فلاحو وملاّكو «الحسانية».. والصراع على الأرض

تقع قرية «كاني كركي» في منطقة المالكية في محافظة الحسكة، واسمها في سجلات وزارة الزراعة «الحسانية»، أما في السجلات المدنية فتسمّى «الفداء»..

وفي العام 2007 استولى الملاكون على مياه ينابيع القرية الأربعة، استناداً إلى المرسوم /56/ لعام 2004، وغطوا سقوف هذه الينابيع بالبيتون، واستجروا مياهها لمصلحتهم الخاصة، مانعين أهل القرية منها.

ثم تقدم الملاكون بإنذارات للفلاحين في بداية عام 2008 عن طريق كاتب العدل لفك علاقة الزراعة، ورد الفلاحون عليهم عن طريق كاتب العدل أيضاً، بأن ليس بينهم علاقات، فغاية ما هناك أن الفلاحين استصلحوا واستثمروا مساحات واسعة من أراضي أملاك الدولة، فما كان من الملاّكين سوى أن ادعوا بأن ملكية هذه الأراضي تعود إليهم، ولجؤوا إلى القضاء للفصل في النزاع، فلجأ الفلاحون بدورهم إلى اتحاد الفلاحين وفرع حزب البعث والمحافظ، وتشكلت لجنة بتوجيه من المحافظ لتمكين الفلاحين من أراضي أملاك الدولة، وقد قامت اللجنة بفرز ما مساحته /60/ هكتاراً من الأراضي، /50/ هكتاراً منها للفلاحين على قاعدة أجور مثل، و/10/ هكتارات للملاكين. وعند قدوم اللجنة المذكورة، تدخل الملاكون بأساليب مختلفة، لكي يتم استبعاد حوالي /22/ هكتاراً من أراضي أملاك الدولة من الفرز والتسجيل.

أثناء تقديم الإنذارات للفلاحين، لم يتم تبليغ سوى ثلاثة فلاحين بالإنذار من أصل /18/ فلاحاً وجهت الإنذارات باسمهم، حيث كان البقية خارج القرية للعمل أو لخدمة العلم. وفي اتفاق ملفق بين الشرطة والملاكين، تمَّ التوقيع والختم من المالك شامي محمد أحمد على إنذارات التبليغ، وهكذا بدا أن الفلاحين رفضوا تلقي إنذارات التبليغ، مما يخول المحكمة اتخاذ حكمها عليهم غيابياً. وعلم الفلاحون بذلك فأقاموا دعوى تزوير قضائية ضد المالك واثنين من رجال الشرطة، فتم إيداع الثلاثة في السجن لمدة /12/ يوماً، ثم تم تحويلهم إلى القضاء العسكري، باعتبار أن اثنين منهم يعملون في السلك الأمني.

واستمر الملاكون في ألاعيبهم، وحاولوا إقامة ساتر ترابي بين أراضي الفلاحين، غايتهم منه تجزئة هذه الأراضي إلى حيازات صغيرة تصعب زراعتها، فلجأ الفلاحون مجدداً إلى التنظيمين الفلاحي والحزبي في المالكية، وقد وقف التنظيمان مع الفلاحين، لكن مدير المنطقة أصرَّ منفرداً على إرسال لجنة إلى القرية لإقامة السواتر، معتمداً على كتاب من المحافظ، فذهب وفد من الفلاحين مجدداً إلى المحافظ، ليوضح له أن خط سير الساتر الذي ينوي الملاكون إقامته يمر كله عبر أراضي الفلاحين المستثمرة على قاعدتي أجور مثل ووضع يد، وهي أراض لا حقَّ للملاكين بالتصرف بها قبل البتِّ النهائي بشأنها، فأوعز المحافظ إلى مدير المنطقة، و اللجنة المختصة لترسيم صورة كروكية عن خارطة الأراضي، ليصار فيما بعد التصرف وفق الواقع على الأرض.

وهكذا تستمر وقائع الصراع على الأرض في هذه القرية، مثلما يحدث في عدد كبير من قرى الوطن، في ظل تراخي وتقاعس الجهات المختصة عن اتخاذ موقف حاسم إلى جانب الفلاحين في ذلك الصراع، وتفشي الفساد والمحسوبية اللتين تمكنان الملاكين من اغتصاب الأراضي من أصحابها الشرعيين.

آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 22:34