لا يموت حق: حياد المحكمة واستقلالها

لا يموت حق: حياد المحكمة واستقلالها

من المسلم به في النظم القانونية المعاصرة وجوب احترام مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء هو نتيجة من نتائج هذا المبدأ وهو ضمانة أساسية لحقوق الأفراد والأشخاص طبيعيين كانوا أم اعتباريين وأيضاً ضمانة لحرياتهم أكثر من كونه امتيازاً للسلطة القضائية..

وأقصد باستقلال القضاء وجوب ممارسة السلطة المذكورة لنشاطها بحرية دون تدخل سلطة من السلطات الأخرى داخل الدولة أو الخضوع لرقابتها أو تأثيرها بأي شكل من الأشكال، أما القضاة فهم أحرار مستقلون لا سلطان عليهم لغير القانون.
وبدون شك أغلبنا متفق على أن المباشرة الفعالة للوظيفة القضائية تستلزم أن يكون القضاء مستقلاً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، بل على العكس فإن القضاء متمثلاً بالمحكمة الدستورية العليا يملك مراقبة أعمال السلطة التشريعية عن طريق الرقابة على دستورية القوانين، كما أن السلطة التنفيذية قد تكون طرفاً في نزاع ينظره القاضي عن طريق دعوى الإلغاء أو التعويض عن قرارات هذه السلطة التي تتسم بعدم المشروعية وأستطيع الجزم بأن خضوع السلطة القضائية لرقابة السلطة التنفيذية وخشيتها من التصدي لتجاوزاتها وانحرافاتها يجعل القوانين المتعلقة بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون جدوى وحتى يتحقق الاستقلال للقضاء يتعين أن تخضع كل المسائل المتعلقة بتعيين القضاة ومرتباتهم ونقلهم وترقياتهم وعزلهم وانتهاء خدمتهم للقوانين والتشريعات وأن تنظم بموجبها، وأقترح ويوافقني في هذا الكثير من الزملاء المحامين والسادة القضاة أن تكون السلطة القضائية خاضعة لهيئة مستقلة تمام الاستقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية (إنشاء نادي للقضاة) كما هي الحال في مصر. واستقلال القضاء يفترض بالضرورة توافر جملة معايير أهمها طريقة اختيار القضاة، مدة خدمتهم ووجود ضمانات قوية تكفيهم شر الضغط عليهم والتأثير في أحكامهم من أية جهة أتى هذا الضغط.أما بالنسبة للحياد فهو شرط أساسي من شروط تولي القضاء وأقصد بالحياد (الشخصي والموضوعي) على السواء وعلى سبيل المثال وليس الحصر فالحياد الشخصي يستوجب عدم علم القاضي المسبق بمعطيات الدعوى أو بوقائعها وعدم وجود أية صلة شخصية بين القاضي وأحد أطراف الدعوى المطروحة أمامه، أما الحياد الموضوعي فيقاس في كل قضية على حدة ولا صلة له بمعطيات شخصية. أقول ما تقدم ذكره وقد صدر المرسوم القاضي بإحداث المعهد العالي للقضاء  الذي أتمنى ويتمنى معي الجميع أن يكون أداة لرفع المستوى القانوني وتحسين الأداء العملي لقضاة الحكم والنيابة العامة  فلا يكفي أن نحقق العدالة نظرياً وإنما يجب أن نلمسها ونراها..