لا يموت حق : الفيتو... قراءة  في المضمون

لا يموت حق : الفيتو... قراءة في المضمون

الفيتو حق الاعتراض أو حق الاعتراض التوفيقي هو في الأصل مفهوم من مفاهيم القانون وهو بهذه اللغة يحمل دلالتين :

الأولى تدخل في إطار القانون الدستوري وبدورها تحيل إلى استخدامين لكل منهما دلالته وهما الفيتو الملكي أو الرئاسي وهي سلطة معترف بها لرئيس الدولة «ملكاً أو رئيساً» في بعض النظم وبمقتضاها يعترض على القوانين التي تصدرها الجمعية التشريعية، والفيتو الشعبي «الاستفتاء الاختياري» وهو أحد أساليب الديمقراطية شبه المباشرة وبموجبه يسمح للشعب بمقتضى عريضة مكتوبة في آجال محددة ومن قبل عدد معين من المواطنين بفرض رفضهم لقانون مصوت عليه بشكل نظامي في البرلمان.
أما الدلالة الثانية فتدخل في إطار القانون الدولي والفيتو هنا سلطة وامتياز تعطى لأي من الدول الخمس الدائمي العضوية في مجلس الأمن لشل قرارات هذا الجهاز المتعلق بالقضايا الموضوعية, وهو امتياز متأت من القاعدة التي بمقتضاها تحصل الأغلبية في هذه القرارات بتسعة أصوات من خمسة عشر ويجب أن تتضمن أصوات كل الأعضاء الدائمين في المجلس.
إن هذا الامتياز يتأتى لتلك الدول من دورها المشهود في إنهاء الحرب العالمية وانتصارها على دول المحور إضافة إلى الاعتقاد الذي رسخته تلك الدول أثناء التحضير لمؤتمر سان فرانسيسكو بأنها وحدها القادرة على إعادة الأمن إذا ما فقد وهي وحدها المسؤولة عن السلم الدولي!!!!
وبناء عليه وتسهيلاً لمهمتها التي وكلّت نفسها بها يجب أن تحصل على ما يعطيها الفاعلية في الساحة الدولية وخاصة في الأمم المتحدة، ولذا كان منح تلك الدول لهذا المقعد الدائم وإعطاؤها امتياز الفيتو لإسقاط أي قضية قد ترى إحدى تلك الدول أنها مما قد يهدد أو يخرق الأمن والسلم الدوليين.
على ما يبدو أن مسيرة مجلس الأمن انتابتها العديد من العيوب كان في المقدمة إساءة استعماله على الأخص فيما يرتبط بواجبه «المفترض» إذ تضاءلت فاعليته وتناقض نشاطه لحفظ الأمن والسلم, فقد افترض الميثاق أن يقوم المجلس بمهمته عن طريق قوة دولية دائمة وفق المادة /43/ وهي قوة لم تر النور، وبرأيي لن تراه بسبب الخلاف المستعصي بين الدول العظمى حول حجمها وكيفية تكوينها وأماكن تواجدها، وبذلك تكون فكرة الأمن الجماعي في مهب الريح, لقد أضحى مجلس الأمن مرتبطاً في أذهان الناس خاصة العالم الثالث ليس بما هو خير، وذا صلة بالأمن والسلم وإنما أصبح لصيقاً بالأعمال العدوانية للدول العظمى (عقوبات وحروب..) فهل أضحى مجلس الأمن إقطاعية أمنية سياسية لأصحاب المقاعد الدائمة؟؟؟؟!!!!!!