سورية..  والاستحقاقات الحقيقية
خالد الشرع خالد الشرع

سورية.. والاستحقاقات الحقيقية

إن الوضع المركب وشديد التعقيد الذي تمر به سورية اليوم، يضعنا أمام مهمة تفكيك ذلك المعقد والمركب بدقة متناهية للخروج في المحصلة باستخلاصات ونتائج دقيقة وصحيحة من كل الزوايا، تساهم في إنقاذ البلاد وشعبها من كل من يخطط للإساءة لهما سواء من جهات خارجية أو داخلية.

ومن أولويات ذلك يقيناً تحديد الجميع الموقف من العدو الرئيسي ـ الخارجي المتمثل أولاً وأساساً بالدوائر الاستعمارية الغربية، وعلى رأسها الإمبريالية الأميركية ورأس حربتها إسرائيل الصهيونية، والتبصّر جيداً في أهدافهما القريبة والبعيدة، مع ملاحظة أن المخططات الإمبريالية الخارجية هنا، الأمريكية تحديداً، لا تستهدف بالضرورة الدول الممانعة لمخططاتها فقط حتى يطالها التفتيت، بل حتى الدول السائرة في ركبها والتابعة لها كون المخططات شاملة واستراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الشرق بأسره بالصورة التي تناسب أطماعها وتنقذها من الأزمة المستفحلة في صلب النظام الرأسمالي عموماً.

إن الإمبريالية بالمحصلة النهائية تفعل كل ما يلزم لتخدم مشروعها للسيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب، وتقوم في هذا الإطار بحرف كل المعارك الطبقية الدائرة في كل مكان، ومن ضمن ذلك سورية، إلى مسارات تغرق في الثانوي محولة إياه إلى رئيسي بشكل مقصود، لإعماء الناس عن المطالبة بالعدالة في توزيع الثروة، وهذا يضع كل الغيورين حقاً على سورية أمام استحقاق سياسي واجتماعي لإعادة تصويب الحراك الجاري عندنا بالاتجاه الصحيح.

وهذا يقودنا في المحصلة إلى التبصّر في الضرر الذي ألحقته السياسات الليبرالية بالمجتمع السوري، ويكشف لنا ذلك التحالف يبنى صناع تلك السياسات في بلدنا وبين الدوائر الإمبريالية، فصناع تلك السياسات الليبرالية في نهاية المطاف، أوطانهم في جيوبهم وهمهم أن يكدسوا المزيد من ثرواتهم المنقولة وغير المنقولة، وهذا يفسّر سلوكهم المخفي اليوم، فالقضية بالنسبة لهم تعني مسألة حياة أو موت، لذلك يستشرسون بالدفاع عن تلك السياسات وما حققته لهم من مكاسب، وهؤلاء يشكلون تأثيراً كبيراً بحكم الأدوات التي يملكونها لمحاولة حرف الحركة الجماهيرية الصافية ذات المطالب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عن مسارها بواسطة أذرعهم، وهذا يقودنا بالضرورة لعنوان مهم طرحته جريدة قاسيون قبل سنوات في افتتاحيتها: «ما يبدأ بالفساد ينتهي بالخيانة».

أولئك الفاسدون الكبار، فسادهم هو الذي أوصل البلاد والعباد إلى هذه اللحظة، وفي مقدمتهم الفريق الاقتصادي الذي قاد العملية الاقتصادية في السنوات الماضية. والمطلوب وطنياً اليوم محاسبة قادة العملية الاقتصادية ومحاكمته علناً، وهي اليوم مهمة وطنية لتفويت الفرصة على أولئك المتربصين بواطننا سورية سواء في الداخل أو الخارج، وارتباطهم بمن قاموا باعتقال الأطفال في محافظة درعا، والمقصود هنا من أعطوا الأوامر لتفجير الوضع وارتباطهم بهؤلاء الفاسدين في الداخل المرتبطين بقوى الفساد العالمي.

إن طرح هذه القضية تسمح بتوسيع زاوية الرؤيا، وطرح سؤال مهم: لماذا كانت المهمة رقم واحد هي درعا؟.

أليس الجواب يكمن في أن درعا ذات موقع جغرافي حساس وتقبع على حدود المواجهة مع العدو الإسرائيلي، وربما هي أهم نقطة استراتيجية في وطننا الحبيب سورية؟.

إن مشروع التفتيت المطلوب أمريكياً بتفعيل كل الأدوات التي تخدم ذلك التفتيت سواءً داخلياً أو بتأثير قوى خارجية أو إعلام مأجور أو إعلام متخلف، يزداد شراسة، ولتفويت الفرصة على هؤلاء يجب المسارعة في إطلاق عملية الإصلاح الشامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وذلك كله حفاظاً على كرامة الوطن والمواطن.

عضو رئاسة مجلس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، وأمين لجنة محافظة درعا