تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
المفقودون.. الجرح السوري المفتوح وعدد المسجلين 16000

المفقودون.. الجرح السوري المفتوح وعدد المسجلين 16000

أيام قليلة وتنهي الأزمة السورية عامها الثالث، وقد حملت في طياتها الويلات والمآسي للسوريين، العديد من هذه المآسي ستبقى عالقة في وجدان السوريين وعلى رأسها الملف الذي سيبقى كما الجرح المفتوح، ملف المفقودين والمخطوفين والمغيبين

حكايات وقصص لن تنتهي مع أي حل كان، فكيفما اتجهنا في سورية سنجد صوراً لشباب ونساء كتب عليها مفقود أو خرج ولم يعد وأكثر ما يؤلم هو صور لأطفال كتب عليها وجد وحيداً.

حمص بداية القصة

ما أن بدأت تتصاعد وتيرة الأحداث الأمنية في مدينة حمص حتى بدأ الجميع بسماع قصص عن تعرض مدنيين وموظفين في بعض الأحياء المعارضة للخطف أثناء مرورهم في تلك المناطق، ولكن هذا الأمر تطور وحصلت حالات من الخطف المقابل حيث قام عدد من الأشخاص بخطف مدنيين من الأحياء المعارضة أثناء مرورهم في الأحياء التي تصنف بالموالية للحكومة السورية ويعد ملف المخطوفين من أبناء حمص وعلى أرضها من أكبر الملفات حيث يقدر عدد المخطوفين بـ2400 مفقود مسجل. قال الصحفي محمد علي الضاهر لقاسيون: إن هذا الرقم   قابل للزيادة لأن هناك حالات لمخطوفين ومفقودين غير مسجلة نظراً لخروج عدد كبير من الأهالي إلى خارج حمص أو حتى خارج القطر، إلى جانب وجود حالات يخشى فيها الأهالي على حياة أبنائهم إذا ما قاموا بتسجيل أسماء أبنائهم في عداد المخطوفين، ويضيف الضاهر تفاءلنا كثيراً في حمص عندما خرج في الأيام الماضية عدد من المدنيين من منطقة حمص القديمة حيث يوجد ما يقارب الـ400 مخطوف داخل أحياء حمص القديمة وذلك حسب الأهالي، لكن المسؤولين في الأمم المتحدة لم يبدوا اهتماما كما يجب بهذا الملف الإنساني.

بالأمل يبقون أحياء

لا يفارق الهاتف المحمول يدها أبداً وتراها دائمة التحرك كي تكون جودة الشبكة جيدة، فحياة زوجها كما تقول معلقة باتصال على هذا المحمول. (أحمد .ع) طبيب  يعمل في أحد المشافي خرج كما عادته إلى عمله منذ الشهرين وإلى اليوم لم يعد إلى منزله، تقول هند كان أحمد حريصاً على أن لا يخرج في التوقيت نفسه أو يسلك ذات الطريق أثناء توجهه إلى عمله وخاصة أن عدداً من رفاقه قد خطف،  وتضيف تلقيت اتصالين من الخاطفين في الاتصال الأول سمعت صوت زوجي وفي المرة الثانية طلب الخاطفون مبلغ 3ملايين ليرة، لكن المبلغ غير متوفر فنحن خرجنا من منزلنا وعيادة زوجي نهبت وأحرقت واليوم لا أملك ربع المبلغ المطلوب ويقوم الأهل والأصدقاء بجمع بقية المبلغ لكني أخشى من عدم تأمين المبلغ وبالتالي أخسر زوجي.
*لا تملك أم فراس جواباً لأسئلة أطفالها عن موعد عودة والدهم إلى المنزل، تقول أم فراس يعمل زوجي سائق سيارة أجرة خرج إلى عمله منذ السنة تقريباً وبعد يومين على خروجه اتصل معنا شخص قال أن زوجي لديهم وجعلني اسمع صوته، طلب الخاطفون مبلغ 500 ألف ليرة سورية بعت سيارة كانت لدينا ودفعت المبلغ بعد أن غير الخاطفون مكان التسليم أكثر من مرة وعندما سلمتهم المبلغ قالوا لي أن زوجي سيعود إلى المنزل في اليوم التالي ومضى على هذا الاتفاق ما يقارب العام ولم أعد أعلم عن زوجي شيئاً، ولم يعد يتصل بي الخاطفون وحاولت كثيراً الاتصال بالأرقام التي تحدث منها الخاطفون لكن دون أمل. 
*تضع أم جميل صور ابنها في كل ركن من أركان المنزل تقول جميل في العشرين من عمره خرج إلى جامعته وفي الطريق تم إنزاله على أحد الحواجز العسكرية كما أبلغنا أصدقاؤه ومنذ ذاك الوقت ونحن نبحث عن اسمه في جميع الفروع الأمنية وإلى اليوم لم نجد له اسماً، اتصل بنا أحد الأشخاص وطلب مبلغ مئة ألف كي يعطينا معلومات عن مكان ابني وبالفعل دفعنا المبلغ وأعطانا ذلك الشخص معلومات عن الملابس التي كان يرتديها وبعض العلامات عنه ثم طلبنا منه أن نسمع  صوته وأخذ مبلغ 500 ألف من أجل سماع صوت ابننا ولكن بعد أن قبض ذلك الشخص المبلغ انقطع الاتصال بيننا ولم أعرف إذا ما كان ابني لا يزال على قيد الحياة أم لا.

