الامتحان الوطني: معلومات ملتبسة وأهداف مبهمة!

الامتحان الوطني: معلومات ملتبسة وأهداف مبهمة!

التقت «جريدة قاسيون» بمجموعة من الطلاب من كليات الصيدلة وطب الأسنان لمناقشة، المشاكل التي رافقت «الامتحان الوطني»، وتبعات هذا الموضوع التي باتت تهدد مستقبل الكثير من الطلاب، هذا الامتحان الذي أقر في هذه السنة كشرط للتخرج في هذه الاختصاصات، بعد أن كان في السابق شرطاً لازماً للدراسات العليا بعد التخرج.

المشاكل التي رافقت الامتحان الوطني كانت كثيرة ولها انعكاسات عديدة، ولازال الموضوع إلى الآن غير محسوم.

قرار مفاجئ

يحتاج الامتحان الوطني لوقت كافٍ للتحضير، وهذا معروف مثلاً في كليات الطب البشري، فهم يعلمون مسبقاً بوجود الامتحان ويحضرون له في السنة الأخيرة، أما المشكلة التي واجهت الاختصاصات الأخرى كانت أنهم لم يحصلوا على الوقت الكافي للتحضير.
أحمد «وهو طالب سنة تخرج في كلية طب الأسنان» قال: وضعنا يختلف عن طلاب الطب البشري، لا يمكن بأي شكل من الأشكال التحضير للامتحان الوطني خلال شهرين فقط.
أما نورا «وهي طالبة تخرج في كلية الصيدلة» فقالت: السنة الأخيرة في كليتنا هي سنة مكثفة وضاغطة، فيها الكثير من مواد العملي بالإضافة إلى امتحان الملازمة، وهذا يمنعنا من التحضير للامتحان الوطني خلال هذا الوقت القصير.

ليس هناك مصدر موثوقاً

على الرغم من أن القرار لم يكن متوقعاً، إلا أن الطلاب وما إن صدر؛ حتى بدأوا التحضير له، لكن سرعان ما بدأت الأخبار تتضارب، حيث وضح (أحمد) لماذا كانت هذه القرارت ملتبسة على الطلاب: يعتمدون الغموض!، صدر القرار من المكتب القومي بإلغاء الامتحان، لكن الوزارة لم تعلق على الموضوع لأكثر من شهر، وكأن الموضوع لا يعنيهم، إلى قبل موعد الامتحان بحوالي الخمسة أو الستة أيام، وأعلنوا أن الامتحان لازال قائماً ولم يتغير شيء، واعتبرت الوزارة أنه لم يصدر شيء رسمي، إلا أخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن هذا الكلام نشرعلى الموقع الرسمي وليس على وسائل التواصل الاجتماعي!!.
وأكدت (نورا) ما سبق وأضافت: هذا بالإضافة إلى أن هذا القرار ظهر بالشريط العاجل على التلفزيون الرسمي، وكان هذا بالنسبة للطلاب تأكيد على أن الامتحان لن يكون شرطاً لازماً للتخرج.
ونور «وهي طالبة تخرج في كلية الصيدلة أيضاً» أكدت: اتصلت بمركز القياس والتقويم، وراجعت الجامعة، لم يستطع أحد أن يعطيني معلومة مفيدة وموثوقة، ومع هذا سجلت على الامتحان الوطني وقدمت الامتحان، فتفاجأت بأن علامتي قد حجبت، لأنني رسبت بمادة واحدة، ولم أستطع التأكد مسبقاً حول هذا الموضوع بسبب تضارب المعلومات، بكل بساطة لم يعد لدينا ثقة بالجهات الرسمية، بسبب عدم الوضوح في القرارات والقوانين.


