سيناريوهات حكومية جديدة

سيناريوهات حكومية جديدة

بدأت وزارة الشؤون الاجتماعية اعتباراً من منتصف هذا الشهر توزيع دفعة جديدة من المعونة الاجتماعية لمستحقيها في جميع المحافظات، وذلك بالرغم من الانتقادات التي وجهها وزير العمل بخصوص طريقة التوزيع، وبخصوص المسح الاجتماعي الذي في ضوئه تم اعتماد قوائم المستحقين.

وقبل أن تبدأ الوزارة بتوزيع هذه الدفعة سبقتها بجملة تصريحات عن سيناريو جديد للتوزيع سيتم تطبيقه في السنة القادمة، وقال وزير العمل إن الدراسات المتعلقة بهذا السيناريو أصبحت جاهزة.

أما لماذا هذا السيناريو الجديد، فيؤكد الوزير أن السبب يعود إلى رغبة الحكومة في توصيل الدعم بشكل حقيقي إلى مستحقيه، لأن الحكومة السابقة لم تتمكن من توصيل الدعم إلى الفئات التي تستحقه.

الوزير الحبيب لم يترك السيناريو الجديد رهناً للتوقعات، ولاجتهادات البعض، فقد كشف عن بعض تفاصيله، مبيناً أنه يقوم على البدء بمسح ميداني للأسر الفقيرة، ومن ثم خلق مشاريع تنموية تغطي المدن والأرياف، بحيث يتم تعليم الناس كيفية الحصول على المال بدلاً من إعطائهم إياه، وذلك على مبدأ تعليم الناس طريقة الصيد بدلاً من إعطائهم السمك.

ويعتقد الوزير أن توزيع الدعم بشكل مالي لا يحدث فرقاً لدى مستحق الدعم، وأن إنتاج مشاريع صغيرة تعود بريع دائم عليه أفضل وأكثر ديمومة.

الوزير الحبيب الذي يقول بأنه ليس من أنصار توزيع الدعم على شكل مبلغ (كاش)، وهو يشجع إحداث مشاريع تنموية في مختلف المناطق السورية يردد بعض السيناريوهات التي تحدثت عنها الحكومة السابقة، وأدت إلى أخطاء فادحة في المسح، ونتائجه، وفي القروض الصغيرة التي اقترحتها ووزعتها لمشاريع الأسر الفقيرة، واستفاد منها غير المستحقين، واستغلها وسطاء بين المواطن والبنك، ودفع المواطن من جيبه رشاوى تساوي ما تقدمه الوزارة من دفعات المعونة.

ولكن ما يستحق السؤال مجدداً: ما هي الشروط الجديدة ليستحق المواطن شرط استحقاق المعونة، ففي الحسكة تم توزيع الدفعة الجديدة من المعونة بالشروط القديمة التي يتفاخر بتعدادها مدير بريدها: (سيتم توزيع المعونة للأسر المستحقة بعد إبرازها وثائق تثبت دوام التلاميذ في مرحلة التعليم الإلزامي، وإعطاء اللقاحات للأطفال دون الخمس سنوات، وإثبات محو أمية الكبار في الأسرة..).

أليس مضحكاً أن يشترط على أب فقير لا عمل له، ولديه أسرة كبيرة، ويحقق جميع اشتراطاتها، ولكن لديه أب طاعن في السن رفض محو أميته أن يلحقه بدورة تعليمية من أجل دفعة لا تتجاوز ثلاثة آلاف ليرة سورية؟!.

أما فيما يتعلق بالذين سقطوا جراء فساد لجان المسح، واعترضوا على مسحهم كأغنياء، فقد ضمنوا اللوائح الجديدة، ولكن ماذا بشأن من لم يعترض؟، والذين مازالوا يقبضون المعونة وهم لا يستحقونها، إذا سلمنا بكلام الوزارة عن وجود 160000 معترض؟!.

وإذا ما أردنا تعداد سيناريوهات مماثلة أرست أسسها الحكومة المنصرمة وتنتقدها الحكومة الحالية، فسنجد على طاولة البحث كل الخطة الخمسية الماضية تحتاج إلى سيناريوهات جديدة كونها من صنف المعونة الاجتماعية.

اليوم يتصدر دعم الوقود وآلياته الجديدة سلم أولويات الحكومة الجديدة التي تبحث مع هطول المطر والثلج كيف تؤمن المازوت لمواطنيها، وتقترح آليات ليست واضحة بديلاً عن الشيكات، والقسائم التي تم تزويرها، وتعقد وزارة نفطها اجتماعاً طارئاً لتدارس الأزمة، ويتحدث مدراء مؤسساتها المعنية عن توفر المازوت، والمواطن مازال في طابور طويل يحمل ما يتسنى ملؤه من سائل النار.

ريثما ترتب الحكومة سيناريوهاتها الجديدة تعويضاً عن سيناريوهات فاسدة لا يملك المواطن إلا الدعاء لها بممثلين بارعين يؤدون المشهد كما أراده المخرج.. فالجمهور تعود أن يدرك ويخمّن نهاية المسلسل من مشهده الأول.