رحلة الخوف والموت.. الحياة في مخيم اليرموك أشبه بعدمها

رحلة الخوف والموت.. الحياة في مخيم اليرموك أشبه بعدمها

تبدأ رحلة المعاناة اليومية لـ«م. عبد الله» عند محاولته إيصال «أساسيات العيش» من خارج مخيم اليرموك لأقربائه في الداخل، حيث «يقف على حاجز مدخل المخيم من 3 إلى 4 ساعات، ومن ثم يتم تفتيشه بدقة بالغة، ونتيجة للازدحام الكبير والانتظار الطويل قد تحصل عدة مشاحنات بين المنتظرين وملاسنات مع عناصر اللجان الشعبية على الحاجز»

ويتابع «بعد تجاوز الحاجز وعند جامع البشيرـــ تقاطع مخيم اليرموك وفلسطين- يجب علي أن أركض مسرعاً نتيجة توتر الأوضاع هناك، ويجب أن التزم الرصيف على الجانب الأيمن من الشارع، فالمشي منتصف الشارع أو على الجهة الثانية قد يعرضني للموت برصاص القناصين».

شروط الدخول

رحلة «عبد الله» اليومية، المزروعة بالمخاطر لعبور عدة أمتار فقط من مخيم اليرموك، أكدتها السيدة «خ. زغموت» التي قالت إنه «وبعد اجتياز حاجز الجيش السوري الموجود على مدخل المخيم، أمشي باتجاه ساحة «الريجة» وسط الدمار المخيف وسيول الصرف الصحي، وقد أضطر لعبور بركة مياه آسنة من وسطها كي لا أتعرض للقنص».

وتابعت «عند دخول ساحة «الريجة» يمكن مشاهدة مسلحين مجهولي الهوية بشكل علني، وبإكمال السير باتجاه موقف السيرفيس، يجب المرور عبر حاجز للمسلحين الذي يقوم بتدقيق الهويات بناء على أسماء موجودة مع عناصره وفقاً لقوائم معينة، وبعد التأكد من عدم وجود الاسم ضمنها، تبدأ الأسئلة اليومية: متى دخلتم المخيم آخر مرة؟، وماهو مكان سكنكم؟، إضافةً إلى تعداد بعض أسماء الأقارب».

ما بعد دخول المخيم

«عدم قدرتي على استئجار شقة خارج مخيم اليرموك، والمعاملة المذلة في أحد مراكز الإيواء التي لجأت إليها سابقاً، أجبراني على العودة إلى منزلي في المخيم واعتكافي مع زوجتي وأطفالي وأمي المسنة، رغم الأوضاع المأساوية والخطيرة هناك».

عودة المواطن «و. حسان» مع عائلته إلى مخيم اليرموك كانت مخاطرة بالحياة من جميع النواجي، فعدا عن كثرة الاشتباكات، وحالات القنص وسقوط قذائف الهاون، نوّه «و. حسان» إلى «معاناة شديدة في تأمين حاجيات الأطفال مثل الحليب والفوط واللقاحات، عدا عن النقص الحاد في الأدوية التي أصبح الحصول عليها شبه مستحيل».

90% من المخيم في ظلام

وتابع المواطن «و. حسان» «منذ 9 أيام والكهرباء مقطوعة عن 90% من مناطق المخيم، عدا عن انقطاع الانترنت منذ 12 يوماً وانعدام تغطية شبكات الاتصال منذ كانون الأول العام الماضي، الأمر الذي دفع السكان إلى الصعود على الأبنية التي تتعدى 8 طوابق، أو الوقوف بجانب الصحون اللاقطة، لإجراء اتصال هاتفي عبر الهاتف النقال».

معاناة والدة «و.حسان» للمرض زاد الأمر تعقيداً في مخيم كان يعج بالعيادات الطبية سابقاً، إلا انه يعاني شحها حالياً.

