يامن طوبر يامن طوبر

بيع قسائم المازوت.. والمعالجة المنقوصة

كيفما حركت سهم (الماوس) على صفحات الويب لابد أن يقع على عبارة «الإتجار بقسائم المازوت المدعوم» وهي ظاهرة عامة شملت محافظات القطر كافة، ومؤخراً تم اعتقال عشرات المواطنين في محافظة حماة ممن اشتروا هذه القسائم أو باعوها.

فهل فكرت هذه الجهة أو تلك قبل اعتقالهم بالسبب الكامن وراء بيعهم لهذه القسائم؟ وكيف علمت الجهات الأمنية بهؤلاء الأشخاص ومقدار ما باعوه، في حين أنها لم تر كيف يبيع الفريق الاقتصادي البلاد بأسرها؟

المواطن (أ) قرصه الجوع هو وأولاده، فاضطر لبيع قسيمتين بسعر تسع ليرات للتر الواحد، وعلى إثرها اعتقل وترحّل من مفرزة إلى أخرى حتى وصل إلى أحد الفروع وتم التحقيق معه، ولدى سؤاله عن سبب ما قام به، أجاب بألم: «أريد أن أشتري خبزاً لعائلتي، رغم علمي بأن الشتاء البارد جداً في منطقتنا (الغاب) لا يرحم، وأن هذه القسائم لا تكفي لشتاء يعد الأطول في بلادنا، وما كنت لأبيع هذه القسائم لو توفر البديل..».. مضيفاً أن هناك من يبيع أثاث بيته ليأكل!!.

أما المواطن (ع) فيقول: «بعد أن هدأت الأحوال في لبنان، أردت الالتحاق بعملي في أحد المعامل هناك، ولكن أحتاج إلى 2500 ل.س أجور نقل ومصروف مؤقت ريثما أستلف دفعة على الحساب من صاحب العمل، والكل يعلم كم الأحوال ضيقة، فما كان أمامي إلا بيع ثلاث قسائم».

أحد سماسرة البيع والشراء يعتبر عمله مشروعاً، فهو (من وجهة نظره)، يقدم خدمة للمواطنين المحتاجين، وأنه يستفيد ويفيد البائع والشاري. ويقول: «البلد كله خربان، والحرامية لم يبقوا على شيء، فقد سرقوا الجمل بما حمل، وصار الناس يجمعون الروث»!.

تصرف الجهات الأمنية تجاه عملية بيع القسائم صحيح ولاغبار عليه، لكنه قاصر، ويشبه قيام هذه الجهات بالمداهمات المفاجئة للدكاكين لقيام أصحابها ببيع الدخان المهرب، فيما لا أحد يعترض طريق البواخر المحملة بالممنوعات في عرض البحر ولا الشاحنات القادمة من العراق محملة بها، كما يجري غض النظر عن المخازن الكبيرة المكتنزة بالمهربات.

بعض المناطق والقرى معروفة باسم مناطق التهريب، وتضم أسواقاً سوداء محمية من بعض الجهات لقاء (خوة) أو شراكة، والمستغرب أن الجهات الحكومية تحمل المواطن المسؤولية عن كل ما يحصل من شرور ليغرق بالدفاع عن نفسه، وتبعد عن نفسها الشبهات بإدانة الحلقة الأضعف: المواطن الفقير الذي ينهكه الجوع.

والملفت أن الجهات الأمنية قد أفرجت عن المواطنين في اليوم التالي، ولكنها لم تصادر القسائم التي ضبطت بحوزة التجار.. فما هذه المعالجة المنقوصة؟؟

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 02:03