قرية الصفصافة في طرطوس نهبٌ للمنتفعين ومخترعي القرارات إحياءُ لجان التجميل وإزالة الشيوع إرضاءٌ لعلاقات ومكاسب شخصية

إن المشكلات التي يعاني منها المواطنون، والتقصير في الخدمات، وضياع الحقوق، مازالت واقعاً يتنامى في وجود بعض أصحاب النفوس الضعيفة، الذين يحكمهم الطمع وانعدام الضمير، ويظنون أن من حقهم التلاعب بالقرارات، بحكم وظيفتهم ومنصبهم، ومن حقهم تجييرها لخدمة مصالحهم الخاصة، أو إرضاء لعلاقاتهم الشخصية، الأمر الذي أدخل معظم مجالس المدن والبلدات والنواحي، وعلاقتها بالخدمات المقدمة للأهالي، في متاهات لا نهاية لها.

ففي قرية الصفصافة في ريف طرطوس، كان الهدف من أعمال لجنة التجميل واستصلاح الأراضي، المشَكَّلة بقرار من وزير الزراعة والإصلاح الزراعي يحمل الرقم /142/ لعام 1974، إفراز الأراضي الزراعية الشائعة بين مالكيها، أو تجميع الأراضي الزراعية المجزأة تجزئة مفرطة، بإعطاء المالك قطعة واحدة أو أكثر، بدلاً مع القطع العديدة المتفرقة، وذلك من أجل تسهيل استثمارها واستصلاحها، ولكن هذه اللجنة توقفت طويلاً عن العمل بسبب العمران وقانون الاستصلاح، فتقادم تشكيلها وتم إلغاء قرار النفع منها بقرار وزير الزراعة رقم 13/و تاريخ 15/7/2007، وألغيت جميع الإجراءات المسندة إليها ومهمات أعضائها. وبموجب قرار الإلغاء تحول قاضي التجميل في الصفصافة، إلى قاضي عقاري في طرطوس.

بعد ذلك عادت اللجنة من تحت الرماد، بقرار لا ندري مصدر إحيائه، أو كيف أو من قبل من تمت فبركته، سُمِّي القرار رقم /1/ تاريخ 22/8/2007، يقضي بتشكيل اللجنة، بصفتها ومهمتها القضائية، وبعضوية شخصين غير موظفَين، ودون تكليف وزاري. وكانت شروط تشكيل اللجنة مخالفة بشكل واضح وصارخ للقوانين والمراسيم، لافتقارها لقاضي تجميل، وممثلٍ عن المحافظ، وخبيرٍ يسميه المحافظ، وممثلٍ عن الأهالي. وضمت عضواً انتحل صفة مندوب اتحاد الفلاحين بالمحافظة، ولم يتم الحصول على الموافقة اللازمة مسبقاً من وزير الزراعة لتشكيل هذه اللجنة، بل تم استدراك الموافقة على ذلك بتاريخ 10/10/2007، بكتاب لا يحمل رقماً، وليس بقرار إداري أو وزاري، وبذلك تكون الجهة التي أصدرت الموافقة قد تجاهلت قرار إلغائها قانونياً. 

تفاصيل إلغاء قرار النفع العام

المرسوم التشريعي رقم /166/ لعام 1967 الخاص بتنظيم أعمال التجميل، قيد الأعمال المذكورة بجملة من القيود، فالمادة رقم /1/ قصرت تطبيقه على الأراضي الزراعية حصراً، والمادة /7/ أبعدت لجان التجميل عن مباني القرية صراحة، بتحديدها للمسافة التي يجب أن تفصل أعمال التجميل عن مباني القرية. أما المادة /5/ فقد قيدت تدوين أسماء مالكي الأراضي المشمولة بالتجميل بجدول، وأوجبت المادة /7/ فقرة /ب/ الإعلان للاعتراض على الجدول المذكور، أي أن القانون لم يعتبر هذا الجدول قطعياً. وبصدور القانون رقم /4/ لعام 1983 الذي قيدت فيه المادة /1/ التصرف في أراضي الاستصلاح بشيوع الملكية، أي بإبقاء الشائع على شيوعه، وإعادة المجمل إن وجد إلى شيوع الملكية، فإن جميع أعمال التجميل توقفت في الأراضي الخاضعة للاستصلاح.

وبناء على اقتراح اجتماع المديرية العامة للمصالح العقارية بدمشق في 3/7/2007، بعضوية قاضي عقاري طرطوس ورئيس دائرة المساحة فيها، وتصديق المدير العام، صدر قرار وزير الزراعة رقم 13/و تاريخ 15/7/2007، بإلغاء قرار النفع العام الصادر عن وزير الزراعة الإصلاح الزراعي رقم /142/ لسنة 1974، من أعمال التجميل في قرية الصفصافة، وذلك استئناساً بالمتبع لقرية متن الساحل (التي عادت إلى الصحائف العقارية الأساسية). وبإلغاء قرار النفع العام، تعتبر لجنة تجميل الصفصافة ملغاة، مع كل ما بني على قرار تشكيلها من آثار ونتائج. 

