المازوت أزمة مستمرة..!
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

المازوت أزمة مستمرة..!

 مازال الصراع على مادة المازوت مستمراً بين الحكومة من جهة والشعب من جهة أخرى، فعلى الرغم من انقضاء فصل الشتاء وعدم الحاجة الملحة لمادة المازوت في مثل هذه الأوقات من السنة، غير أننا نجد معظم الكازيات لاتتوفر لديها هذه المادة الحيوية والأساسية لعمل السيارات والمصانع والآلات، بل ولحياة الإنسان بشكل عام.

إن هذا الوضع الصعب والحال المتردية بخصوص مادة المازوت دفع «قاسيون» لاستطلاع آراء بعض المواطنين من مختلف الشرائح حول القضية، فكانت اللقاءات التالية:

يقول نور، وهو صاحب محل حلويات في ريف دمشق: «إن الانقطاع المتكرر للكهرباء أرغمني على شراء مولدة كهرباء كي تبقى البوظة صالحة للبيع، غير أن سعر المازوت المرتفع في السوق تارةَ وفقدانه تارةَ أخرى جعلني أقلع عن أستعمالها معظم الأوقات، فأنا غالباَ ما أكون بين نارين؛ نار تلف البوظة بسبب انقطاع الكهرباء، ونار ارتفاع سعر المازوت و صعوبة تأمينه، خصوصاً أن معظم كازيات الغوطة الشرقية قد تم إغلاقها لعدة أسباب أغلبها أمنية». ويقول أبو حمدي، وهو موظف ويمتلك سيارة بيك آب يعمل عليها بعد الظهر: «أصبحت في كثير من الأيام لا أستطيع الخروج للعمل على سيارتي وذلك بسبب فقدان مادة المازوت غير الموجودة أصلاً في معظم الكازيات، والدولة برأيي معذورة فلو وجد المازوت لما حصلت الأزمة، غير أن المادة مفقودة في الأسواق السورية بالفعل والحكومة تحاول جاهدة حل القضية، إلا أن القضية تبدو معقدة بشكل كبير وهذا ما جعلها مستعصية وصعبة الحل لهذه الدرجة».

وفي سياق متصل، يقول المواطن أبو عمر، من سكان الغوطة الشرقية: «في العام الماضي مع قسوة فصل الشتاء وغياب مادة المازوت عن الكازيات والبيوت، أجبرنا على استخدام مدافئ الكهرباء، ففوجئنا بفواتير خيالية لم تخطر لنا بالكوابيس، فمن كانت قيمة فاتورته تعادل 3000 ليرة أصبحت الآن تعادل مقدار15000 ليرة، وهذا يعني كارثة حقيقية، في حين تم بيع المازوت في السوق السوداء بـ50 ليرة للتر الواحد علماً أن سعره الرسمي هو16 ليرة فقط.. فكيف ستكون الحال هذا لعام؟».

يقول أبو أنس، وهو تاجر: «من أكثر ما يزيد في الأزمة ويشعل نيرانها هو غياب المصداقية عند الحكومة والذي يسبب حركة غير منتظمة ومضطربة في الأسواق تبرر للناس ما يفعلونه، فالحكومة مثلاً مازالت في كثير من الأحيان تصر على أن مادة المازوت موجودة بكثرة في كثير من الكازيات، وأن أزمة المازوت إلى حل وانفراج قريب، غير أن الواقع لا يوحي بذلك، وهذا ما يسبب قلق وتوجس الناس من تجار وأصحاب المصانع التي تعمل بالمازوت، والذين يندفعون إلى تخزين المواد الأساسية التي يحتاجونها فالمصانع وهي محقة في ذلك، إذ أنها تخشى من نقص المازوت في الأسواق مما سيؤدي إلى توقف عملها».

                                             

سائقو السرافيس ومشكلة المازوت

لعل القضية الأولى لدى الكثير من السائقين تبدأ بقصة المازوت وصعوبة الحصول عليه والمعاناة اليومية في البحث عن الكمية المطلوبة لمتابعة العمل، وربما الوقوف لساعات طويلة في طابور الانتظار أو حتى دفع مبالغ مضاعفة لشراء المادة من السوق السوداء.. هذا ما دفع الكثير من سائقي السرافيس لعدم متابعة الخط بالكامل مثل ميكرويات (سقبا – كفر بطنا- شارع الثورة)، حيث  أصبح السائقون لا يتابعون الطريق ويكتفون بالوصول إلى منطقة الزبلطاني، بينما القسم الآخر من السائقين أخذ يعمل على أن يكسب عطف الركاب تارةً ويتعامل معهم بالصراخ والصوت العالي تارة أخرى، بغية الحصول على زيادة في التسعيرة والأجرة، أما البقية فتركوا مهنتهم، وانصرفوا للبحث عن عمل آخر لكسب لقمة العيش.

