كالعيس في البيداء قصة أزمة الغاز في الحسكة
هل نعيش حصراً، زمن المفارقات المرة؟ هل انقلبت الأمور رأسا على عقب؟ محافظة الحسكة، المصدر الرئيسي للحبوب في البلاد يستهلك ناسها أسوأ أنواع الخبز، اسمها الجزيرة، والعشرات من قراها عطشى، هي مصدر للثروات الإستراتيجية في البلاد، ومواطنوها في الدرجة الأولى من سلم الفقر، تتاخم دولتين، عربية وأجنبية، وتثار فيها، بين الفترة والأخرى، الفتن نتيجة السياسات المتبعة في البلاد. آخر المفارقات، وليست الأخيرة بكل تأكيد، قصة أزمة الغاز المنزلي في المحافظة، فهي المصدر الأساسي لهذه المادة على مستوى البلاد، ويعاني أبناؤها منذ أكثر من سنتين أزمة، تخف تارة، وتتفاقم أخرى، ليصل سعر اسطوانة الغاز أحيانا إلى أكثر من مائتين وخمسين ليرة، مع العلم إن السعر الرسمي هو 150 ليرة سورية.
الجهة الراعية لهذه المادة، إنتاجاً، هي الشركة العامة للغاز المرافق، وتوزيعاً، شركة توزيع الغاز السورية، والأزمة الموجودة ليست نابعة من قلة الإنتاج أو عدم توفر المادة، لا بل إن هناك أكثر من 1500 طن غاز مخزنة في مستودعات الشركة، رغم استعانة هذه الأخيرة بالصهاريج لتخفيف الضغط عن مستودعاتها، وتتعرض كميات غير قليلة إلى الإتلاف (حرقاً) نتيجة عدم القدرة على التخزين. الحل ليس معقدا، فقط يحتاج إلى ضمير نظيف، وشيء من الحرص على مصالح العباد والبلاد، والمشكلة تحديداً هي في قلة عدد الاسطوانات، إذ أن هنالك حوالي 50 ألف أسطوانة تالفة في مستودعات الحسكة والسويدية، ورغم العديد من الكتب التي وجهت إلى الجهات المسؤولة، لم يحرك احد ساكنا.
- فاكس مرسل إلى المدير العام للشركة السورية للغاز المرافق رقم 1793صغع تاريخ 472007-
- فاكس إلى محافظ الحسكة رقم 11738صغع تاريخ 2672007
- فاكس من مستودع السويدية تاريخ2412007 إلى رئيس قسم توزيع الغاز في الحسكة يبلغ عن 7500 اسطوانة تالفة.
إذاً، المشكلة الملحة تكمن في عدم توفر الاسطوانات الفارغة، وهذا ما يؤدي إلى توقف وحدة التعبئة في السويدية لمدة 3- 4 ساعات يوميا عن العمل، وإذا كانت الشركة، هي الجهة المحتكرة لصناعة الاسطوانات أو توريدها وتوزيعها، فإن المطلب الملح يكمن في تأمين عدد كافٍ من الاسطوانات، ولكي لا يكون الحل ترقيعياً، لابد من فتح وحدة تعبئة جديدة في مركز محافظة الحسكة، لكي تكون قريبة من مواقع التخزين، فالاستهلاك في ازدياد.
قلنا في أعداد سابقة من قاسيون، إن استمرار معاناة المواطنين اليومية، وخصوصا حاجة الاستهلاك الغذائي، عدا عن كونه ظلماً وإجحافاً وقهراً اجتماعياً، هو عبث بالأمن الاجتماعي، والعبث بالأمن الاجتماعي، هو عبث بالأمن الوطني، ومن يعبث بالأمن الوطني، لا نستطيع أن نصنفه إلا تحت خانة العداء للوطن، هكذا يقول منطق الأمور، وإذا كان من أحد يجهل ذلك، نتمنى أن يُسمع الصوت قبل أن ينفجر الغاز المعبأ في مستودعات الشركة، في درجات الحارة المرتفعة، فتسمعه رغماً عنك، وقبل أن تنفجر حالات الاحتقان الجماهيرية...