زهير مشعان زهير مشعان

سكت دهراً.. ونطق كفراً؟؟

.. أن تصل الردود إلى «قاسيون» هذا يعني أنها أسمعت من في آذانهم «وقر» وأن سياسة «التطنيش» التي يمارسها بعض المسؤولين من أعلى المستويات إلى أدناها، لم تعد مجدية فالحقائق أصبحت معروفة للقاصي والداني، والشمس لا يمكن تغطيتها بغربال، وربما يؤدي ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، لذا لا بد من «اللعب» عليها بالرد كما يجري حالياً اللعب بالمسميات، فالسوق أصبح اجتماعياً.. يا للعجب!، ورفع الدعم، أصبح إعادة توزيع الدعم لمستحقيه.. يا للغرابة!! ومثال ذلك: رد السيد المدير العام للصناعات الغذائية الدكتور خليل جواد، حول معمل الكونسروة في الميادين، يقول المثل الشعبي «سكت دهراً.. ونطق كفراً».. ومع ذلك سنناقش هذا «الكفر» فمن فمك أدنيك.

يقول السيد المدير العام «إن هناك حالياً دراسات مع هيئة تخطيط الدولة، لإيجاد نشاط بديل للوحدة من خلال «طرح أرض الوحدة وبنائها على جهات القطاع العام في المحافظة لإمكانية الاستفادة منها وتوزيع العاملين على جهات القطاع العام» وهذا يعني أولاً أن قرار الحل متخذ ضمناً لكن البحث عن شكل أو تخريجة له، وأن التوزيع للعمال لا بد منه، وثالثاً أن الأرض والبناء يمكن «الاستفادة» منها، وكل ذلك يدل أنه لا عودة عن الحل، وبالوقت نفسه هي مفيدة للآخرين أليس هذا تناقضاً واضحاً، ومسألة توزيع العمال على القطاع العام، فهل بقية هذا «القطاع» بأحسن حالاً، أم أنه يعامل بالأسلوب نفسه لتفريغها من محتواها وبيعها وخصخصتها كما حدث مع معمل الورق بدير الزور، وكما جرت محاولات لغيره؟! ولنبين أن الأمر مبيت وليس حالياً، يوجد كتاب من المؤسسة العامة للصناعات الغذائية والتي يرأس مجلس إدارتها الدكتور خليل جواد، هذا الكتاب موجه منها إلى وزير الصناعة برقم م ع/200/9/149 تاريخ 17/1/2007، تقترح فيه إيقاف وحدة كونسروة الميادين عن العمل وتوزيع العاملين، أي منذ حوالي ثمانية أشهر وليس حالياً كما يقول؟!
.. وبالعودة إلى تفصيلات الرد يتبين لنا أن المعمل أحدث في عام 1976 وبدأ إنتاجه عام 1982، ويورد لنا الخسائر اعتباراً من عام 1997 ونحن نتساءل عن الفترة من 1982 إلى 1997، أي خمسة عشر عاماً من الإنتاج تم «تجاهلها» عن عمد، وهي الفترة التي حقق فيها المعمل الجوائز العالمية والمحلية، وبات المواطنون يبحثون عن إنتاج كونسروة الميادين لتميزها وجودتها ونوعها، فلماذا هذا التجاهل عن هذه الفترة «الذهبية» ثم ألا تكفي خمس عشرة سنة، من الإنتاج لتحديث هذه الخطوط؟ ولماذا لم تحدث؟ ومن هو المسؤول، ناهيك عن تعاقب الإدارات!!
.. ويورد لنا الرد سبباً للإيقاف والخسارة، وهو عدم توفر المنتج، علماً أنه كان متوفراً سابقاً، ونؤكد أن إنتاج المحافظة من البندورة كان يكفي المحافظة، وينقل قسم منه إلى الرقة والحسكة ودمشق، وأن أهالي دير الور «يمونون» كميات كبيرة من مربى البندورة المصنعة منزلياً. فهذا الإنتاج ألا يكفي وحدة صغيرة نسبياً؟! إن السبب في تراجع تسليم المنتج للمعمل هو عدم توفر السيولة النقدية، وحتى الصناديق البلاستيكية، فاتجه التوريد للقطاع الخاص، ولو فرضنا جدلاً كما يقول المدير العام أنه لا يمكن نقل البندورة من درعا إلى الميادين، لماذا أغلقت وحدة «مزيريب» للكونسروة التابعة لدرعا رغم توفر المنتج ويفيض؟ وتم على أثرها منح 13 ترخيصاً لمصانع خاصة. فهل كان عدم توفر المنتج هو السبب أم أن هناك أسباباً أخرى وأبرزها «قتل القطاع العام».
ونتساءل مرة أخرى، لماذا لا يتم توفير «العبوات» اللازمة، رغم المطالبة المستمرة من المعمل، ونقابة عمال الصناعات الغذائية؟ فقد أكد لنا رئيس مكتب النقابة أنه أرسل أكثر من خمس مذكرات بهذا الخصوص، ووصل به الأمر إلى حد الاستجداء ولم ترد المؤسسة، وقد أعدت الإدارة واللجنة النقابية دراسة لعدة مشاريع لتطوير الوحدة هي:

1 ـ مشروع وحدة خزن وتبريد، ووصل الأمر إلى حد الإعلان عنه، لكن المؤسسة أوقفته بكتابها رقم ط/40/1715 تاريخ 22/5/2004 (أي منذ ثلاث سنوات؟).

2 ـ مشروع تعبئة مياه صحية من نهر الفرات، مع الجدوى الاقتصادية والتحاليل والتقرير ولم ترد المؤسسة، ثم أعطي المشروع لاحقاً لوحدة كونسروة إدلب؟

3 ـ مشروع استخراج القطر الصناعي والنشا. كذلك لم تتم الإجابة.

4 ـ مشروع وحدة تصنيع المعكرونة، لم ترد المؤسسة علماً أن الحبوب المنتجة من النوع القاسي وتصلح للمعجنات؟!

5 ـ وحدة زيوت.. لتوفر بذورة القطن كذلك لم ترد المؤسسة.

6 ـ معمل ألبان مع دراسة شاملة حتى لعدد الأبقار المتوفرة، وكمية الحليب المحلية، وكون المحافظة لا يوجد فيها أي معمل ألبان، أي توفر السوق كل هذه المشاريع تبناها اتحاد عمال دير الزور، والقيادة السياسية المحلية والاتحاد العام، والقيادة القطرية التي وجهت كتاباً برقم 2508/ص تاريخ 14/3/2007 إلى وزير الصناعة، تقترح العودة عن فكرة المؤسسة العامة للصناعات الغذائية بإيقاف وحدة كونسروة الميادين.

ولعل التناقض الأساس لدى السيد خليل جواد مدير المؤسسة هو بين كتابه المرفوع إلى وزير الصناعة بإيقاف الوحدة والواقع.

إن المطالبة بتأمين مستلزمات الإنتاج والرواتب للعاملين والطبابة ولتطوير يعيد النهوض بوحدة كونسروة خاصة، والقطاع العام عامة.

أما سياسة الخصخصة التي يمارسها أنصار الليبرالية، فهي تهدف إلى هدم اقتصاد الوطن، وهدم المجتمع والدولة، وتصب في مصلحة الأعداء.

وللعلم حالياً لا توجد رواتب للعاملين، وقد تعرض مدير وحدة كونسروة الميادين لضغوطات ومضايقات كبيرة نتيجة مواقفه، ولم تدخله حتى الآن، فلديه ما يكفيه.

وأختم بالمثل الفراتي القائل «اقعد عوج.. واحجي عدل».