يقول السائق أبو حمزة، وهو سائق على خط كفربطنا: «كثيراً ما تحصل مشاحنات بيني وبين الركاب وفي كل سفرة ذلك لأن تسعيرة الخط في سقبا وكفر بطنا وضمن الضواحي هي خمس ليرات، وأنا دائماً أطلب الحصول على عشر ليرات، بالسابق كنا نرضى بالخمس عن طيب خاطر ونرجع الباقي دون أن يطالب الراكب بها، ولكن حالياً تعرضنا نحن السائقين إلى خسائر فادحة في عملنا ففي ظل أزمة فقدان المازوت من معظم الكازيات أصبحنا نرغم على شرائه من السوق السوداء، وبأسعار خيالية تصل إلى 40 ليرة مقابل كل ليتر»، ويتابع أبو حمزة قائلاً: «لقد وعدتنا وزارة النفط سابقاً بحل أزمة فقدان المازوت من خلال تزويدنا يومياً ما بين 50 إلى 60 ليتراً لكل سرفيس، غير أننا وإلى اليوم لم نحصل على أي ليتر إضافي، وأنا الآن أتمنى على الوزارة الجديدة أن تجد حلاَ لتضع به حداً لمعاناة جميع السائقين العاملين على السرفيس في سورية».

ويقول أبو صلاح، سائق على خط عين ترما البلد: «لقد أصبح تأمين مادة المازوت صعب جداً في هذه الأيام وفقدانها يدفعنا لشرائها من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة ما يجعلنا لا نلتزم بالتسعيرة الأساسية، ولا نتابع الطريق كاملاً باتجاه دمشق، ونكتفي نحن وميكرويات سقبا بالذهاب إلى منطقة الزبلطاني، فالالتزام بالتسعيرة و كامل الخط سيؤدي إلى خسارة السائق، وأتمنى أن تعمل المحافظة على زيادة التسعيرة ريثما تعمل الوزارة الجديدة على إيجاد حل لمشكلة نقص المازوت في الكازيات»، يقول أبو أحمد، وهو سائق على خط مزة جبل: «تقع بيني وبين الركاب الكثير من المشكلات كوني لا ألتزم بالتسعيرة النظامية وأضطر إلى أخذ زيادة على التسعيرة الرسمية المحددة بخمس ليرات إلى منطقة الشيخ سعد وعشر ليرات إلى البرامكة، فأنا أطلب عشر ليرات مهما كانت المسافة فينبغي على الركاب والدولة أن يعلموا أن السائق بالمحصلة مواطن لديه عائلة لها متطلبات كثيرة، لا يستطيع العامل سائقاً على السرفيس تأمينها، خصوصاً في الظروف الحالية ومع الأزمة الحادة الحاصلة في مادة المازوت»، ويتابع أبو أحمد: «لا توجد لنا أية مخصصات من مادة المازوت من قبل وزارة النفط كما أن المادة متوافرة بالسوق السوداء بأسعار مضاعفة والحقيقة أن وزارة النفط لا تبذل أي جهد لتوزيع المازوت على السائقين، فالمازوت موجود والدليل الكمية الموجودة في السوق السوداء غير أن الحكومة لاتريد أن تحل القضية».

خلاصة الكلام

لعل عدم توفر المازوت في الكازيات وفقدانه من الأسواق السورية وظهوره بكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة بالسوق السوداء يعني أن المادة موجودة غير أن هناك بعض الفاسدين يحاولون زيادة متاعب الشعب وحرمانه من هذه السلعة الإستراتيجية ذات المكانة الاجتماعية والاقتصادية الهامة، والتي تشكل مفصلاً هاماً من مفاصل الحياة الاقتصادية الاجتماعية للبلاد، وقضية من القضايا الشائكة والمعقدة، فهل ستنجح الحكومة الجديدة في حل هذه المشكلة الصعبة التي طال أمدها وأرهقت السوريين طويلاَ؟ً.