نزار عادلة نزار عادلة

المؤتمر النقابي.. والوقوف في وجه الفريق الحكومي الاقتصادي أين الاجتماعي في اقتصاد السوق؟!

خلال الشهر الفائت عقد في سورية ما يقارب 220 مؤتمراً نقابياً عمالياً، بدءاً من النقابات إلى اتحادات المحافظات والاتحادات المهنية، والمتتبع لهذه المؤتمرات وحواراتها وتوصياتها يستنتج أن هذه المؤتمرات جميعها اتخذت قراراً واحداً يقول: إن دور الدولة في الحياة الاقتصادية دور أساسي وتزداد أهميته كلما كانت الدولة تسير في طريق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. وإن التاريخ الاقتصادي للدول في بداية حياتها الاقتصادية أظهر أنها تدخلت تدخلاً مباشراً لرفع وتعزيز معدل النمو الاقتصادي ولم يتغير دورها الاقتصادي إلا وفقاً لما تمليه عليها مصلحتها الاقتصادية.

 تحدثت المداخلات النقابية بشكل عام عن الفساد وتكاليفه في القطاع العام وأجهزة الدولة، كما تحدثت عن التهرب الضريبي والإعفاءات التي منحت للتجار والسماسرة، وأشارت إلى أنه لم تحدث التشريعات الضريبية وعملية تحديث النظام الضريبي تغييراً هيكلياً في بنية هذا النظام، ولازال النظام الضريبي يعتمد الضريبة النوعية على الإيراد، وحتى الآن لم يتم الانتقال إلى الضريبة العامة على مجمل الدخل، لأن هذا النوع من الضرائب يأخذ وضع المكلف بعين الاعتبار ويحصر جميع مصادر الدخل التي يمكن أن تهرب من الضرائب.

ـ تحدثت نقابات المصارف في تقاريرها ومداخلات أعضاءها عن ضرورة تطوير الأنظمة المصرفية وتحديثها، لتكون قادرة على جذب الادخار وجلب الأموال للاستثمار والمساهمة في التنمية وخفض البطالة، وإعادة النظر في رواتب وأجور العاملين في الدولة لتتناسب مع ارتفاع الأسعار ومع تكاليف الحياة المعيشية، وأشارت مداخلات عديدة إلى أجهزة الإدارة المحلية وإلى الفساد المنتشر في البلديات والمجالس.. وإلى ضرورة تطبيق قانون الضمان الصحي على كافة العاملين في الدولة والقطاعات الخاص والعام والمشترك، وطبابة المتقاعدين وزيادة رواتبهم التقاعدية لتتلاءم مع ظروف الحياة المعيشية.

ـ أما مداخلات نقابات الغزل والنسيج فأشارت إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه هذا القطاع منذ سنوات، وإلى توقف بعض شركاته عن الإنتاج، وتراكم الديون والخسائر دون حلول من الجهات الوصائية.

ـ نقابات النقل البري تحدثت عن حقوق مكتسبة لهذه النقابات، وعمل وزارة النقل على إجهاض هذه الحقوق من خلال سحب توثيق العقود من النقابات إلى مديريات النقل، وهذا يعني إفلاساً لنقابات النقل التي تتقاضى عن كل عقد 500 ل.س يتم وضعها في صندوق المساعدة للسائقين، وطالبت بإطفاء العجوزات المتراكمة على شركات النقل الداخلي مع التنويه بأن أحكام قوانين تم إحداثها تنص صراحة على ذلك «قيام وزارة المالية بتسديد العجوزات في حال حصولها». ورفد هذه الشركات بوسائط نقل حديثة من باصات كبيرة إضافة إلى تعمير الباصات القابلة للتعمير بدلاً من طرحها للاستثمار من قبل القطاع الخاص.

وفي قطاع السكك تمحورت التأكيدات على:

عدم ملاحقة سائقي القطارات قضائياً عند وقوع الحوادث، والعمل لإصدار مرسوم بعدم توقيفهم. والعمل على تطوير تشغيل الخطوط المستثمرة، ورفد المؤسسة العامة للخطوط الحديدية بتجهيزات وآليات وصيانة الخطوط.

كان موقف النقابات واحداً أمام التصريحات اليومية للجهات الاقتصادية حول رفع الدعم تحت عناوين إعادة توزيع الدعم من أجل تخفيض عجز الموازنة الهامة للدولة، وتساءلت النقابات: إذا كانت الدولة عاجزة عن وقف التهريب وعن حل الأزمات فهل تحملها للشعب؟! وتساءل العمال في مؤتمراتهم: أين الاجتماعي في اقتصاد السوق؟! وماذا تعني الشراكات مع أوروبا وتحرير التجارة والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية إذا كان الفقراء سوف يزدادون فقراً؟!.

استشهدت أكثر القيادات النقابية بتقرير الاتحاد العام الاقتصادي والذي أكد على: العودة إلى الاستثمار العام في جميع القطاعات الاقتصادية أفقياً وعمودياً، ومعالجة المشكلات التي يعاني منها القطاع العام. وإعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة بما يؤدي إلى تحسين دخول هذه الطبقات، وتقليص الفوارق الطبقية ومكافحة الفقر بشكل جذري وتعزيز نظام الدعم الحكومي، البحث الجدي في إيجاد الطرق الكفيلة لمعالجة مشكلة البطالة، إشاعة مناخات المنافسة الشريفة والعادلة بين القطاعات ومنع الاحتكار والقضاء على الفساد.

وتشير النقابات بأن ذلك يحتاج إلى ترجمة حقيقية تنعكس في برامج عملية لابد من أن يلمس المواطن نتائجها على مستوى معيشته وعلى علاقاته اليومية مع أجهزة الدولة. كما أكدت النقابات على أن نوايا الفريق الاقتصادي تتجه ليس إلى إصلاح القطاع العام وإنما إلى إنهائه، من خلال:

ـ وقف الاستثمارات في القطاع العام.

ـ عدم صدور مشروع قانون إصلاح القطاع العام.

ـ ترك القطاع العام للموت البطيء.

ـ إهمال واقع الشركات الإنشائية الذي يتردى يوماً بعد آخر وفشل المعالجات الحكومية في حل صعوباته وتفاقم مشاكله وواقع عمله.

تساءلت القيادات النقابية في مؤتمراتها:

أين الإصلاح الإداري؟

أين محاربة الفساد؟

أين الاجتماعي في اقتصاد السوق؟

أين الاستبدال والتجديد؟

أين الاستثمارات؟

أين مكافحة البطالة؟

أين الضمان الصحي؟

لماذا تتآكل مكتسبات العمال؟

لماذا الهدر في مؤسسات الدولة؟

أين الضمان الاجتماعي؟

وطالبت النقابات قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال أن تكون أكثر تأثيراً وأكثر قدرة على الوقوف بوجه الفريق الاقتصادي الحكومي الذي يقود البلد إلى الإفلاس وإلى الانهيار.