الاجتهاد في القانون

بحسب القانون رقم /84/ لعام 1949، المادة /373/2، سقطت بالتقادم الطويل مجمل أعمال التجميل المرحلية المتوقفة في الصفصافة لسنين طويلة، وليس هناك إمكانية لاستمرارها أو العودة إليها، وطول المدة لا يحجب سلبية آثارها فضلاً عن عدم اكتمال الأعمال حتى الآن.

يعد مصدر قرار إلغاء اللجنة وحده صاحب الاختصاص بإعادتها، وبقرار إذا قضت الحاجة لها، وهو وزير الزراعة، حسب المادة رقم /12/ من المرسوم ذاته. وبناء عليه فإن أي قرار يصدر عن لجنة التجميل بعد قرار إلغائها، وأي إجراء تتخذه يعتبر غير قانوني وغير نافذ، وإن أمين السجل العقاري غير ملزم بتنفيذ القرارات الواردة إليه، لأن هذا التنفيذ يكون خاطئاًَ في الاجتهاد وغير قانوني. لذا فإن قرار إلغاء النفع العام من أعمال التجميل بمنطقة الصفصافة العقارية متبوع بإلغاء نتائجه، من تصاريح وقرارات، وأولها قرار تشكيل لجنة التجميل الجديدة. 

كيف عادت اللجنة إلى الحياة؟

خلافاً لكل القرارات والقوانين والمراسيم وتجاوزاً على قرار إلغاء النفع العام من لجنة تجميل الصفصافة أعيدت اللجنة بالقرار رقم /1/ تاريخ 22/8/2007 غير المذيل بتوقيع والذي يقضي برئاسة قاضي عقاري طرطوس لهذه اللجنة وأسند هذا القرار على قرار وزير الزراعة رقم /13/ تاريخ 15/7/2007 الذي يلغي عمل اللجنة، ولم يكن قرار إعادة اللجنة وترؤس قاضي عقاري طرطوس لها لاستئناف العمل من النقطة التي توقفت عندها اللجنة السابقة، بل لتنفيذ ما ألغاه قرار الوزير، وتم استدراك استصدار موافقة على تشكيل اللجنة بعد تشكيلها وذلك بالقرار الصادر عن المدير العام للمصالح العقارية رقم 961/ع تاريخ 10/10/2007 ولذلك عادت اللجنة إلى الحياة بموجب كتاب وليس بموجب قرار وزاري، وهذا مخالف للنص الصريح والواضح للمادة /12/ من قانون التجميل، فالموافقة بهذه الحالة لم تكن للموافقة على قانونية اللجنة بل لمنحها الغطاء استدراكا من غير صاحب القرار. 

بعد عدم الشرعية تجاوزات على القانون

اغتصبت اللجنة سلطة القضاء وغيرت في نص المادتين 5/هـ و 7/ب من (جدول أسماء خاضع للاعتراض) في نص قرار التشكيل القديم إلى (سجل ملكية قطعي) في النص المشكل للجنة العاملة حالياً، خدمة لبعض المالكين، واستبدلت شروط المادة /8/ للإيهام بقطعية التصاريح والقرارات، حتى تلك الصادرة بعقارات مبنية لم تدخلها اللجنة، وضمن منطقة العمران المستثناة من أعمال التجميل، وعقارات الاستصلاح المعادة إلى شيوع الملكية.

وخالفت بذلك القرار الوزاري المسند على محضر اجتماع المديرية العامة للمصالح العقارية في دمشق بتاريخ 3/7/2007 بعدم معاملة الصفصافة كمعاملة متن الساحل، وفوتت على كثير من المواطنين حق الاعتراض على ترقين أسماء، أو تسجيل أسماء جديدة خلافاً للقيود الأساسية، وكانت أضرار المواطنين مصيرية وهدامة. 

تأثير هذه التجاوزات على المواطنين

تضرر كثير من المواطنين بأملاكهم وحقوقهم وسقط حق التملك عن مالكين أساسيين، وتملك آخرون دون وجه حق، وسقط حق الاعتراض، حيث تم تزوير قانون التجميل في قرار تشكيل اللجنة من النص فيه على (جداول أسماء) في المادة 5/هـ و(خضوع هذه الجداول للاعتراض) في نص المادة 7/ب، وتم تغيير النص إلى الدمج بعبارة (سجل ملكية قطعي) في قرار اللجنة، رغم عدم لحظ هذه الصفة لأي سجل بقانون التجميل.

فالسجل المزعوم المرفق بتحديد اللجنة، لا يحق للمواطنين الاعتراض عليه رغم أنه مزور، والملكية بموجبه مزورة، واعتباره قطعياً يجعل محتوياته وتنفيذه استعمالاً للمزور مرتين، مرة كسجل ومرة كمحتويات سجل مزعوم.

