عناصر شرطة المرور.. بشكلين ووزنين!!

تعاني الكثير من مؤسساتنا من عدد كبير من المشاكل والظواهر الغريبة التي لم تسلم منها حتى الأجهزة المسؤولة عن حماية الأمن والنظام، وفي استطلاعنا هذا الذي يعتمد الصور كدليل بصري حاسم، سنحاول أن نبين الاختلافات السيكولوجية «النفسية» والفيزيولوجية «الجسدية» بين عناصر جهاز شرطة المرور، حيث تبدو الفروق شاسعة بين العناصر الحائزين على دراجة نارية «الضابطة»، وبين العناصر العاديين «النقطة»..

لمن يريد الحقيقة... 

تلفتُ الماشي والراكب في شوارع وطرقات مدينة دمشق عاصمة البلاد والمدينة الأكثر ازدحاماً في سورية، حقيقة صارخة؛ وهي ذلك الاختلاف الواضح في البنية الجسدية فيما بين عناصر الشرطة، وهذا الاختلاف وإن خاله المرء بدايةً، اختلافاً عادياً وسطحياً، إلا أنه في الحقيقة يعكس معانٍ كبرى وأساسية في المضمون.

فبمجرد وقوف الشرطي سائق الدراجة أمام الشرطي العادي يتبادر إلى ذهنك فوراً الرقم /10/ لعدم التناسب الهائل بينهما (طولاً وعرضاً ووزناً)، وتفصح ملامح الوجوه عن الهوة الشاسعة التي تفصل بينهما، فبينما ترى وجه الشرطي سائق الدراجة ممتلئاً ومنتفخ الخدين، ترى وجه الشرطي العادي شاحباً مسمراً نحيفاً، يترك لديك انطباعا مأساوياً، رغم كل ما قيل ويقال عن الرشاوى والإكراميات التي يتلقاها خلال تعامله مع أصحاب السيارات والحافلات، وحتى المشاة.

سألنا بعض المارة في الشوارع عما يعرفونه عن شرطة المرور، وهل من مواصفات أو مميزات محددة تميز بين شرطة الدراجات النارية وبين الشرطة العاديين، فكان جواب كل من قابلناهم أن هناك أشياء معينة لا بد أن يتميز بها عنصر الضابطة، وإلا ما كان سيملك كل هذا الطول والعرض والضخامة، بالإضافة إلى الشوارب الكبيرة، ويبدو أن هذه الميزات مطلوبة من إدارة المرور عند التقدم إليها للانتساب لسلك شرطة المرور.

إلا أن أحد العناصر ينسف هذه النظرية النمطية من جذورها تماماً، بتأكيده أن إدارة المرور ليست لديها أية شروط على المتقدم لسلكها، وخاصةً قسم الدراجات النارية، وأن توزيع الدراجات يتم حسب وجود الشواغر، وليس لدى الإدارة اعتبارات أخرى لتسليم دراجة نارية لشرطي دون غيره، وبالتالي فإن ما يعتقده المواطنون غير صحيح نهائياً. هذا العنصر لم يُخفِ امتعاضه من ظروف عمله، وعدد الساعات التي يداومها، وإحضاره موجوداً، للعمل في أي وقت تريده الإدارة.

عناصر النقاط، أي الشرطة العاديين، ثمة الكثير يقولونه عن عملهم المضني، فالشرطي محمد الذي لم يصدق أننا نقوم بتحقيق عن رجال شرطة المرور ولصالحهم، قال: «لأول مرة منذ أن عملت شرطياً أرى مواطناً سورياً، بغض النظر عن صفته، يدافع عن الشرطة»، وعندما سألناه عن الاختلافات الجوهرية بينه وبين زميله الآخر، صاحب الدراجة الذي كان يبعد عنه مسافة 50 متراً فقط، قال محمد وفي كلامه حسرة كبيرة: «عندما بدأت العمل في سلك الشرطة، منذ سبع سنوات كان وزني يبلغ سبعة وستين كيلو غراماً، أما الآن فقد انخفض وزني إلى ستين كيلو غراماً، بيمنا زميلي هذا يزداد ضخامة ووزناً وسُمنةً من سنة لأخرى، وأنا أخجل من الوقوف بجانبه في الشارع بسبب هذه الفوارق».

وقال لنا عنصر آخر: «إذا أردتم رؤية الفوارق الحقيقية بيننا وبين عناصر الضابطة، فما عليكم  إلا أن تأخذوا في إحدى الاجتماعات الصباحية صورة تذكارية لنا ولهم!!»

لذلك يجب شرح العلاقة ما بين الوزنين... عفواً الشرطيين، فالمنطق يقول إن شرطي الدراجة يجب أن يكون أخف وزناً من الشرطي العادي بسبب كثرة تجواله ونزوله وصعوده المتكرر على الدراجة، بينما يجب أن يكون شرطي النقطة أو الشرطي الواقف على الإشارة أكثر وزناً وضخامة لقلة تحركه ووقوفه الدائم في مركزه، ولكن الواقع يدحض ذلك بشكل فيه الكثير من الكاريكاتورية.. فما هو السبب يا ترى؟!

 أحد عناصر (النقطة) أكد لقاسيون أنه يقف في مكانه لأكثر من ثماني ساعات متواصلة يومياً، بالإضافة إلى يوم أو يومين من العمل الإضافي في الأسبوع خلال الفترة المسائية، وهذا يؤدي إلى إصابة العديد من زملائه بأمراض كثيرة، وخاصةً الديسك والدوالي، والأمراض الأخرى المتوزعة حسب الفصول، وبالأخص فصلي الشتاء والصيف، حيث البرد القارس والأمطار شتاءً، والحرارة العالية والشمس اللاهبة صيفاً.

إن الكلمة الشعبية المرادفة لكلمة الشرطي هي «الرشوة»، وإن أي شرطي مهما كانت صفته  لا يضحك حتى للرغيف الساخن كما يقال، وإنهم في أي موقف غير قادرين على إمساك أعصابهم فيبدؤون بعزف سيمفونية الشتائم المتواصلة التي يجيدونها بكافة اللهجات، ومن كل الأنواع والأشكال، ولا يخفى على أحد الطرق السحرية التي يتمتع بها معظم العناصر في تناول المعلوم من أي سائق، مخالفاً كان أم غير مخالف.

لكن كل هذا لا يمنعنا من طرح السؤال مجدداً: لماذا هذا الفرق الشاسع في جميع المواصفات بين شرطي الدراجة النارية والشرطي العادي؟ هل يعرف أحدكم السبب؟؟!!

آخر تعديل على السبت, 26 تشرين2/نوفمبر 2016 22:59