حلب الصمود أم حلب الكارثة؟
محمود نصري محمود نصري

حلب الصمود أم حلب الكارثة؟

تطالعنا معظم وسائل الإعلام الرسمية السورية، المرئية وغيرها، باستضافتها لمن تسميهم بالباحثين السياسيين والعسكريين الاستراتيجيين، حيث يتبارى معظم هؤلاء بالحديث عن صمود حلب وعن صناعتها وتجارتها وحضارتها واقتصادها وفنها، وحتى طبخها وأكلها... الخ.

 

إن كل ما قيل ويقال عن مدينة حلب وأهلها، وخاصة عندما يدور الحديث عن وضعها الراهن وصمودها، هو خداع وتضليل ورشوة لهؤلاء، وفي أحسن الحالات لرفع معنوياتهم لا غير. 

لأن من يريد لمدينة حلب وأهلها، بشقيها الشرقي والغربي، الصمود بوجه الإرهاب يجب أن يوفر لها عوامل الصمود الأساسية، وليس بالكلام الإعلامي الذي لا يغني ولا يسمن من جوع. 

فهل جرى تشغيل معامل المدينة الصناعية، أو نصفها على الأقل، عبر تأمين مستلزمات تشغيلها وعملها، من أمان وطريق وكهرباء وماء ومستلزمات الإنتاج الأخرى، لتمتص جزءاً من البطالة للقوى العاملة، وترفد البلد ببعض المنتجات.

حلب مقطوعة من الماء والكهرباء منذ فترة ليست بالقصيرة، وعندما تأتي تكون بالقطارة، حيث لا تفي بالغرض المطلوب منها، والمسؤولون يدّعون أن سبب ذلك هو الإرهاب.. 

والله إنه لأمر عجيب! وكأن الإرهاب غير موجود سوى في حلب!.

فهناك محافظات عديدة تعمل معاملها ومنشآتها، وتزوّد بالماء والكهرباء، رغم إحاطتها بالمسلحين، ورغم الظروف الأمنية الصعبة فيها. 

بعد قطع طريق الراموسة من قبل الإرهابيين؛ ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسب تتراوح بين 50% إلى 100%، وليس السبب الرئيسي لهذا الارتفاع هو طول الطريق لعدة كيلو مترات، ولكن بسبب الترفيقات الجديدة التي تم فرضها على السائقين وأصحاب البضائع، وبسبب الإتاوات والرشاوى التي تدفع لمن هبَّ ودبَّ، ولمن يفترض بهم أن يحموا ويعززوا صمود أهل حلب، الذين باتوا أقرب إلى الموت من الحياة وباتوا يخافون ترك منازلهم، لا بسبب الأعمال العسكرية، بل بسبب الواقع الأمني المنفلت الذي يؤدي لسرقتها مباشرة عندما يغادرونها. 

هذا غيض من فيض عما تعانيه مدينة حلب، والذي يجب أن يوضع له حد نهائي ليترك شيئاً من الصمود الداخلي لأهل المدينة، الذين إذ يرحبون ويعتزون بأي نصر عسكري يحققه الجيش العربي السوري؛ فإنهم يدركون بأن حل الأزمة السورية يتطلب أولاً: إيقاف الكارثة الإنسانية، ومنها كارثة مدينة حلب، بشقيها الغربية والشرقية، والذهاب للحل السياسي الذي يؤدي للتغيير الجذري العميق والشامل، والذي يعيقه إلى الآن المتشددون من أصحاب المصالح باستمرار الحرب على مختلف أطراف الصراع، مع داعميهم المحليين والإقليميين والدوليين.