة كل في موقعه مهمة وطنية من الدرجة الأولى.

■ لقد قالا نعم للتحالفات الوطنية المبدئية بين أنداد يحترمون بعضهم وقالا لا للركض وراء المكاسب والامتيازات التي تحول البعض إلى عبء على البعض الآخر.

■ لقد قالا لا لأخلاق السوء التي انتشرت في زمن الردة والإحباط والتي هزت منظومة القيم الإنسانية الرفاقية عند بعض الشيوعيين الذين فقدوا الثقة بالهدف وبالمستقبل فأخذوا يركضون لاهثين على أشلاء رفاقهم لتأمين مصالحهم وامتيازاتهم.

■ لقد قالا نعم للدفاع الجريء، الذي يربط القول والفعل، عن مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، عن مصالح الطبقة العاملة، وأكدا أنه لا يكفي الإعلان عن النية في الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة بل يجب ربط الموقف بالممارسة اليومية.

■■ وبعد، هل هي صدفة أن نجتمع اليوم لنؤبن الرفيقين قبلان مهنا وفريد معاً إذا كانت وفاتهما في فاصل زمني قصير هي صدفة. ولكن هل صدفة؟ أنهما وطنيان ـ لا لأنهما ابناء لمنطقة من بلادنا معروفة بتقاليدها الوطنية المعادية للاستعمار ولكل أشكال الظلم.

إنهما ملتزمان بقضايا الكادحين ـ لا لأنهما أبناء عائلات كادحة مرتبطة بالأرض والناس.

أنهما شيوعيان ـ لا لأنهما مدافعان عن مصالح الطبقة العاملة أبناء للحزب الشيوعي السوري وقادة فيه حتى لو فرقتهما الانقسامات تنظيمياً ومؤقتاً.

إنهما يعملان لتوحيد الشيوعيين ـ لا لأن عملهما هذا هو تلخيص وتكثيف وتتويج لكل تجربتهما وعملهما السابق.

أم خالد حنا مهنا كريم الخوري أنيس ذيب علي أبا زيد

نعم ـ إن اجتماعنا اليوم له عدة دلالات هامة:

أولها: أن فريد قره وقبلان مهنا رغم كونهما من تنظيمين شيوعيين إلا أنهما قد اتفقا على توحيد جهودهما في سبيل الوطن والشعب والطبقة العاملة وهو ما يؤكد على ضرورة وإمكانية تحقيق وحدة الشيوعيين السوريين.

ثانيهما: فهما بنشاطهما السياسي السابق والحالي اليوم أكدا على أهمية الوحدة الوطنية، وحدة جميع القوى الوطنية المعادية للمخططات المجنونة للإمبريالية الأمريكية ولإسرائيل الصهيونية في هذه اللحظات الدقيقة والخطرة التي نواجهها بعدما انفلت الوحش الأمريكي من عقاله.

ثالثهما: إنه لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، فالجماهير ستلتف حول من سيدافع فعلاً  عن مصالحها وتعترف به، عمن سيدافع فعلاً عن الوطن وعن لقمة الشعب.

أخيراً، عزاؤنا أن الفراغ الذي سببه رحيل الفقيدين الغاليين ستعبئه عوائلهما وأولادهما وبناتهما سائرين على طريقهم ومثلهم فلهم منا أحر التعازي متمنين لهم الصبر والسلوان وكذلك سيعبئه رفاقهم الذين سيرفعون الراية أعلى ودائماً إلى الأمام.

كلمة أصدقاء الفقيد

وألقى الرفيق علي أبازيد كلمة أصدقاء الفقيد، جاء فيها:

رفاقنا فريد وقبلان هم بحق معلمون أكثر جلداً وأكثر أسئلة، وكانوا يقدمون برهاناً أكثر صفاءً وإلحاحاً يوحي بأن فكرهم هو بحق نظرية الحياة الانسانية، وهم من جيل عصر الحزب الذهبي في فترة امتداد الحزب الشيوعي السوري في كل بقاع سورية الحبيبة، وصفاتهم وأفعالهم امتداد طبيعي لهذا الجيل أيام كان الحزب قوياً وموحداً، وكانوا في عملهم وشرحهم يتحدثون بعيداً عن التأويل وبطريقة الخطاب المباشر والصريح، لأنهم كانوا كباراً بحزبهم...

