!!أكثر من طرف «ثالث».. والحراك يستمر
سلام نمر سلام نمر

!!أكثر من طرف «ثالث».. والحراك يستمر

كرّس مسار الحدث الذي رافق الحراك الشعبي الذي دخل منذ أيام شهره السابع، واقعياً، طرفين متصارعين هما النظام من جهة والحركة الاحتجاجية من جهة أخرى، وكانت أكثر من جهة من خارجهما ولو نظرياً، طوال هذه الفترة، تحاول أن تشكل طرفاً ثالثاً يحصد ثمار إنهاك وضعف الطرفين، أو تحاول أن تصلح ذات البين بينهما اتقاءً لتفاقم الأمور ووصولها إلى مأزق لا فكاك منه..

 

 

فبغض النظر عن الأصابع الآثمة الكثيرة، الداخلية والخارجية، التي حاولت وما تزال تكريس الفتنة وتأجيج الحريق المشتعل بأكثر من طريقة لعل أهمها الدفع نحو الاحتراب المسلح، كان هناك أكثر عن محاولة ذات نوايا حسنة للسيطرة على الوضع الراهن وإنقاذ البلاد من الوقوع في الهاوية التي بانت معالمها للقاصي والداني، لكن دائماً كانت تخبو أو تصاب بالوهن أو العجز مع استمرار نزيف الدم.. ولعل السؤال الأهم في هذه الأوقات العصيبة: إلى متى يستمر القتل وتوديع الشهداء يوماً بعد الآخر؟ من يوقف هذا الجرح والنزف الدائم؟

اليوم، النظام بات مرتبكاً من كثرة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه من جانب الغرب (أمريكا وأوروبا)، وكثرة تكاليف الحرب الوهمية التي أدخل الجيش فيها.. ولا يجد مخرجاً آمناً مما أوقع نفسه والبلاد فيه.

والمعارضة باتت هي الأخرى مرتبكة وعاجزة، وهي التي ما انفكت تحاول منذ اليوم الأول من اندلاع الاحتجاجات انتهاز الفرصة، وسعت لتوحيد صفوفها أكثر من مرة ولم تنجح، حتى باتت الآن أكثر ما يخيف قادة الاحتجاجات الشعبية على الأرض، تلك المعارضة الخارجية والداخلية التي حاولت الركوب على ظهر حركة الاحتجاج منذ نعومة أظافرها للوصول إلى أهدافها، والكثيرون من زعمائها ونجومها يعملون وفق تعليمات سواء كانت من الخارج أو من النظام نفسه، وهذا التباين ظهر جلياً في جمعة الحماية الدولية..

إذاً، لم يعد خافياً على عمق الاستعصاء القائم بين الطرفين المتنازعين، الحراك والنظام، لأن كليهما تجاوزا حدود المفاوضات والحوارات وما يزالان يتقاتلان فيما بينهما، الأول بقوة سلاحه «الجيش والأمن والشبيحة» والثاني الذي أخذ قراره بالاستمرار بالتظاهر السلمي حتى إسقاط النظام.

ومع ذلك لم يبرز حتى الآن طرف ثالث قوي، حقيقي وذو غايات وطنية صرفة ومشروع واضح، وقادر على كسب ثقة الناس، لإنهاء الاستعصاء القائم، وكل طرف ثالث يبرز بين الحين والآخر، يتضح أنه عبارة عن طفل أنابيب مشوه خرج إلى الواقع بصورة مفتعلة، إما كملحق خفي للطرف الأول، أو هو ناتج عن صراعاته الطويلة في شراكة السلطة والمال، وبعضه كان تاريخياً صلة وصل بين النظام والمعارضة على أساس أنه لابد دائماً من وجود أحد من هذه الشاكلة.

يقول ماركس، وهو خير القائلين: «لا تلعبوا أبداً بالانتفاضة قبل أن تكونوا على أتم الاستعداد لمواجهة جميع عواقب لعبتكم، فالانتفاضة معادلة أرقامها غير محدودة إطلاقاً وقد تتغير كل يوم»..

السيادة الوحيدة اليوم هي لمن يعمل على الأرض، لا لمن يحاول أن يعرقل التاريخ، وكل البرامج والاشتراطات تسقط مقابل التضحيات اليومية لشباب التغيير في سورية، وتسمية «أيام الجمع» لن تؤخر أو تقدم شيئاً أمام إرادة من لا يعنيهم القشور، كونهم متمسكين بالجوهر من أجل بناء سورية جديدة لكل السوريين.