التأمين الصحي لموظفي الدولة.. خبر كاذب على باب غرفة العمليات: ادفع بالتي هي أحسن!


تتجلى معاناة موظفي القطاع العام في حمص وغيرها من المحافظات السورية بالعديد من المجالات، ولهذه المعاناة بطبيعة الحال آثارها الاجتماعية العميقة التي لا تخفى على أحد، ومن أشكال هذه المعاناة غياب آليات واضحة تؤمّن الضمان الصحي للموظفين رغم الحديث الحكومي الكثير والقديم عن هذه الآليات وأهميتها.

في هذا السياق، سجل مراسل «قاسيون» في حمص دخول أحد الموظفين العاملين في الشركة العامة للدراسات المائية، ويدعى كنان مصطفى، بحالة إسعاف إلى المشفى الأهلي في حي الزهراء بحمص، وهو المشفى الوحيد في المنطقة، وبعد فحصه قرر الأطباء في المشفى إجراء عملية تركيب شبكة (شرايين) للمريض سريعاً، وبشكل إسعافي، فطلبت إدارة المشفى من الأهل وضع /150000/ ألف ل.س ضمانة للبدء بالعملية، وذلك على الرغم من إثبات الأهل أن ابنهم المريض موظف في الدراسات المائية.. وبعد أخذ ورد، طلبت الإدارة من الأهل تزويدها بإحالة من طبيب الشركة موقعة أصولاً كشرط للبدء بالعملية، وفي اليوم التالي تم جلب الإحالة من الشركة أصولاً، ولكن العملية لم تُجر، بل وتمت مماطلة الأهل مزيداً من الوقت، إلى أن قيل لهم في اليوم التالي إن المشفى لا تستطيع إجراء العملية لأنها مكلفة مالياً، وتقدر تكاليفها بنحو /200000/ ألف ل.س، وحجة المشفى أنها لن نسترد ثمن العملية من الصندوق المشترك إلا بعد شهور، وبالمحصلة باءت كل محاولات الأهل لإقناع الإدارة بإجراء العملية بالفشل، ولم يستطع الأهل جمع مبلغ /100000/ ألف ل.س لوضعها في المشفى والبدء بإجراء العملية، وفي اليوم التالي خرج الموظف المريض من المشفى دون إجراء العملية، وها هو حالياً يقيم في منزله ويعاني سكرات احشاف  دون معين، منتظراً قضاء ربه دون أمل، إذ لا توجد مشافي عامة في حمص غير المشفى الوطني، أما الجمعيات الأهلية فهي غير معنية بالموظفين المنتمين للصندوق المشترك، ومن جهة ثانية فإن الصيدليات في حمص لا تقبل بصرف الوصفات الطبية المجانية لكون تحصيل ثمن الوصفة من شركات التأمين أو الصندوق المشترك متعذر حالياً جراء الأزمة التي تمر بها البلاد.

وسواء أكانت الأزمة وظروفها تمثل مبرراً لبعض التقاعس في تقديم الخدمات الصحية لموظفي القطاع العام أم لا، فإن الضمان أو التأمين الصحي لموظفي الدولة ما يزال أمراً غائباً عن معظم الحالات المرضية التي يعانيها الموظفون، ولاسيما أولئك الذين بذلوا خلال سنوات خدمتهم الوظيفية جهوداً جبارة للمحافظة على سير العمل في دوائرهم وحيث يعملون، وهاهم اليوم يعانون الظلم مضاعفاً حين لا تنظر إليهم مؤسسات الدولة التي ساهموا ببنائها بعين الالتزام، بل وتتملص بعض الجهات المناط بها خدمة المواطن والموظف من مسؤولياتها بحجج تكاد تكون أقرب للنفاق.. وفي النهاية يبقى الموظفون في معاناتهم غارقين.. ولا من معين أو مجيب!.

إن تأخير العمل بأساسيات الضمان الصحي للموظفين سيزيد من أعباء الموظفين وأسرهم على حد سواء، ولن يخدم إلا في زيادة أوجاع المواطنين بما يخدم المخططات الرامية إلى زعزعة استقرار البلاد، لذلك لابد من الإسراع بحل جميع هذه القضايا العالقة وعلى أكمل وجه، بما يخدم منعة الوطن وأمن المواطنين.