وضع عائلة «و.حسان» المعيشي والصحي، لم يكن بالأفضل من حال «غ. عبد الرحمن»، الذي وصف معيشته بالمخيم بأنها «شعور متكرر بحلول النهاية في أية لحظة»، وقال إن «الخروج من المنزل لشراء الحاجيات اليومية يعتبر شبه انتحار».

مغامرة الموت

الخوف من الموت القادم بأية لحظة، من داخل المخيم ومن خارجه، كان حالة عامة اتفق عليها جميع من تواصلت معهم صحيفة «قاسيون» من الأهالي، وقد زادها صعوبة قلة المرافق الطبية الإسعافية والصحية، حيث أكد أحد السكان «أ. عزام» أنه «يتم نقل المصابين جراء سقوط القذائف أو القنص إلى مشفى فلسطين، وهو المشفى الوحيد الذي يعمل في المنطقة، وبشكل جزئي».

وأشار «أ. عزام» إلى أن «أكثر حالات الوفيات بين المصابين غالباً ما تكون بسبب النقص الحاد بالمواد الإسعافية الضرورية، وأدوية الالتهاب والوزمة».

نزاع داخلي

«الحياة في مخيم اليرموك مغامرة فعلاً» بحسب «ك. سليمان»، الذي قال إن «الاشتباكات هناك يومية، والقذائف تهدد جميع المناطق وبأي وقت، وبعيداً عن الصراع الدائر بين المجموعات المسلحة والجيش السوري، فقد برزت صراعات أخرى احتدمت بين مجموعات المسلحين أنفسهم».

غاب الأمان وانعدم القانون، وانتشرت الجريمة والتعديات بشكل فاق التصوّر، وبحسب «ك. مصطفى» «فقد عمد بعض المسلحين مجهولي المرجعية إلى سرقة البيوت، وعند محاولة ردعهم أو اقناعهم بالتراجع، يهددون الأهالي بالسلاح، وفي بعض الأحيان يطلقون النار في الهواء لترهيبهم، هذا عدا عن السرقات العلنية والمتكررة بشكل كبير لمحلات البقالة والألبسة والصيدليات».

وأردف إن «سيارات المجموعات المسلحة، والدراجات النارية تسير في شوارع المخيم بسرعات جنونية، بعمليات أشبه بالمراقبة اليومية والساعية».

محاولات فاشلة

أكدت تقارير وتصريحات لبعض المعنيين في نهاية عام 2012، أن 95% من سكان مخيم اليرموك نزحوا إلى خارجه نتيجة سوء الأوضاع الأمنية التي كانت متوترة جداً حينها، وذلك بعد إعلان المجموعات المسلحة سيطرتها الكاملة على المخيم الفلسطيني الأكبر في سورية والذي يضم حوالي 150 ألف لاجئ.

وشهد مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على مدار 5 أشهر، محاولات عدة من سكانه النازحين للرجوع إليه ونبذ جميع أنواع المظاهر المسلحة، عبر مسيرات نظمت مسبقاً، إلا أن المجموعات المسلحة كانت «تمنعهم من الدخول» بحسب بعض الأهالي، كما حدث يوم الأربعاء 15/5/2013، حيث أفاد بعض الأهالي لصحيفة «قاسيون» أنه أصيبت أمرأتان و4 شبان نتيجة اشتباك بين مجموعتين مسلحتين موجودتين في مخيم اليرموك بدمشق، في الذكرى 65 للنكبة، ومحاولة إحداهما منع أهالي المخيم من دخوله.

كما حاول بعض أهالي المخيم التظاهر في شارع «المدارس» يوم الأربعاء أيضاً، وذلك «احتجاجاً على وجود السلاح في المخيم، مطالبين بالعودة إليه بسلام» في ذكرى النكبة، بحسب أحد المشاركين في المسيرة، التي حاولت إحدى المجموعات المسلحة فضها ما أدى لإصابة أحد الشباب المشاركين.

وكانت منظمة التحرير الفلسطينية، وجهت نداءً يوم الأربعاء في 15/5/2013، تدعو فيه المهجرين من أبناء مخيم اليرموك للعودة إلى منازلهم بشكل جماعي.