يحدث في حلب..  الكهرباء بين الإرهاب والفساد
م. نضال حميدة م. نضال حميدة

يحدث في حلب.. الكهرباء بين الإرهاب والفساد

برزت في ظل استمرار الأزمة السورية والحصار الظالم لمدينة حلب المنكوبة وريفها تداعيات وآثار كارثية عديدة طالت جميع الأهالي في حياتهم وكرامتهم وممتلكاتهم ولقمة عيشهم، وتحولت مع استمرار المواجهات المسلحة بين طرفي الصراع إلى أزمة إنسانية عميقة مستمرة

ومن أهم الآثار الكارثية المستمرة مشكلة الكهرباء والانقطاع شبه الدائم والمتكرر لساعات طويلة ولعدة أيام، ومدى تأثيره الكبير على مختلف مناحي حياة الأهالي في أغلب مناطق مدينة حلب وريفها، وأيضاً على المحلات وأصحاب المهن والطلاب وغيرهم.

المولدات والسوق السوداء

انتشرت في هذه المناطق ظاهرة «المولدات الكهربائية» كبدائل للطاقة الكهربائية، وذلك لتوقف المحطة الحرارية، التي كانت تغذي المدينة والريف بالكهرباء رغم الانقطاعات المتكررة، عن العمل بسبب حصار المسلحين وقطع الإمدادات اللازمة لتلك المحطة من الغاز والمازوت والفيول.

ونتيجة للأعمال العسكرية والاشتباكات الدائرة، فقد قام المخربون بسرقة الأسلاك ومحطات التحويل وبيعها في «السوق السوداء»، أو تم إحراقها نتيجة للمواجهات المسلحة، مما أضطر العديد من الأهالي وأصحاب المحلات «الميسورين» إلى استخدام هذه المولدات التي تعمل على (المازوت- البنزين- الكاز) على الرغم من غلاء ثمنها وصعوبة تأمين المحروقات اللازمة لتشغيلها إلا عن طريق «السوق السوداء» وبأسعار مرتفعة محررة من أي ضبط تمويني. فتحولت أغلب شوارع مدينة حلب إلى «كازيات» متنقلة على مرأى من الجهات المختصة. 

تلوث بيئي وبصري

انتشرت ظاهرة «المولدات الكهربائية» بشكل عشوائي في الشوارع العامة وحتى داخل الأبنية السكنية والمحلات كبديل للكهرباء المقطوعة عن أغلب مناطق حلب وريفها.

كما انتشرت بعد توقف وتخريب معظم محطات الوقود في المدينة والريف «المحروقات المغشوشة» التي تباع علنية في الشوارع، فهي مخلوطة بمواد أخرى تضر بالمحركات وتلوث الجو عند احتراقها. 

تقوم هذه المولدات إضافة إلى عدم جودتها الكهربائية والميكانيكية بنشر نواتج الإحتراق وسمومها في الجو والهواء الطلق والذي بدوره يلوث البيئة والصحة العامة، وأهم هذه الغازات (أول أكسيد - ثاني أوكسيد الكربون- أوكسيد الرصاص والنتروجين). 

فهي تلحق ضرراً وخللاً كبيراً بالصحة وخاصة جهاز التنفس لدى الأطفال والمرأة الحامل والمسنين ومن يعانون مرض الربو التحسسي.

بيع الكهرباء..

والأمر الآخر الناتج عن الانتشار الجنوني لهذه المولدات هو الضجيج والأصوات المزعجة التي تصم الآذان وتؤثر على الجملة العصبية لدى الإنسان، وتحدث توتراً نفسياً وعصبياً على من حولها. علماً أنها مستوردة عن طريق تجار الأزمات دون أن تكون خاضعة للشروط الخاصة بالسلامة العامة والبيئة.

والأنكى من ذلك تحول بعض تجار الأزمات إلى  مجال بيع الكهرباء للمواطنين من هذه المولدات وذلك بمد أسلاك كهربائية بشكل عشوائي إلى منازل الزبائن دون مراعاة شروط السلامة العامة والأمان، ما قد تحدثه من أخطار تهدد حياة الإنسان أو إمكانية حدوث حرائق تطال بيوتهم وممتلكاتهم. كل ذلك يحدث على مرأى من الجهات المختصة دون أن تحرك ساكناً وأيضاً دون أن تتحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين وتأمين مستلزماتهم المعيشية ووضع حد لتجار الأزمة.

لقد ضاق الناس ذرعاً من طول الأزمة وتداعياتها من قبل مسببيها ومفتعليها الإرهابيين والفاسدين.