ميزات للجامعات الخاصة؟

تعتقد (نورا) بأن طلاب الجامعات الخاصة، لا يبذلون الجهد نفسه ولكنهم يأخذون تسهيلات، وأكدت (نور) على هذا أيضاً، فقالت: أعتقد أن هناك من يحاول أن يسهل الأمور على الجامعات الخاصة، فهم كانوا على علم منذ بداية السنة بالامتحان الوطني، لأنه إجراء روتيني، أما نحن فلم نعلم حتى الفصل الثاني، (نورا) ترى أن: الصيدلة اختصاص مرغوب في الجامعات الخاصة، فهي مطلوبة في سوق العمل، ولا تحتاج لمخابر متطورة، ولهذا تصدر قررات لتسهيل أمور طلاب الجامعات الخاصة، ولتحسين شروط منافستهم معنا نحن طلاب الجامعات العامة.
الطلاب الذين التقت معهم قاسيون لا يرفضون فكرة الامتحان الوطني من حيث المبدأ، لكنهم أجمعوا على أن هذا الامتحان يجب أن يراعي أكثر فروقات المناهج بين الجامعات.
(نور) التي أجرت الامتحان هذه السنة قالت: الامتحان ليس مستحيلاً!، فيمكن للطلاب تجاوزه إذا ما تم التحضير له بشكل جيد، مشكلتنا ليست بالامتحان نفسه، نحن نطالب بأن نأخذ فرصة متساوية مع طلاب الجامعات الخاصة، ووقت كافٍ للتحضير له، لا أكثر!.


الطلبة يدفعون الثمن!

لم تقتصر النتائج السلبية على نتائج الامتحان فقط، فكان لهذا التضارب وعدم الوضوح نتائج قد تغير مستقبل الكثير من الطلاب.
(أحمد): لم أستطع التقدم إلى الامتحان لأنني أحمل مواد التدريب الجامعي، المشكلة أن التدريب الجامعي لم يعد موجوداً، لكن الجامعة لم تقتنع بحجة أنه ليس هناك قرار رسمي بحل إدارة التدريب الجامعي بعد!!، وعند مراجعتي لإدارة التدريب الجامعي، لم يعطوني أية ورقة لإثبات ذلك، وكانت النتيجة أنني لم أستطع التقديم للامتحان، وبالتالي لن أتخرج هذه السنة، والجامعة لن تعطيني وثيقة دوام وبالتالي لن أستطيع تأجيل العسكرية، وقد أضطر للسفر، أي بعنى آخر لن أحصل على شهادتي بعد كل سنوات الدراسة، وليس هناك مخرج من هذه الدوامة!، أصبحت سنوات دراستي بلا قيمة.
(نورا) أوضحت: أن هناك حالات مشابهة كثيرة في كلية الصيدلة، وقالت: العديد من زملائي لن يأخذوا شهادتهم بسبب الخدمة العسكرية!، من غير المنطقي إيقاف حياة الناس والطلاب بسبب قرار إرتجالي وهناك خلاف حوله، كان يمكن أن يكون هناك تعاون أكثر من قبل الجهات المسؤولة عن الجامعة.

تعقيب

ما جاء على لسان الطلاب الذين التقتهم «قاسيون» يعكس الواقع إلى حد كبير، حيث لم يستطع الطلاب إيجاد مخرج من هذه الدوامة، ولم يكن لدى الجهات المعنية جواب شافٍ، لم يتضح من كلام الطلاب أنهم يحتجون على جهد إضافي عليهم أن يقوموا به، بل العكس، العديد منهم بذل جهداً حقيقياً للتحضير للامتحان الوطني، ودفعوا رسم التسجيل «3000 ل.س» وطرقوا الأبواب كلها بحثاً عن معلومة مؤكدة، وكانت النتائج كما ذكرت هذه العينة الصغيرة من الطلاب.
 السؤال الأهم يدور حول أسباب هذه التعقيدات والتضارب!، هل يمكن أن تكون هذه التعقيدات عبارة عن خدمات مجانية تقدم للجامعات الخاصة؟ أو أن ما يجري لا يتعدى كونه سوء تنسيق بين الجهات المعنية؟.
لا جدل بأن الحفاظ على مستوى العملية التعلمية يعد أولوية في هذا القطاع، وإن كان ذلك يتطلب أن يخضع الطلاب لامتحان وطني عام، فهذا يتطلب تنسيقاً وتحضيراً، يجنب الطلاب كل هذه المشاكل.
ومن غير المنطقي أن تكون آلية اتخاذ القرارات بما يخص الجامعات السورية مبهمة بهذا الشكل!، ويجب أن تصدر من المنبر الرسمي المعتمد، وتقوم بدورها بمعالجة الشائعات كلها أياً كان مصدرها.