أهالي زقاق «سعدون فوقاني»، في ركن الدين: أنقذونا من الأوبئة

إن من دواعي سرور الجريدة وأعضاء هيئة التحرير، لجوء المواطنين على اختلاف مشاربهم إلى الجريدة في طرح قضاياهم، والدفاع عن مطالبهم، والبحث عن حلول لمشاكلهم التي لا تعد ولا تحصى، والتي تشبه بعضها بعضاً، أحياناً كثيرة، أو ينطبق التحقيق نفسه على مشاكل وصعوبات في كل المحافظات السورية ومدنها، أي أن الحال هي نفسها أينما اتجهت، وتكتمل فرحتنا عندما تلقى هذه المشاكل والمطالب، آذاناً صاغية من بعض المسؤولين هنا أو هناك.

إن مشكلة سكان زقاق سعدون فوقاني، في حي الأكراد بدمشق، لهي من مجموع هذه المشاكلات التي يعاني منها الكثير من الأحياء المنسية في كل شيء، وأهم ما في الأمر أن أهالي هذا الحي يتكلمون بصوت واحد أطفالاً، وشيوخاً، رجالاً ونساءً:

 مكب القمامة في وسط الحي

إن المطلب الأساسي لسكان الحي، هو إيجاد حل جذري، وبأسرع وقت ممكن لمكب القمامة الذي يقع وسط الحي، ضمن البيوت السكنية، والذي يُعتبر مصدر الكثير من الأمراض، ووكراً للحشرات والجرذان.

يقول محمد، صاحب محلٍّ مطلٍّ على وادي القمامة، كما سماها هو: «إن من المستحيل العيش هنا، فالصراصير عند غروب الشمس تهجم بالآلاف، وأصبحت صياداً ماهراً لها وأستحق جائزة عليها لأنني أقضي نصف وقتي باصطيادها.

أما أبو علاء، صاحب بقالية، فيقول: من المستحيل أن يتحمل أي مسؤول هذا المنظر وهذه الروائح أكثر من خمس دقائق، وأصبح صوت الإطفاء الذي يأتي كل يومين لإطفاء الحرائق لهذا الجبل من القمامة، وأحياناً مرتين باليوم، من ضرورات الحياة هنا، وبعد آهات طويلة من عماد يضيف: العين بصيرة واليد قصيرة.

 
لن نتنازل!

أجمل ما لفت نظرنا عند زيارتنا للحي، هو وقوف جميع سكانه مع الشاب نضال وتكليفه منهم بالحديث والدفاع عن الحي، الذي يعلم جميع المسؤولين في المحافظة ودائرة الخدمات، ما يعانيه أهله، ولم يترك باباً في المحافظة وإلا وطرقه، وأنه مع أهالي الحي لن يتنازلوا عن حقهم في العيش، وشم الهواء النظيف مثل باقي البشر، لأن معظم أهالي الحي قد أصيبوا بأمراض عديدة وخطيرة، وخاصة الربو والتحسس وبعض حالات اللاشمانيا، مذكراً إيانا حال الطفلة «دعاء»، التي أصيبت بالربو جراء استنشاقها المتواصل للدخان المتصاعد من حرائق القمامة هناك، وهذا ما دفع بوالديها لبذل الغالي والرخيص، وبيع ما فوقهم وما تحتهم لمعالجتها، دون جدوى. ويضيف نضال بأنهم سيواصلون المطالبة بحل، حتى لو تطلب ذلك اعتصاماً من سكان الحي، صغاراً وكباراً، أمام مبنى المحافظة، من أجل تحقيق مطالبهم، بعد تقديم عريضة بذلك إلى محافظ دمشق.

 
عريضة وتواقيع

وكان الأهالي قد تقدموا بعريضة إلى محافظ دمشق بتاريخ 2/9/2007 عبر لجنة الحي، ملخصها: «أهالي وسكان ركن الدين، زقاق سعدون فوقاني، طلعة نصار، يرفعون لكم عبر لجنة الحي، الظلم الذي طالنا لأمد طويل، وامتد لأكثر من ربع قرن، كما يلي:

أولاً: أن شبكة الصرف الصحي، التي شيدناها بمجهودنا الخاص، لم تعد تفي بالغرض المرجو منها، بسبب تزايد السكان الكبير.

ثانياً: أحياؤنا القديمة لم يتجدد لها حق التزفيت لطرقاتها، منذ أكثر من عشرين عاماً، مما يجعلها أشبه بالعصور الماضية.

ثالثاً: لقد تقدمنا أكثر من مرة للبلدية، بطلب ردم «غور انهدامي»، بطول حوالي (60) متراً ويتراوح عرضه بين الخمسة أمتار والثمانية، ولأنه تحول إلى مكب للنفايات والقمامة، التي تتخمر وتتحلل، وتفرز كافة أنواع الجراثيم، وتسبب كل الأمراض التنفسية والجلدية وأمراض الأطفال، ناهيكم عن الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف.

علماً أن سيارات الإطفاء تأتي إلى هذا الغور لإطفاء الحرائق فيه بشكل مستمر، وأكثر من مرة أسبوعياً، مما يجعل الدخان والجراثيم ضمن كل زاوية من بيوتنا، لذا نتقدم لكم بطلبنا هذا راجين إغاثتنا بردمه، متعهدين لكم بتشجيره وتسويره بحيث لا يعود مكباً للنفايات وتجمعاًَ للأمراض ولكم الأمر».
 

وطنية الإنسان

كل هذا الإهمال من السلطات لسكان هذا الحي، لم يفقدهم الحس الوطني والروح الحماسية، فقد وقفوا وقفة عز في كل المناسبات الوطنية، وخاصةً في سياق التهديدات المستمرة من الإمبريالية والصهيونية، لهذا الوطن العزيز، وأقسموا أن يدوسوا رموز الظلم والطغيان، عند الدخول أو الخروج من الحي، وقد رسموا العلمين الأمريكي والإسرائيلي على الأرض عند مدخل طلعة نصار، ليبقيا دائماً تحت النعال.

وهذه العريضة التي كانت موقعة من /66/ شخصاً، ممثلين عن أهالي الحي، بالإضافة إلى لجنة الحي، ومختاره السيد إبراهيم بارافي الذي التقيناه في مكتبه وأبدى استعداده لمساعدة السكان وموافقته على كل مطالبهم، وعلى العريضة، ومتابعته لها ضمن علاقاته مع لجان الأحياء في المحافظة.

قاسيون، بدورها تضم صوتها لأصوات الموقعين على العريضة وتبدي موافقتها على مطالب الحي التي لا تبدو مستحيلة التحقيق، بل هي في صلب عمل لجانها، خاصة، بعد تعهد أهالي الحي بالمشاركة والمساعدة في الردم وعملية التشجير.