الكهرباء في صحنايا والأشرفية: تقنين جائر.. وعريضة شعبية..

الكهرباء في صحنايا والأشرفية: تقنين جائر.. وعريضة شعبية..

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، شهدت بعض الأحياء في منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا، في الريف الجنوبي الغربي لدمشق، انقطاعات طويلة للتيار الكهربائي، وصلت إلى حدود 22 ساعة انقطاع في اليوم الواحد. الأمر الذي دفع الأهالي إلى طرح عريضة مطلبية لرفعها إلى وزير الكهرباء، بادرت على إثرها بعض الجهات المسؤولة إلى حل المشكلة مؤقتاً، على أمل حلها لاحقاً بنحو دائم.

إلى جانب الظروف القاسية التي فرضتها الحرب الدائرة على أرض البلاد، يقف الفساد والترهل في عمل بعض المؤسسات الحكومية، كعامل موازٍ في صناعة الأزمات التي يعانيها الناس. ويأتي واقع الكهرباء في بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا كأحد الأمثلة الكثيرة على ذلك، إذ شهدت بعض الأحياء في البلدتين خلال الأشهر الثلاثة الماضية انقطاعات طويلة للكهرباء خلال اليوم الواحد، وصلت إلى 22 ساعة انقطاع يومياً، في مقابل وصل الكهرباء لساعتين، واحدة في الصباح وأخرى في المساء، وفي بعض الأحيان تكون ساعتا مجيء الكهرباء مجزأة لمجموعات من الدقائق على مدى ساعات عدة. الأمر الذي دفع أهالي تلك المناطق إلى خوض سلسلة من التحركات لحل مشكلتهم، حقق بعضها نجاحات جزئية.


الحياة تغدو جحيماً!

حي التنظيم في صحنايا، كان واحداً من الأحياء التي خضعت لنظام التقنين الجائر المذكور. يروي أحد قاطنيه لـ«قاسيون» عن آثار انقطاع التيار الكهربائي لمدة 22 ساعة في اليوم: «عملياً، تتوقف الحياة من جراء ذلك؛ التلاميذ والطلاب الجامعيون لا يتمكنون من الدراسة، والأطعمة تفسد في البرادات، والمياه لا تصل إلى الخزانات كون منطقتنا تعتمد على المحركات الكهربائية المنزلية في تغذية المياه». بينما تقول سيدة من الحي ذاته: «أصبحت بيوتنا تفتقر إلى النظافة من جراء انقطاع الكهربائي، فلا إمكانية لغسيل الثياب، ولا لتخزين المؤونة في الثلاجات، ولا الإنارة كافية، ولا توجد مياه. أصبحت الحياة جحيماً!». حتى الأدوات الكهربائية البديلة التي يلجأ إليها سكان تلك المنطقة، كبطاريات السيارات وأضواء الـLED لم تعد تعمل في ظل غياب إمكانية شحنها بنحو كافٍ، أما أصحاب المحال فلم يعودوا قادرين على تشغيل المولدات طيلة اليوم بسبب غلاء المحروقات التي تشغلها.


تحركات أهلية.. وذرائع بالجملة

في محاولتهم لإيجاد حل لمشكلة الكهرباء، راجعت مجموعات من الوجهاء والمواطنين دائرة الكهرباء، في بلدتي صحنايا والأشرفية، وطالبوا بنظام تقنين مستقر وثابت، على النمط المعروف في محافظتي دمشق وريفها، (4 ساعات انقطاع مقابل ساعتي وصل). ورد الموظفون عليهم، بأن دائرة الكهرباء توجه المخصصات التي تعطى إليها إلى الأحياء المذكورة. يقول مواطن زار دائرة الكهرباء في صحنايا لـ«قاسيون»: «قلنا لموظفي الدائرة بأن أحياءً أخرى في صحنايا والأشرفية، تأتي فيها الكهرباء لمدة 16 ساعة، وهي الأحياء التي يقطنها مسؤولون محليون. وأوحى لنا الموظفون بأنهم لا يمتلكون القرار في هذه المسألة».