كلمة الحزب السوري القومي الاجتماعي

وألقى السيد أنيس ذيب كلمة الحزب السوري القومي الاجتماعي أبن بها الرفيق فريد قره، جاء فيها:

الموت حقيقة مرة لايمكننا انكارها، ولكن هذه الحقيقة تعني للرجل العقائدي أنها درب للحياة... باكراً ترجل الفارس العقائدي أبا خالد المثقف السوري النبيل عن جواده.. الذي أعطى كل مايملك من أجل عقيدة آمن بها منذ أن كان يافعاً واستمر فيها حتى مماته، وبذلك استحق الاحترام من كل من عرفه...

قصيدة رثاء

وألقى الرفيق كريم الخوري قصيدة رثاء شعبية جاء فيها:

من وعينا وانفطمنا

الراية الحمرا حملنا

في صفوف الحزب حنا

ليش يتشتت شملنا

أميل فريد وأبو حنا

بوحدة الحزب أملنا

كلمة آل الفقيد قبلان مهنا

وألقى الرفيق حنا مهنا ابن الفقيد قبلان مهنا كلمة آل الفقيد، جاء فيها:

كان وفياً لحزبه ولوطنه منضبطاً صارماً منفذاً لكل المهام المكلف بها دون تردد أو حساب لأي ربح أو خسارة، قدم حياته القصيرة زمناً العامرة بالعطاء من أجل أنبل الأفكار التي آمن بها، فقد أعطى للكلمات مدلولاتها..

كلمة آل الفقيد فريد قره

وألقت الرفيقة أم خالد زوجة الفقيد فريد قره، ورفيقة دربه كلمة هذا نصها:

يتساءل الكثيرون: لماذا استأثر فريد بكل هذا الحب. من جميع الذين عرفوه وحتى من أناس لم يلتقوا به إلا مرةواحدة، لعل وبحكم أني زوجته أستطيع إجابتهم.

كان فريد إنساناً محباً. ومحباً بلا حدود. محباً للجميع بدون استثناء. كان في الحقيقة، شخصاً أكبر من أن يعرف.

إن الحديث عن فريد، لايعني الحديث عن فريد الأب الصالح، والابن البار، والزوج المخلصن والأخ الحنون، والصديق الوفي فحسب. وإنما يعني، الحديث عن فكر وموقف عقائدي، وممارسة طليعية.

لقد كان يمثل دائماً، الموقف الضروري والمطلوب، الموقف الذي لايعرف الانحراف ولا المساومة. الموقف المعبر عن الجوهر، الموقف الذي يقود إلى الحقيقة.

كان نموذجاً للمناضل الشيوعي الثوري الملتزم. لم يكن شيوعياً بالمعنى المجرد، كان شيوعياً مدركاً لواجباته الوطنية.

واجبه الأول محاربة الرجعية والرأسمالية، والتصدي للإمبريالية والصهيونية.

كان يدرك أن مأساة شعبنا، هي من صنع هذه القوى. وأن خلاصه يستلزم منا أن نكون دعاة فكر، ونصراء تقدم. إذ أن الوطنية ليست هوية إقليمية أو عاطفة، بل هي موقف سياسي سليم. وانتماء واختيار والتزام انتماء للفكر،واختيار لمعسكر الوطن. والتزام بقضايا الفقراء والمضطهدين والباحثين عن الرغيف والوطن والحرية في الانتماء والسلوك. كان فرداً مرتبطاً بالمجموع. مؤمناً به يرى في العمل سوية السبيل الذي يقود إلى الهدف. لم يكن أبداً فرداً يستخدم المجموع أو يستثمره، أو يتاجر به للوصول  إلى، لأنه بذلك يدخل الجميع إلى مسالك وعرة تقود إلى الضياع إلى الهاوية.