ومن المخالفات الكثيرة المرتكبة نورد مثالين على تملك دون حق، وآخر على حرمان الملك، فقد تم مخالفة للقانون وبقرار إداري عام 2007، وعندها حصلت بعض المشاكل وانفضحت التجاوزات تمت إعادة الملكية لصاحبها الأساسي حسماً للمشاكل. ومن جهة أخرى فإن المواطن علي.م.خ يملك 1800 سهم في العقار 637 مجمَّعة رضائياً وشراكة مع المواطنَين (سمير وتامر إسبر بشور) اللذين يملكان أصلاً 800 سهم، بادلاها للإصلاح الزراعي بعقار آخر، وبالنتيجة تم تخصيص المواطن علي.م.خ بـ225 سهماً فقط، وفقد حقه لسبب مجهول بـ1575 سهماً، رغم الوثائق العدلية بحصة مغارسته منذ عام 1958، وشرائه للباقي عام 1972، ورغم امتداد الصلة والاستمرار والعلانية بوضع اليد الذي يحميه ويشرعنه التملك شراءً والإنشاءات المرخصة والسكن، والوقوع بمنطقة العمران المستثناة من الشمول بالتجميل. 

التجاوزات القانونية في قرار تشكيل اللجنة

1- ضم في عضويتها اثنين غير موظفين وأعطى الأول المدعو (م.م.د) صفة مندوب اتحاد الفلاحين مع أنه غير منظم في الاتحاد المذكور، وأعطى الثاني المدعو (ف.ع.ش) صفة ممثل عن الأهالي بدون علم الأهالي.

2- ساوى عدم دخول اللجنة لمنطقة العمران، المستثناة نصاً من التجميل، بمسح الأراضي الزراعية، وقبل التعرف على الواقع المبني والمسكون المانع من الشمول بالتجميل.

3- أعطى للقاضي العقاري في طرطوس صفة رئيس اللجنة دون مستند، لأنه أصبح بإلغاء اللجنة السابقة قاضياً عقارياً لا قاضي تجميل.

4ـ- مرر أعمال اللجنة السابقة، وثبت أعمالها غير المكتملة على أنها قطعية وسليمة قانونياً، وكأنه لم يعترف بإلغائها بقرار وزاري رسمي.

5- استعمل توصيف قراره على أنه قرار لجنة تجميل، مع أنه مخالف لشروط المادة 12 من قانون التجميل، التي تنص على عدم التجميل بتمرير أعمال لجان سابقة دون موافقة الوزير المختص.

6- الموافقة على نقل ملكية العقار 637 من اسم مالكه الأساسي علي.م.خ إلى أسماء أقارب عضو اللجنة غير القانوني (م.م.د) والذي يحمل عداوة كيدية (كما جاء في شكوى المدعو علي.م.خ) تجاه المالك، لأنه حصل على حق التملك بدعوى استملاكية عام 1986. ثم عاد (م.م.د) بصفته عضواً بالمجلس البلدي، للتدخل بذات العقار المسجل أصولاً باسم المالك علي.م.خ، الذي أقام ضده دعوى جزائية لكف يده عن التدخل بأملاكه. وهذا ما ذكر في نص قانون التجميل في المادة 174/ح، حيث لا يجوز الأخذ برأي أحد أعضاء اللجنة (إذا كانت قد أقيمت بينه وبين أحد المتداعين أو أحد أقاربه أو مصاهريه حتى الدرجة الرابعة، دعوى مدنية أو جزائية خلال السنوات الخمس السابقة)

7- إصدار سندات دون مستند، وبيانات ملكية جديدة مغايرة لعقود الشراء المسندة على الصحائف العقارية الأساسية، المقترنة بوضع اليد. 

أسئلة برسم الجميع

إلى متى يبقى بعض ضعاف النفوس يستقوون بوظيفتهم ويستغلونها لتنفيذ مآرب شخصية أو لخدمة المقربين والأصدقاء دون محاسبة أو مساءلة؟! وإلى متى ستبقى الرقابة مطبقة على سجلات التفتيش دون اهتمام؟!

ما سبب عدم النزول عند حكم النص المانع من تجميل ذات المنطقة العمرانية لإخراجها من الشمول به؟

كما يحق لنا أن نسأل أيضاً: أين مفاعيل القرار الوزاري بإلغاء قرار النفع العام لسنة 1974 (من أعمال التجميل بإلغاء التصاريح والقرارات المسندة عليه إن وجدت)؟ وأين هي حصة الدولة؟ التي لم تبق للدولة، ولم ترجع للمستولين عليها؟

وكيف يتم تفويت حق الاعتراض على المتضررين بما فيهم مديرية أملاك الدولة؟!! 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.