كفر بطنا «عروس الغوطة الشرقية» تعيش القهر والحرمان والعزلة
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

كفر بطنا «عروس الغوطة الشرقية» تعيش القهر والحرمان والعزلة

 خمسة أشهر بلا كهرباء!

مع دخول الأزمة عامها الثالث، وتداعياتها الكارثية من تشرد ونزوح الكثير من العائلات من ريف دمشق، كغيرها من المناطق الساخنة في المحافظات، وازدياد حجم معاناتها المعيشية والأمنية في المناطق التي نزحت إليها، وفي مراكز الإيواء «معتقلات الإقامة الجبرية»، إلا أنه لا يزال يقيم في بلدة كفربطنا وسقبا أكثر من 15 ألف مواطن، ورغم أن لا علاقة لهم بالصراع المسلح الدامي، إلا أنهم تضرروا بشكل مباشر من هذه الأعمال، وتأثروا بالنتائج الكارثية لها، وانعكاساتها الخطيرة على مختلف المستويات، أقلها في الحصول على غذاء آمن وكافٍ، فقد تسبب انقطاع التيار الكهربائي في زيادة معاناة السكان، الذين أصبحوا يواجهون إضافة إلى الحرب المشتعلة أوضاع اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة، حيث أصبح معظم السكان يعتمدون على مولدات الطاقة ذات السعر المرتفع والتي تحتاج إلى وقود مشغل مرتفع الثمن أيضاً. كما أدى انقطاع التيار الكهربائي المتواصل عن تلك المنطقة إلى ارتفاع أسعار بعض المواد، فأصبح سعر الشمعة 40 ليرة كونها مصدر الإنارة الوحيد، يضاف إلى ذلك توقف عمل الثلاجات المنزلية مما تتسبب في فساد الأغذية المحفوظة بصفة عامة واللحوم والألبان بصفة خاصة، والتي تحولت إلى ناقل أساسي للبكتيريا المسببة للإسهال والتسمم الغذائي بين الأطفال.

والماء ليس أحسن حالاً...

ونتيجة العنف القائم في تلك المنطقة كان للمياه نصيب وافر من المشكلة، كون الأزمة أدت ومنذ بدايتها إلى تدمير عصب الحياة الاجتماعية، وإحداث شلل بجميع مناحي الحياة وخلق حالة من عدم التوازن والاستقرار في المناطق المنكوبة، ولعل تضرر قطاع الكهرباء انعكس بصورة سلبية على وضع المياه في تلك المنطقة، فعدم تزويد المواطنين بالكميات الكافية من مياه الشرب وتركهم يعتمدون على شراء الماء من الباعة الجوالين في تلك المنطقة ناجم عن عجز الجهات المسؤولة والقائمين على عملية ضخ المياه والآبار التي تزود المواطنين في تلك المنطقة بمياه الشرب والمياه بشكل عام. علماً إن تأمين مياه الشرب للمواطنين في الغوطة الشرقية بشكل عام يعتمد بالأساس على الآبار الارتوازية.

غياب كامل للاتصالات...

لاتزال منطقة «كفربطنا» و«الغوطة الشرقية» بشكل عام تعيش منذ أكثر من عام ونصف تقريباً حالة عزلة شبه تامة، نتيجة غياب وانقطاع شبه كامل للاتصالات الخليوية منها والأرضية، ولا يزال كل من الجهات الحكومية المختصة والمعارضة المسلحة يتقاذفون الاتهامات بخصوص هذا الوضع. وفي ظل هذه الأحداث وتبادل الاتهامات بين طرفي الصراع المسلح، يبقى سكان تلك المنطقة بعزلة تامة وقلق وتوتر مستمرين، لا يعرفون شيئاً عن أحوال أقربائهم وذويهم  المقيمين في المناطق الأخرى. لعل هذه إضاءة عابرة بسيطة على منطقة ساحرة خاطفة للأبصار حولها النزاع المستمر إلى منطقة معزولة متقطعة الأوصال يعيش أهلها شتى أنواع القهر والحرمان والعزلة.