عريضة مطلبية

وعقب فشل محاولات الأهالي بحل مشكلتهم عن طريق دائرة الكهرباء، بادر بعض المواطنين في حي التنظيم في صحنايا، بصياغة عريضة مطلبية، حصلت «قاسيون» على نسخة منها، استعرض فيها الأهالي مشكلة الكهرباء في حيهم، وطالبوا بنظام التقنين المعمول به في دمشق وريفها، والذي ينقسم إلى 4 ساعات انقطاع مقابل ساعتي وصل، كحد أدنى لتحسين واقع الكهرباء في المنطقة، على أن يكون نظام التقنين ثابتاً. يقول أحد المبادرين في صياغة العريضة لـ«قاسيون» بأن العريضة «أخذت بعين الاعتبار الظروف التي تعانيها البلاد، لكنها في المقابل طالبت بعدالة توزيع المخصصات المتوفرة، والمساواة مع باقي الأحياء والمناطق. فهذا أضعف الإيمان!». موضحاً بأن «العريضة موجهة بصيغتها إلى وزير الكهرباء ومدير المؤسسة العامة للكهرباء. وبأنها حظيت بتوقيع نحو 150 من سكان الحي، وهم ممثلون لنحو 70 أسرة تقريباً».
وفي أثناء سعي المواطنين لتشكيل وفد لمقابلة وزير الكهرباء، اتصل ممثلون من السلطات المحلية في المنطقة بالأهالي، وطلبوا منهم التمهل في رفع العريضة، لإجراء محاولة أخيرة لحل المشكلة. وفي غضون 24 ساعة تقريباً تم وصل الكهرباء إلى الحي، في يوم الأحد،الثاني عشر من الشهر الجاري، وبقي معدل مجيء الكهرباء مقبولاً منذ ذلك الحين. يقول أحد المبادرين في طرح العريضة لـ«قاسيون»: «معدل مجيء الكهرباء منذ ذلك الحين، في حي التنظيم، يقارب 12 ساعة وصل، و12 ساعة انقطاع».


العريضة نجحت.. ولكن؟!

يرى المبادرون في طرح العريضة المطلبية، أن جهودهم أفلحت في انتزاع حقهم بمخصصاتهم من الكهرباء. إلا أن إحساسهم بالنجاح لا يخلو من كثير من الشك والامتعاض، من طريقة عمل المؤسسات الحكومية. يقول أحدهم لـ«قاسيون»: «نحن لا نريد سوى حل المشكلة. ونجحنا في حلها حتى الآن، قبل وصولنا إلى وزير الكهرباء. إلا أن الأمر المحزن، هو أننا لم نجد آذاناً صاغية قبل العريضة، بل قوبلنا بذرائع ما أنزل الله بها من سلطان. أما حين سمعت السلطات المحلية، بأننا سنذهب لمقابلة الوزير تبيّن أن الحل في أيدهم. فإلى متى سيستمر التلاعب في حق الناس الطبيعي إلى هذا الحد؟!».

الحل مؤقت.. ومشروط!

لا تزال التخوفات من عودة انقطاع التيار الكهربائي في حي التنظيم، وبعض أحياء أشرفية صحنايا ترافق الأهالي، ولاسيما وأن عودة الكهرباء تزامنت مع الأعياد ومع تحسن وضع الكهرباء عموماً في دمشق وريفها. هذا الأمر يدفع بأهالي حي التنظيم للاحتفاظ بعريضتهم والتواقيع التي جمعوها، للتأكد من أن الحل مديداً، وليس محاولة للالتفاف على تحركاتهم المطلبية. يقول أحدهم لـ«قاسيون»: «إن سارت الأمور كما يجب في الفترة المقبلة، فنحن راضون ولا نريد أكثر من ذلك. وإذا عاد انقطاع الكهرباء سنعود، ونواصل مسعانا حتى يتوقف التلاعب في حقوقنا».