رحلة المشقة في «الدائري الشمالي» بحلب

تبدأ رحلة المشقة للراكب في باص الدائري الشمالي بحلب في اللحظة ذاتها التي يقرر فيها اتخاذه وسيلة للنقل.. فدوامة الانتقال من دوار قاضي عسكر وصولاً إلى المدينة الجامعية، وهي سفرة يومية وحتمية على كل من يركب هذا الباص من عمال وموظفين وحرفيين وطلاب وسواهم.. قد يشعر الواقع فيها أنها لن تنتهي أبداً!!

فمنذ لحظة الصعود إلى الباص يدرك الراكب أية ورطة اضطر لإيقاع نفسه بها، بدءاً من قطع التذاكر تحت ضغط التدافع، مروراً بالازدحام الكبير وقوفاً وجلوساً، وليس انتهاءً بالانتظار الطويل أملاً في فرصة، ولو متأخرة، للجلوس على أحد المقاعد، وهو ما قد يعتبره البعض من المعجزات والخوارق بسبب تنافس الركاب الموجودين داخل الباص على هذه الميزة الهائلة!!
وفي العموم، غالباً ما يتجاوز عدد ركاب «الدائري الشمالي» حاجز الـ/55/ شخصاً، علماً أن الحد الأقصى المسموح به هو /33/ راكباً، بكل ما يعنيه ذلك من حدوث الكثير من الإزعاجات، الطبيعية في مثل هذه الظروف، فبعض الركاب يكلم بعضهم بعضاً بصوت مرتفع، وكثيراً ما يمر في حديثهم الناشز والنابي.. والبعض الآخر يسلّي نفسه بالموبايل ألعاباً وموسيقا وغيرها، مع كل ما يسببه ذلك من إزعاج لبقية الركاب.. ولعل الأسوأ هو أسلوب قيام المفتش بالتفتيش، حيث غالباً ما يمارس ذلك بطريقة استفزازية ينقصها التهذيب واللباقة، علماً أن بطاقة الركوب ثمنها /8/ ل.س ويتم بيعها بـ /10/ ل.س.. وكأنما المبدأ هنا هو: اجمع أربع بطاقات واحصل على رحلة مجانية!!
 ومن الجدير ذكره هو أن من يقومون بجمع هذه البطاقات (التذاكر) لا يتجاوز عددهم /10%/، كما أن أغلب هذه الباصات الموجودة في مدينة حلب يقع عليها هذا الكلام مثل خطوط: مدينة هنانو، طريق الباب، الدائري الجنوبي، إلخ..
 وهناك أمر آخر يجب التنويه له وهو أن باصات الدائري الشمالي تصبح نادرة الوجود يومي الجمعة والسبت، فإذا كان العدد الكلي للباصات العاملة على الخط هو نحو /50/ باصاً، فإنها يومي الجمعة والسبت تنخفض إلى نحو /10/ باصات، ما قد يرفع عدد الركاب في كل باص إلى أكثر من /60/ راكباً.. وبالتالي فلنتخيل ما سيؤول إليه الوضع في هذه الحالة، خصوصاً وأنه بدون الإقلال من عدد الباصات هناك ازدحام خانق فكيف مع تناقص العدد بهذه الصورة؟!.
وفي ضوء كل ما سبق تبادر هناك بعض الأسئلة يجب طرحها، ونرجو من المعنيين الإجابة عنها:
لماذا هذا التعامي المقصود للمسؤولين في المدينة على كل هذه المخالفات؟ ولمصلحة من، علماً أن مصلحة الوطن والمسألة الوطنية لا تحتمل كل هذا الإهمال واللا مسؤولية؟
ولماذا لا يكون سعر البطاقة /5/ ل.س بدلاً من /8/ ل.س.. وقد مرّ أعلاه أنها تباع بـ/10/ ل.س.. ولماذا لا يتم تحديد عدد الركاب لكل باص؟
أخيراً، لماذا لا تقوم الحكومة بالاستفادة من القطاع العام في مجال النقل وهو من أربح القطاعات، وبذلك تزيد من دخل الخزينة، كما تقوم بتشغيل عدد كبير من الشباب العاطلين عن العمل؟
وكملاحظة أخيرة، يجب ألا ننسى أن أغلب أصحاب هذه الباصات هم أعضاء حاليون أو سابقون في مجلس الشعب..