الرعي الجائر.. مشلكة مزمنة مطعمة بـ«لوثة» الأزمة
محمد سلوم محمد سلوم

الرعي الجائر.. مشلكة مزمنة مطعمة بـ«لوثة» الأزمة

عندما تتصاعد مشكلة تعاني منها شريحة اجتماعية واسعة، وتمس أملاكها وأمنها، وعلى مدى أكثر من عشر سنوات من الشكاوى والمراسلات والكتب والترجي مع الجهات المسؤولة في المحافظة (ولا حياة لمن تنادي)، فمن حقها السؤال عن الجهة الوصائية صاحبة المصلحة في إبقاء المشكلة تتراكم إلى حد الانفجار، تلك الجهات التي من المفترض ضمن مسؤوليتها وواجبها القانوني العمل على حل تلك المشاكل وعدم تركها لتصل إلى حد الانفجار الاجتماعي سواء كان سلوكها في ذلك عن جهل أو مصلحة أو عمد

يمتاز الشريط الزراعي المحيط بمدينة طرطوس، بالكثافة السكانية، وصغر مساحة الحيازات الزراعية، وكثافة الاستثمار الزراعي ضمن هذه الحيازات ، من زراعات محمية إلى أشجار الزيتون، إلى بعض المحاصيل الزراعية الأخرى ...الخ، ونتيجة لتداخل هذه الحيازات الصغيرة وعلى امتداد كامل مساحة القرى المتداخلة تلك من النادر أن تجد عائلة واحدة تملك رؤوساً من الماعز أو الأغنام أو حتى الدجاج، لصعوبة إيجاد مرعى ضمن أراضيها دون التعرض لأذية الآخرين ، وبالوقت نفسه جهات معينة في المحافظة سمحت لمربي الأغنام من المحافظات الأخرى بالرعي الجائر ضمن أراضيهم الزراعية، هل من الممكن التصور بأن مواطناً يمتنع عن تربية رأس واحد من الغنم أو الماعز لخصوصية الوضع ويجد في أرضه قطيعاً عدده بالمئات يأكل الأخضر واليابس ضمن أملاكه.

 تفاقم المشكلة: لم تسلم شجرة زيتون واحدة تقريبا في ذلك الشريط من إتلاف الجزء المنخفض من أغصانها من التلف واليباس والتشوه نتيجة لرعي الأغنام والماعز فيها إلى درجة قضم ساق كل شجرة زيتون جديدة النمو ( وهذا يؤدي إلى موت الشجرة حتما ويباسها )، وخلال هذه الفترة جرى الكثير من المناوشات والتهديد والشكاوى وتم حجز قسم من الأغنام لأتلافها محصول بالكامل من البيوت البلاستيكية أو الأشجار المثمرة الصغيرة، وتم تغريم البعض وترحيل قسم منهم، ولكن على ما يبدو من عوقب ورحل هو من لا سند له ضمن جهاز الدولة، ومن بقي كان أكثر شراسة وأذية، إلى درجة زادت معها الأذية لحد تكسير متعمد لأغصان كبيرة من شجرة الزيتون كي ترعاها الأغنام وهي خضراء ويستفيدون من حطبها بعد اليباس، وأصبح الأهالي على قناعة بأن ما يجري ليس فقط نوعاً من الاستهزاء بأملاكهم بل هناك من يعمل على استفزازهم وجر المنطقة إلى حالة التصادم أو إشعال أول شرارة الأزمة في المحافظة، وبالتالي التوتر والوعيد أصبح سيد الموقف.

شكاوى المواطنين:

إن الأراضي الزراعية المتضررة بعيدة عن بيوت أصحابها، ولكثرة حالات الأذية وحالات التوتر وسحب السلاح من الرعاة أحياناً جعل قسماً من المواطنين لا يحجم فقط عن زراعة أرضه بل لا يتجرأ أن (يكشف) عليها وحده، لذلك قسم من المواطنين المتضررين من عملية الرعي الجائر وخوفا من حدوث حالات من الاحتكاك مع الرعاة قاموا بمخاطبة الجهات المسؤولة والتي بيدها قرار الموافقة أو المنع أو الترحيل، ففي 1/3/2006 م تم رفع شكوى ضمن كتاب إلى المحافظ باسم مختار قرية (جديتي) ورئيس الجمعية الفلاحية يشكون حالة التعدي والضرر التي أصابت أملاكهم، وتلاه كتاب باسم بعض المواطنين المتضررين إلى المحافظ بتاريخ 6/12/2006م، ورفعت كتب إلى محافظ طرطوس آنذاك في13/7/2008م و 9/9/2008م وتمت مخاطبة الإعلام بتاريخ 10/1/2010م، وفي كل المناسبات واللقاءات التي كانت بين المواطنين والمحافظين المتعاقبين على محافظة طرطوس، واللقاءات مع الجهات المعنية، كانت شكاوى المواطنين عن الرعي الجائر تحتل المرتبة الأولى، وبعد صدور قانون تنظيم الرعي ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية الذي يحرم ويجرم الرعي ضمن الأشجار المثمرة والمزروعات، يتساءل المواطنون المتضررون عن السبب في عدم استجابة الجهات المعنية لشكاواهم، وسأل أحدهم ساخراً عن العلاقة بين بطون الخراف وبطون البعض، وهل أراضينا خارج أراضي الجمهورية العربية السورية ؟

المواطنون المتضررون يستنكرون الأسلوب المتبع عند الشكوى بضرب الراعي وحجز الغنم لفترة، وتعود الكرة من جديد لأن الراعي معظم الأحيان ليس له علاقة بالقطيع، بل يريدون تنظيم عملية الرعي خارج أراضيهم وعند تكرار الأذية يرحل القطيع، ومن يلتزم بالرعي ضمن الأماكن المحددة له يبقى فلا مشكلة لأحد معه، ولا يريدون لهذه المشكلة أن تتطور وتأخذ أبعاداً مجبرين عليها، وما سيحدث لاحقا سواء كان سلباً أو إيجاباً يكون برسم الجهات المعنية وهي القادرة على تحديده.

آخر تعديل على الأحد, 06 نيسان/أبريل 2014 03:45