قبل أن تعم الفوضى..
أصبح هناك يقين كامل لدى معظم الناس أن ثمة جهات أو عناصر محددة، خارجية وداخلية، لها دون أدنى شك، مآرب بعيدة المدى، تسعى إلى تكريس نوع من الفوضى في سورية، كمقدمة وتمهيد لتكريس واقع أكثر سوءاً وأشد وطأة على البلاد والعباد من النواحي كافة..
هذا ليس مجرد كلام ينطلق من التخمين أو من التوجسات والأحاسيس المبالغ فيها.. إنه بكل أسف، بعض ملامح المرحلة الراهنة، والأدلة كثيرة لمن يريد التبصر والاعتبار واستدراك الأمور قبل أن تصل إلى درجة عالية من الفلتان وفقدان السيطرة..
فثمة فوضى في الأسعار، وفوضى في النقل العام والخاص، و«شبه» فوضى في الدوائر والمؤسسات الرسمية، وفوضى في الكهرباء حتى قبل أن تصدر فواتيرها بالتسعيرة المرتفعة الجديدة، وشجارات في الشوارع وعلى الأرصفة وعلى محطات الوقود لأبسط الأسباب، وفوضى في تقنين الماء وغلاء فواتير الصحة والطبابة والسكن والإيجار «لمن استطاع إليه سبيلاً»، وفوضى في الأسواق، وأخرى تقترب من قطاع التعليم، وفوضى في علاقات الناس تحت ضغط مفاهيم الاستهلاك، وفوضى في الثقافة والفكر.. والأهم هناك فوضى عارمة في خطط ومشاريع وطروحات الحكومة التي قد تكون بوعي أو بغير وعي، وراء كل ما سبق ذكره من فوضى..
إن هذا بالضبط ما يريده أعداء البلاد المتربصون على معظم حدودنا، والمتغلغلة بعض أدواتهم في شرايين وأوردة جزء من مواقعنا الداخلية، فجلّ ما يتمناه هؤلاء الطامعون بثرواتنا، الساعون للهيمنة على مقدراتنا وقرارنا، أن تصل الأمور عندنا إلى مستوى متقدم من «الفوضى الخلاقة» ليسهل عليهم سحقنا.. نحن الذين لم نطأطئ لهم رؤوسنا في أعقد الظروف، ولم نخفض راياتنا الوطنية في أشد المحن..
من العار أن نُؤخَذ دون عناء، ومن الداخل، بسبب هذا التخبط وانعدام البصيرة..!!
