المهندسون.. سجناء!

أتكلم عن هواجس مهندس مغترب. أستهجن كثيراً قراراً لوزير النفط في سورية، يمنع المهندسين من السفر للخارج، بينما يعطى القانون السوري الحق فقط للقاضي، وبقرار محكمة، أن يتخذ هذا الإجراء. وأرجو بحرارة نشر هذه المداخلة، مع الشكر الجزيل:

عندما كنا نعمل في سورية، كنا لا ندخر جهداً في بذل كل ما نستطيع، لنرقى ببلدنا وشركاتنا ومستوى إبداعنا الى أعلى ما نستطيع.

عندما سافرنا وعملنا في الخارج مع جنسيات متعددة، ومن ثقافات متنوعة، وعلى مختلف الصعد، ولا أبالغ، ثبت لنا أننا من النخبة، فكم هم كثر أبناء سورية الذين أعرف مراكزهم ومناصبهم في شركات عالمية.

كنا نكسب الليرات، وأصبحنا بحمد الله نملك الآلاف، وهي في النهاية تقفل راجعة، مستقرة في خزانة بلدنا.

لقد قدمنا الكثير لبلدنا، وقدمنا الكثير للبلاد التي نعمل بها حالياً، والمستَقَر هو بلدنا بإذن الله.

عندما تركنا بلدنا، تركنا فرصة لغيرنا أن يكون على مستوى المسؤولية، وأن يتحمل العبء وأن يتطور ويطور، فهو شخص برؤية جديدة، قد تحمل أفكاراً خلاقةً ومبدعة، وهو بدوره سيترك مكانه لغيره، وهذه هي الدورة الطبيعية لا شك، حتى يعمل الجميع.

عندما تركنا سورية، تركناها ونحن نبكي، والدموع تملأ عيون أمهاتنا وآبائنا وأخواتنا وأزواجنا، وحاولنا جاهدين أن نحبس تلك الدموع في عيوننا، حتى لا يزيد بكاء أمهاتنا، ولكننا لم نستطع.

مؤلم جداً فراقك سورية، بمعان كثيرة، فلا أتخيل شخصاً عاش فيك إلا ويتوق للعودة إليك.

كانت سورية ومازالت، تخرج الكثير من المهندسين، الذين يبدعون ويتطلعون لفرصة تتيح لهم إثبات أنفسهم وقدراتهم، وهؤلاء هم الأغلبية، الذين يبحثون ويقرؤون ويطالعون ويزيدون  معارفهم، حتى يثبتوا لأنفسهم ولغيرهم، المدى العلمي والعملي الذي وصلوا إليه.

انتابني شعور غريب، ذو مسامير مؤذية عندما سمعت عن أن المهندسين في سورية سجناء!

المهندسون في بلدي سجناء؟! كيف ذلك؟! لقد كانوا رمز النضال والدفاع عن الوطن، والدفاع عن الحريات، وتعرية السلبيات، فكيف يسجنون؟! نعم لقد سجنوا، تخيلوا ذلك!!

آخر تعديل على الخميس, 25 آب/أغسطس 2016 18:33