الأموال السهلة و«روليت» الكازينو.. شعاران لمرحلة واحدة!
أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

الأموال السهلة و«روليت» الكازينو.. شعاران لمرحلة واحدة!

تتنعم سورية في الآونة الأخيرة بوجود مخططين اقتصاديين فاق ذكاؤهم ذكاء جهابذة الاقتصاد العالميين، كونهم يتمتعون ببصيرة قل مثيلها بين أوساط المخططين، فجماعتنا لديهم طرق عجيبة وغريبة لإنقاذ الاقتصاد السوري والنهوض فيه والقضاء على الفقر الذي اتسعت رقعته خلال السنوات القليلة الماضية لتشمل خمسة ملايين سوري تقريباً، ويملك هؤلاء المخططون الحلول التجميلية والآليات الجذابة التي يعمدون من خلالها لاستعطاف المواطن السوري.

هذه المرة أخذوا ميكانيزم تطوير الاقتصاد الاجتماعي والانفتاح المشروع من وجهة نظرهم، فبحثوا ولم يتعبوا جداً في كيفية تبيض الأموال للمتنفذين من سلطتهم من الأثرياء الجدد والمحدثي النعمة، حيث أجابوا على سؤال المواطن السوري حول الأموال التي تسرق وتنهب من خزينة الدولة وأين تنفق.. وماذا يصنع بها؟

بديهياً، للأجابة عن هذا السؤال من قبل أقل المواطنين ثقافة وعلم يجاوبك بحكمة ويقول: إذا أردت أن تعرف أين تذهب الأموال المسروقة.. أنظر أين تنفق. فالحكومة أوجدت هذا الحل للمعادلة المستحيلة الحل.. فأقدمت على خطوة تشكر عليها.. فلم يعد هناك صعوبة في تحمل أعباء التعب وعناء السفر لنفقة هذه الأموال.. وإراحة الأثرياء من الذهاب إلى لبنان بشكل أسبوعي إن لم يكن بشكل يومي لتنظيف أموالهم. فقامت بافتتاح كازينو على طريق المطار.. سمي بكازينو دمشق يرتاده هؤلاء الحفنة من المتسترين خلف أصابع الحكومة... والمحميين من جهات يفترض أن تردعهم ولكنها أنكرت علمها بوجود هذا الكازينو بالأصل!.

عشية ليلة الميلاد و«على الهسي» تم افتتاح أول كازينو في سورية متخصص بالقمار، والثاني في بلاد الشام بعد (كازينو لبنان) في خطوة تمثل تأكيداً لإصرار الفريق الاقتصادي على السير في ركاب الانفتاح الاقتصادي. وهذا الكازينو يقدم كافة أنواع القمار كالبلاك جاك والروليت والباكارا والبوكر وآلات الحظ، ويقع هذا النادي قرب مطار دمشق الدولي ويبعد عن العاصمة دمشق نحو /30/ كم ويملكه عدد من رجال الأعمال الدمشقيين النافذين، وعلى رأسهم رجل أعمال أخذ هذه المهنة أباً عن جد، حيث امتلكت عائلته ثلاث كازنيوهات في سبعينيات القرن المنصرم، بالإضافة إلى مليكته لبعض المطاعم المعروفة التي يرتادها كبار المسؤولين في سورية. وقد استطاع هذا الرجل بإعادة الترخيص (أو أخذ الضوء الأخضر) لافتتاحه. ويدير هذا الكازينو شركة تدعى «ocean club» نادي المحيط، والتي تمثل الشريك الأساسي فيه.

المهم أن النادي أفتتح بعد شهور من التحضير الهادئ والبارد نسبياً.. فمخططوا الاقتصاد السوري الذين أعطوا الضوء الأخير لافتتاحه، أدرجوه في إطار اقتصاد السوق الاجتماعي والانفتاح الذي يسير به الفريق الاقتصادي بإصرار، على أن الكازينو سيكون مستقطباً لأموال الأثرياء والذي سيعمل على تحقيق نقلة نوعية لاستقطاب السائح العربي والأجنبي، ونقول هنا إنه تم إعطاء الضوء الأخضر لأن القانون السوري يمنع ويحرم ترخيص هذه النوعية من الكازينوهات، ويذهب إلى أبعد من ذلك في تطبيق أشد وأقصى العقوبات في حق لاعب الميسر والقمار.