■ أن تكون شيوعياً بمعنى فريد، يجب أن تكون واضحاً في الفكر والعمل، في الموقف والممارسة. أن تميز بين العمل الثوري، والانفعال الثوري. بين تنظيم الجماهير، وبين استثمار الجماهير. بين المناورة السياسية العارضة، وبين ضياع الموقف الكلي. بين اللقاء الفكري، والتحالف بين التيارات الفكرية، بين ما حقق وماكان ممكن أن يتحقق.

■ أن تكون شيوعياً بمعنى فريد، يجب أن تكون ديمقراطياً، تستمع إلى حديث الجماهير الكادحة، وتتحاور معها، وتحترم آراءها، أن تكون على صلة مع حياتها اليومية، ومشاكلها الأساسية، ومشاكلها العارضة، لا أن تكون نخبة عليها تستغل طاقاتها، وتبذر إمكانياتها، تتعهد آمالها ثم تهدر هذه الآمال.

■ لقد كان فريد يسعى دائماً إلى تحقيق هذه العلاقة، بين الحزب وبين قواعد الجماهير، بين القيادات والكوادر. وفي هذا كان يمارس شيوعيته الفعلية والحقيقية، التي تعرف أن انتصار الفكر لا يتحقق بالمناورات ولا بالهبات المالية، ولا بحديث الكواليس والتحالفات السرية، إنما يتحقق فقط عن طريق الانصهار مع الجماهير وتنظيمها واحترامها والتفاعل معها.

■ أن تكون شيوعياً وطنياً صادقاً بمعنى فريد، يجب أن يكون عملك توحيدياً مع كافة القوى على الساحة السياسية، وبشكل يخدم القضايا الوطنية، فما حديثه عن الديمقراطية إلا السبيل الصحيح الكفيل بتوحيد كل طاقات تلك القوى الوطنية، من أجل الوصول معاً إلى برنامج سياسي واضح، يسانده فعل سياسي واضح موحد، ينتج عن ذلك وضوح  الرؤية في المجال السياسي بين كافة القوى الفاعلة، يؤدي إلى مفهوم الوحدة الوطنية المسؤولة.

■ في هذه المواقف كلها نجد فريد يناضل من أجل نشر فكر متطور وممارسة سياسة جدية، فنجده من أوائل المؤسسين لميثاق شرف الشيوعيين وعضو اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وهو بذلك يوحد بين الفكر والعمل، بين التحليل السياسي الصحيح والفعل العملي الصحيح.

■ كان يمارس صدقه ونقاءه في التوحيد بين الفكر والموقف، كان في عمله مع رفاقه يؤسس لعودة حزب شيوعي واحد قوي، يؤسس لواقع شيوعي جديد ولسياسة جديدة، جدية تعرف الهدف وتحدد سبيل الوصول إليه.

وهو يعلم أن استعادة وحدة الحزب لن تكون بهذه السهولة وبهذه السرعة.

ومع تعاظم الحركة النضالية لوحدة الحزب وازدياد الانضمامات الطوعية والواعية لكوادر الشيوعيين للتوقيع على الميثاق.

ومع ازدياد الدعم الجماهيري للجنة الوطنية، لا يمهل القدر فريد ويفارقنا ويرحل.

 

وأنا كرفيقة قديمة لكم وكعضوة في اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين، أقف في ذكراه بكل شجاعة بلا دموع، بلا حزن، بلا انتظار. أدعو الجميع للعمل من أجل الوحدة، لأننا أصدقاء رغم التباعد. لأننا رفاق رغم اختلاف المواقع، لأن الفكر الذي نتبناه واحد، لأن هدفنا واحد لأننا مع فريد في حزب واحد.