نزار عادلة نزار عادلة

كيف يتحقق النمو .. مع ضرب الصناعة والزراعة والثروة الغنمية؟

أخيراً قال وزير الصناعة عندما سئل عن أسباب تأخير صدور مشروع مرسوم إصلاح القطاع العام التابع لوزارته: إن المشروع فات أوانه، ولن يصدر مطلقاً!!

الوزير كان صريحاً وواضحاً أيضاً، عندما طرح الاتحاد المهني المختص أمامه مشاكل وصعوبات قطاع الغزل والنسيج، والتي اعتبرت هذا القطاع استراتيجياً ويأتي بعد النفط، ويعول عليه في رفد الاقتصاد الوطني بصورة كبيرة من خلال تطويره وتحديثه وتوسيعه بما يسمح بتصنيع كامل إنتاج سورية من القطن المحلوج، وبالتالي تأمين فرص عمل أكبر وتحقيق قيمة مضافة يسهم في تحسين الدخل القومي؛ إذ قال: النسيج كما النفط ليس صناعة إستراتيجية!! والاستيراد أفضل وأرخص من الإنتاج! وحاجة القطاعين العام والخاص من القطن سنوياً 575 ألف طن، وأي إنتاج زائد عملية غير مجدية من الناحية الاقتصادية، إذا حسبنا استهلاكه للمياه وما سيدفع حالياً للفلاح حيث وصل ثمن الكيلو إلى 41 ل.س بعد التسعيرة الأخيرة.

وكان الوزير واضحاً وصريحاً أيضاً عندما قال: هناك قرار بإيقاف الدوام بشركة مصابغ حمص من أجل إنشاء شركة مشتركة مع القطاع الخاص لإقامة مشروع لإنتاج أقمشة الجينز، وأن معمل حرير الدريكيش سيتحول إلى موقع سياحي.

بصراحة

طالما بدأ كشف المستور، نأمل أيضاً من السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تكون صريحة أيضاً، وأن تعلن بأن مشروع تعديل قانون العمل /91/ لعام 1959 الذي أعدته وشكلت من أجله لجان وعقدت حوله اجتماعات، ووضع اتحاد العمال الملاحظات عديدة حوله وتم الوعد بإضافتها للمشروع إلا أن النقاش لم يصل إلى نتيجة في موضوعين اعتبرهما الاتحاد العام للعمال جوهر القانون، ولم يتم اتفاق حولهما، وأبرزهما المادة /65/ التي تجيز لصاحب العمل في أي حال من الأحوال إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة، والتي تلغي أبرز مكسب عمالي تحقق منذ 50 عاماً وهو إلغاء لجان قضايا التسريح، لتعطي لرب العمل الحق وقت يشاء بتسريح العامل دون تقديم أي مبرر.

اعترضت النقابات، ومنذ أشهر يقال أنه رفع من أجل التصديق والصدور ولكن لم يصدر، ونأمل صراحة من السيدة الوزيرة بأن تقول إن المشروع تأخر وأوقف ولن يصدر لأنه لا يرضي تماسيح المال في البلد. 

لا زراعة للقطن

ونأمل أيضاً من وزير الصناعة أن يتحدث بوضوح وأن يقول علناً إن تعليمات وصلت إلى الوزارة من منظمة دولية، تطلب من سورية عدم زراعة القطن، لأن الموارد المائية شحيحة في كل بلدان العالم، وأن هذه المنظمة حريصة على المياه السورية من الاستنزاف. ونأمل أيضاً الوضوح والصراحة وأن يقول الوزير بأن سورية ليست بحاجة للثروة الغنمية الموجودة لأن خبز المواطنين المدعوم يقدم لها بديلاً عن الأعلاف المفقودة والتي تتاجر بها طغمة معروفة منذ سنوات عديدة. 

تراجع... تراجع

كان إنتاج القمح لسنوات 5.20 مليون طن وفي هذا العام مليون ونصف. وكان إنتاج القطن مليون طن انخفض إلى الـ 500 ألف، ولا حاجة لنا به.!

تراجعت الثروة الغنمية. تراجع القطاع العام الصناعي.. والسؤال: من أين يتحقق النمو، وعجز الموازنة ارتفع بالسنوات الأربع الماضية إلى أربعة أضعاف، وإذا استمر العجز قائماً يعني ذلك أننا سنكون دولة بلا موازنة في آخر الخطة التنموية العاشرة. 