هنا، لابد من السؤال: أموال من هي التي سيقامر بها رواد هذا الكازينو؟ وما هي الأسباب الخفية وراء افتتاحه؟ ببساطة يوجد الكثير من الأشخاص الملوثة أيديهم بالفساد ونهب الأموال، وهذا هو الطريق الأسهل لإخراج هذه الأموال وغسلها ومن ثم تنشيفها لتصبح رأس مال حلال... وما هذه سوى عناوين مستقاة من الليبرالية الجديدة طبعاً.

المدافعون عن هذا الكازينو وصفوه بأنه مكان لقضاء وقت الفراغ والاسترخاء مع العائلة، فوقت الفراغ لدى هؤلاء يمتد من الساعة الثامنة مساءً حتى الثامنة صباحاً، وهو وقت افتتاح وإغلاق الكازينو.. فمتى يديرون أعمالهم التي تجلب لهم كل هذه الأموال، أم أن للقمار مال تتوارثه الأجيال؟.

وسيقول بعض المدافعين عن هذا الصرح إنه يندرج تحت إطار الحريات الشخصية وإطار استثمارات القطاع الخاص. لكن هل من الممكن أنه لم يبق لدى المستثمرين سوى الاستثمار في القمار وألعاب الخفة؟ وهل وصلنا بالحريات إلى تلك الدرجة التي السامية التي تستوعب افتتاح كازينو ليقامر فيه أصحاب الأرباح بأموال الشرائح الفقيرة؟ ولماذا لم تطالب الحكومة المستثمر بوضع أمواله في مشروع مفيد، لاسيما وأن هناك من يشير إلى أن هذا الكازينو معفى من الضريبة لمدة خمس سنوات؟!.

وحول الآراء المتعلقة بهذا الكازينو قال المواطن (م.ت) إن هذه ظاهرة غريبة وكارثة كبيرة علينا وعلى المجتمع، وإن افتتاح كازينو يجمع المحتالين والنصابين والعصابات يؤدي إلى جرائم من قبل الخاسر الذي سيحتال إن لم يقتل لاستعادة أمواله المسروقة، وقال المواطن (ن.ب) الذي يعمل كيمائياً: «بدل ما يفتحو محل للسرقة والنهب والنصب الأحرى بهم أن ينظروا إلى قضايا الشباب واشياء تهمهم.. فالاستثمار في المجال الرياضي ربما يفيد الشباب ويدر عليهم أموال كثيرة وتنرج ضمن استثمار الفائدة للجميع، فكفى مغامرات، لقد أدخلوا الدعارة لتدمر حاضر الشباب والآن أدخلوا الكازينو، فمن تظنون أنه سيبقى بانتظار تدمير مستقبله؟».

وأضاف المواطن (أ.م) إن هذا المكان سيسعد الحرمية الكبار الذين سيتأثرون فيه ويخططون لنهب الأموال الباهظة. وهذا أنسب مكان لابتداع آليات جديدة لنهب البلد. وأضاف المواطن (ف.ف) أيضاً والذي يدرس في السنوات الأخير في كلية الحقوق: «الأحرى بالحكومة أن تعمل على إغلاق النوادي والكازينوهات الموجودة بالأصل، ولكن بدل ذلك ها هي تزيدهم واحداً».

وبالنتيجة لو سألت الكثير من المواطنين السوريين لاعترضوا على افتتاح هذا الكازينو الذي سيجر روائه الكثير من الرذيلة والجريمة والاستحقار لبني الإنسان الذي يسرق في العلن و«على عينك يا كازينو».

أين الرادع الأخلاقي لهؤلاء المقامرين ورعاتهم؟ تخيلوا لو أنهم يقامرون بملايينهم «سهلة التصنيع» على تطوير مستقبل البلاد، على رفع سوية التعليم مثلاً، أو تحسين الصناعة والزراعة أو إيجاد فرص عمل!.