أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

قبل دفعها إلى المذبح.. إنقاذ الثروة الحيوانية واجب وطني ملحّ!

قبل دفعها إلى المذبح.. إنقاذ الثروة الحيوانية واجب وطني ملحّ!

الحكومة تركز دائماً على مجالات وقطاعات معينة تريد إصلاحها وتهمل ما يبنى عليه الاقتصاد السوري مثل قطاع الزراعة وتربية المواشي الذي يشكل تقريباً 25% من إجمالي حجم الاقتصاد السوري، والرعاية الحقيقية غير موجودة بعد فأحوال المواشي التي تربى أو التي تُعد للذبح تزداد سوءاً من حيث التربية والبنى والمسالخ المتواضعة والغائبة عن الرقابة، وفي أغلب الأحيان مفقودة تماماً عنها، ومن حيث اللحوم التي تقدم إلى المواطنين إن كانت دجاجاً أم لحماً أحمر.

يزداد الطين بلة بانتشار الجفاف وتدهور الغطاء النباتي بشكل ملحوظ في مناطق الجزيرة وحمص ودرعا والسويداء، حيث أدى الجفاف إلى تراجع مساحة المراعي التي أصبحت نادرة الأعشاب ويقتصر وجودها على محيط مصادر المياه، وشملت المعاناة مناطق كثيرة من البادية التي افتقرت للمياه اللازمة لسقاية المواشي ولاسيما في حماة وحلب وريف حمص بسبب انخفاض الآبار والسدود، والمشكلة متفاقمة حول وضع المواشي وخصوصاً أننا الآن مقبلون على مواسم التوالد والتكاثر، والسؤال الذي يحير الفلاحين و لا يجد حلولاً لديهم هو: هل ستوزع المقننات العلفية بعدل، وهل ستدعم الحكومة الفلاحين المنكوبين مربي المواشي؟

إن واجب الحكومة كبير جداً في دعم هذا القطاع ومراقبته من حيث الأسعار وتوزيع العلف المسيطر عليه وتحريره من يد رؤساء الجمعيات وأمناء المستودعات، وفي جولة ميدانية لـ«قاسيون» في مناطق ريف دمشق للتقصي حول الأسعار في جمعيات مثل جمعيات النشابية والشيفونية وحوش الضواهرة وحوش نصري تبين ما يلي:

سعر 1 كغ من العلف المركز في الجمعيات يساوي 11.5 ل.س، وسعر 1 كغ من العلف الحر في المعالف يساوي 19 ل.س،ونصيب رأس البقر الواحد من العلف 10 كغ لكل شهر وفي الواقع هذه الكمية لا تكفي إلا لوجبة واحدة.

سعر 1 كغ لمادة النخالة الحكومية يساوي 5.6 ل.س، بينما في السوق يساوي 18.5 ل.س، علماً أن هذه المادة لا توجد إلا في مستودعات الدولة، وعند البحث عنها تجدها عند التجار بأسعار عالية ولا تجدها في الجمعيات، وهذه المادة تستخدم في غذاء الأغنام.. فما سر هذا اللغز؟.

البقرة الواحدة بحاجة إلى 360 كغ من العلف، إذ أنها تأكل في اليوم 12 كغ، بينما تنتج في اليوم 15 كغ حليب أي في الشهر 390 كغ ما عدا أيام الجمعة التي لا يباع فيها الحليب.

وبحساب الأسعار يظهر التالي:

سعر العلف المقدم للبقرة الواحدة يساوي 6840 ل.س، سعر بيع الحليب بالسعر الذي يشرى من الفلاح هو 16 ل.س، أي يساوي المجموع 6240 ل.س، والحليب في السوق نجد سعره 30 ل.س، إذاً سعر الحليب لا يغطي مصروف البقرة واحتياجاتها، هذا من جانب، ومن جانب كيفية توزيع العلف وتحديد المخصصات تشكل لجنة للعد والإحصاء من الوحدة الإرشادية مع مندوب للجمعية ويقومون بعد المواشي لدى الفلاح وهنا ترى العجب، حيث يتم وضع أسماء وهمية لنيل المخصصات ومن ثم يستلمون المخصصات هم ويبيعونها في السوق السوداء، ويوجد حيل أخرى مثل دفع رشاوى للجنة أو تتعامل في المحسوبيات لتسجيل عدد مخالف عن الواقع للحصول على كميات إضافية من العلف.

ونجد أيضاً أن دور الجمعية محصور تماماً في توزيع الأعلاف فقط، والجمعيات الإرشادية ينحصر عملها في تقديم اللقاحات فقط.

أدلى الفلاحون بما لديهم فأوضحوا أنه بخصوص العلف المخزن في المستودعات فإنه لا يوزع ويبقى حتى يتعفن وبعدها يتم توزيعه على الجمعيات ويباع بعد ذلك للفلاحين بأسعار أقل من العادية، ما يؤدي إلى ظهور أمراض في البقر ويؤثر على الحليب ويزيد التعرض للأمراض مثل التهاب الضرع والاسهالات الشديدة وأمراض معوية للحيوان والإنسان الذي  يتناول من حليبها ولحمها.

خلاصة القول: بات لزاماً على الحكومة اتخاذ التدابير الضرورية لحماية الثروة الحيوانية بأسرع وقت على اعتبار ذلك واجباً وطنياً لا يقبل التأجيل، وإلا سنرى ثرواتنا كلها تصطف طوابير على أبواب المسالخ.. بانتظار الذبح!.

آخر تعديل على الأربعاء, 15 حزيران/يونيو 2016 13:40