بطالة الشباب.. و«التطنيش» الحكومي

بطالة الشباب.. و«التطنيش» الحكومي

يذخر المجتمع السوري بآلاف الشباب من المثقفين وحملة الشهادات العلمية وأصحاب المواهب والقدرات والعقول النيرة والكفاءات، غير أن هؤلاء الشباب ضاعوا في ظل الوضع الراهن، وأصبحوا كالفريق الذي يبحث عن القشة في عرض البحر. فبعد فترةالدراسة الجامعية والأحلام الوردية يبدو أن كل شاب بات يصحو على كابوس مرعب ومخيف، ألا وهو البطالة التي باتت تقضي على أحلام وطموحات الشباب بعد أن تغلغلت وتفشت في الساحة الاقتصادية السورية الضيقة رغم اتساعها بالأصل.

 

إن وضع العاطلين عن العمل من حملة الشهادات يزداد سوءاً كل يوم، ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لا تهتم وكأن الموضوع خارج عن مسؤوليتها واختصاصها، ومع تراكم الأيام تشتد ملامح البطالة بتغطية وجه الشباب في سورية، وخاصةً منهم أولئك القادرين على العمل والراغبين فيه دون فرصة حقيقية للانخراط به، فالشروط الموضوعة الواجب توافرها لتشغيل الشباب المتعلم تتضمن إتقان اللغة الإنكليزية، واستخدام الكومبيوتر، والخضوع للاختبار الوطني باللغات، إضافة إلى أن من يتقدم لطلب العمل في الدوائر الحكومية يجب أن يكون قد أنهى الدراسة الجامعية بمعدل جيد أو فوق ذلك. وفي حال قامت الوزارة بالإعلان عن مسابقة- وهذا نادراً ما يجري- فإن عدد المتقدمين يتجاوز خمسة أضعاف العدد المطلوب ليتم الاختيار حسب الواسطات، والمحسوبيات، والعلاقات الشخصية ومن لا يملك هذه الأمور فليس له أدنى فرصة في النجاح.

وعلى الرغم من أن مشكلة البطالة مشكلة عالمية، وتعاني منها معظم دول العالم، ولكن أسبابها تبقى محلية في واقع الأمر وترجع إلى جوانب متعددة منها؛ ضعف النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص؛ وضعف التقنيات المستخدمة في المنشآت؛ واستبعاد العناصر النزيهة وذات الكفاءات؛ وتفشي الرشوة وانتشار الفساد؛ وضخامة فائض العمالة في القطاع العام؛ ناهيك عن التوظيف على أساس الواسطات دون النظر إلى المواهب والشهادات؛ وسعي الغالبية لتأمين وظيفة حكومية باعتبارها أكثر أماناً وسهولة واقل جهداً؛ إلى جانب تخلي الدولة بطريقة أو بأخرى عن دورها الاقتصادي والاجتماعي ومن أكبر الأمثلة على ذلك سحب الدولة يدها من تعيين خريجي الجامعات مما أدى إلى زيادة أكبر في أعداد العاطلين عن العمل.

وبالنظر إلى هذه الأمور بجدية نجد أن معدلات البطالة تتفاقم باستمرار، والأرقام خير دليل على ذلك حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات السورية: 4662 ذكور، 21579 إناث وبنسبة /30%/ من إجمالي العاطلين عن العمل، وأمام هذه النسبة الهائلة شرعت الدولة باللجوء إلى سياسة التعددية الاقتصادية الفاشلة قبل القيام بها والهادفة أصلاً إلى تعميق دور القطاع الخاص بأمور الدولة حيث قامت بسحب الشباب المتميزين وأصحاب الخبرة في القطاع العام ونقلها إلى الخاص وعدم تعين العاطلين عن العمل وبالتالي تتزايد المشكلة، وإشراك القطاع الخاص في معظم المجالات وبالتالي تعميق المشكلة، ولم تنتج حلولاً اقتصاديةً واضحة المعالم رغم فشل كل ما لجأت إليه من «حلول» خلال السنوات الخمس الماضية.

وعلى الرغم من ضخامة الأزمة فالحلول موجودة وممكنة، ومفاتيحها بيد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وما تبقى من المسؤولين. والحل يكون بالتفكير بوضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، والتخلي عن اتباع التوظيف على اساس المحسوبيات والواسطات وإعطاء الوظيفة لمن يستحقها، وتعميق الدور الذي تقوم به مكاتب التوظيف وجعل دورها دوراً حيوياً وليس دوراً هامشياً والعمل على زيادة فعاليتها، إلى جانب العمل الجاد على إيجاد فرص عمل على المستوى الفردي، والعمل على إنشاء خطط تنمية اقتصادية ومشاريع جديدة، وزيادات المهارات في الحاسوب واللغة الإنكليزية، والقيام على التعليم والتدريب وإنشاء مراكز للتدريب تساعد الخريج في اختيار الهدف. كي نتمكن من إنشاء كوادر قادرة على خلق فرص عمل وبالتالي إنعاش الاقتصاد الوطني.

فهل سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه الحل ويدرك مسؤولونا خطورة معنى كلمة بطالة ويعملون بشكل فعلي من أجل القضاء على كونها واقعاً تؤكده الأرقام بالعمل وليس  مجرد  كلام؟!.. لا دليل على ذلك حتى الآن!

 

آخر تعديل على الجمعة, 11 نيسان/أبريل 2014 18:00