العائدون إلى الحياة

*يكشف سمير عن قدميه وعن بطنه وذراعه حيث تبدو آثار التعذيب واضحة من جلد إلى حروق بالسجائر وأثناء حديثه يمكنك ملاحظة عدد الأسنان المفقودة من فمه، بقي سمير ما يقارب العشرين يوم في المستشفى بعد إطلاق سراحه. يقول كنت أقود سيارتي على طريق حمص دمشق وفي وسط الطريق وجدت بعض العوائق الإسمنتية وعدد من الشباب الملثمين يقفون على جانب الطريق طلبوا مني الترجل من سيارتي وقاموا مباشرة بوضع قطعة من القماش على عيني ووضعوني داخل سيارة وقادوني إلى مكان يبعد حوالي 5 كيلو متر عن الطريق العام وقاموا بأخذ كل ما أملكه من نقود وأجهزة الهاتف النقالة التي أحملها ومن ثم  وضعوني داخل غرفة لا يوجد داخلها سوى فرشتين من الإسفنج بقيت في المكان الأول حسب تقديري قرابة العشرين يوم كنت في كل يوم أتعرض للضرب كما كان الخاطفون لا يقدمون لنا الطعام بشكل منتظم أو حتى بكميات كافية كما كانوا يحرمونا من الماء أو من قضاء الحاجة لفترات طويلة، ويضيف سمير عندما نقلنا الخاطفون إلى المكان الثاني أصبح لي رفاق حيث تم حبسي إلى جانب ثلاثة أشخاص أحدهم من دمشق وثاني من ريف دمشق وثالث من درعا، جلسنا معاً قرابة الشهر لم نتمكن خلاله من الحديث إلى بعضنا سوى مرات قليلة ومن ثم تم تفريقنا ونقلنا إلى أماكن جديدة وفي أحد المرات قام الخاطفون بتصفية شخص كان بيننا بعد أن دفع ذويه الفدية التي كان مقداره 700 ألف ليرة ويضيف سمير  بعد مضي ما يقارب الثلاثة أشهر على خطفي كنت أتمنى فيها الموت كل ثانية لم أعد أملك الأمل في أن يطلق الخاطفون سراحي كنت أسمعهم عندما كانوا يتحدثون إلى زوجتي وشقيقي وأسمع صوت ضحكات الخاطفين على حزن أهلي عليّ وبعد أن قبض الخاطفون مليون ليرة من أهلي كان مقرر أن يتم تصفيتي ولكن خلاف وقع بين الخاطفين أدى إلى الاقتتال فيما بينهم وبالفعل قتل اثنين من الخاطفين فقرر الزعيم الجديد للخاطفين أن يطلق سراحي مع شخص ثاني بعد أن أصبحنا عبئاً عليهم، وهكذا تم اطلاق سراحنا من إحدى القرى التابعة لريف دمشق وسرنا قرابة الساعة والنصف ووصلنا إلى الشارع الرئيس وعدنا إلى أهلنا. تقول زوجة سمير أن هذه الحادثة جعلت من زوجها شخص منعزل يفضل الجلوس لوحده لساعات طويلة فهو لا يحب الحديث عن تجربة الخطف التي تعرض له كما أنه لم يعد يخرج من منزله بعد حادثة الخطف رغم أن الحادثة مر عليها أكثر من خمسة أشهر.

مافيا تعمل على الأرض

لم تستطع منظمة مهما كان حجمها من إحصاء عدد المخطوفين أو المفقودين نتيجة الصراع الدائر في سورية وما تم الحصول عليه هو مجرد أرقام أولية وصفت بأنها أرقام كبيرة، والخطف في سورية تنوع من حيث الأهداف والطرق حيث خطف مدنيون ورجال دين وصحفيون وعسكريون.
فاتساع دائرة الصراع في سورية وسهولة امتلاك السلاح والفلتان الأمني كلها عوامل أدت إلى ظهور عصابات هدفها الحصول على النقود، والخطف بات أسهل وسيلة لذلك.كما أن عمليات الاعتقال التعسفي الواسعة والعشوائية أدت إلى استغلال المواطنين.
تجاوزت مبالغ الفديات التي تدفع للخاطفين في سورية حاجز الأربعين مليون ليرة سورية، وكان وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية السوري علي حيدر قال إن الوزارة لديها أسماء لنحو 16 ألف مفقود من جميع المناطق مؤكدا أن الوزارة لم تتلق أي مبالغ مالية تحت هذا الإطار وهي غير معنية بمعالجة أي حالة عبر المال، مضيفاً أن الوزارة ليس لديها أي بطاقات خاصة بها وهي تعمل لملاحقة حاملي هذه البطاقات ومحاسبتهم بالتعاون مع الجهات المختصة وفي إطار القانون وأن الوزارة لا تمول أي مبادرة تندرج في هذا الإطار.