فإلى أين تقود الحكومة بلدنا؟

اترك هذا الجواب للوقائع التي تعيشها يومياً. وأترك هذه الوقائع لأهمس في أذن وزير الصناعة بأن شركة مصابغ حمص خاسرة بالمليارات، لأنها كانت تعمل على آلات إنتاجية عمرها 60 عاماً، وبقيت دون إصلاح أو تطوير أو تحديث، وتعتبر متحفاً للتاريخ الصناعي في العالم، وقبل أن تتوقف عن الإنتاج نهائياً كانت تنتج أكياس خام بكلفة الكيس 60 ل.س ويباع بـ 15 ل.س، وأجريت دراسات وشكلت لجان حولها، وقدمت لها مشاريع لإنتاج الجينز بقرض من البنك الإسلامي، ورفض المشروع بعد أن صرفت الأموال الهائلة على الدراسات، وقدم المشروع لمستثمر في القطاع الخاص في صفقات فساد معلنة، وابتلت هذه الشركة بإدارات وضعت الشركة في الحضيض. الآن يعلن الوزير عن إقامة خط جينز، أو شركة مشتركة مع القطاع الخاص.. طبعاً القطاع الخاص أقام مشروعه منذ أن أجريت الدراسات قبل سبع سنوات، والآن تقدم له الأرض واحتياجاته الأخرى. 

عودة إلى النسيج

اقترح عمر الحلو رئيس الاتحاد المهني للغزل والنسيج:

1) إصدار قانون إصلاح القطاع العام وإعطاء الفرصة الكافية للمؤسسة والشركات لإعدادها وتهيئتها وإعطائها صلاحيات تامة وتحميلها كامل المسؤولية ومحاسبتها على النتائج وليس على كيفية صرف النفقة.

2) معاملة الشركات وفق قانون الاستثمار وإعطاؤها الصلاحيات والميزات والإعفاءات المعطاة للشركات المحدثة وفق هذا القانون.

3) إعطاء إدارات الشركات صلاحيات كاملة في مجال التخطيط والإنتاج والتسويق وتشغيل العمالة شريطة تحقيق ريعية تجارية تتناسب مع حجم رأس المال.

4) إعادة تأهيل الشركات واستبدال عمليات الاستبدال والتجديد وتمويل ذلك إما من وزارة المالية أو من أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

5) دمج الشركات بحيث يكون هناك تكامل في المراحل الإنتاجية خاصة الشركات المنتجة للغزول والأقمشة الممزوجة والصنعية مع شركات الألبسة الجاهزة في كل من حلب ودمشق.

6) دعم أو تنشيط الصادرات أو إنشاء صندوق خاص لذلك على مستوى كل مؤسسة..

7) إعادة النظر بسياسة الانفتاح ووضع ضوابط جمركية لحماية المنتجات النسيجية.

8) فرض رسوم تحت أسماء غير الجمارك أو الضرائب على المستوردات من المنتجات المنافسة للمنتجات بحيث تعود هذه الرسوم إلى صندوق دعم الصادرات النسيجية.

9) إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الدول العربية أو الصديقة بحيث تكون هناك ضوابط أكبر لشهادات المنشأ.

10) دعم الصناعات النسيجية وشركات القطاع العام في مسألة الوقود والطاقة الكهربائية، وتخفيف الرسوم والضرائب.

11) إلزام جهات القطاع العام بالاستجرار من الجهات العامة لكافة احتياجاتها ووضع ضوابط لذلك.

12) إنهاء تعدد الوصاية على الشركات وخاصة في مجال التفتيش.

13) العمل على استقدام خبرات عربية وأجنبية في مجال الصناعات النسيجية وخاصة في الصباغة والطباعة والتجهيز النهائي وفي التصميم والأزياء والملابس الخارجية والداخلية.

14) إعادة النظر في مسألة الاهتلاكات وإعطاء الصلاحية للمؤسسة وإدارة الشركات في توزيع الاهتلاكات.

15) إلغاء دور هيئة تخطيط الدولة في الموافقة على الخطط الاستثمارية، وربط ذلك بالوزارة والمؤسسة.

بالمحصلة أيضاً:

مجرد اقتراحات لم تجد آذاناً صاغية وسط حمى الانفتاح واللهاث وراء العولمة واللبرلة والسمسرة والعمولة والمحاصصة.. إلخ...