من الذاكرة : الوديعة... والراية

من الذاكرة : الوديعة... والراية

شاركتُ مع المئات من أعضاء الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير في مؤتمرها الثاني الذي جاء تتويجاً لنضال وعمل جاد طيلة عامين كاملين, وقد أنجز المؤتمر بنجاح مهامه وأقرّ وثائقه

ولا بدّ من التنويه إلى الأداء الجيد لإدارة أعمال المؤتمر, والنتائج الهامة التي توصّل إليها والتي تُثبت أن الجبهة الشعبية هي جزء فاعل من المعارضة الوطنية, والتي يشعر أعضاؤها بالاعتزاز وعن جدارة بدورهم الذي يقومون به إلى جانب كل الوطنيين لتخرج بلادنا الغالية من الأزمة الراهنة القاسية
وفي مشروع أهداف ومبادئ برنامجية واستراتيجية, كانت الفقرة التي تحمل عنوان «تداعيات الأزمة ومسؤولية الخروج منها» هامة ولافتة, فقد وضعت الأصبع على الجرح: «إن وصول الوضع في البلاد إلى حالة استعصاء يؤكد أن كل القوى (النظام- المعارضة- الحركة الشعبية) في حالة أزمة, ولا يمكن الخروج منها إلا بتوافقات وطنية توقف نزيف الدم, وحلول تعزز الوحدة الوطنية, وتمنع التدخل الأجنبي» و «إن الجبهة تتبنى كل المطالب المحقة للحركة الشعبية السلمية, والمطلوب من كل القوى الوطنية الدفاع عنها» هذا التحليل الصائب لواقع الحال دفعني إلى استعراض مراحل من نضال جسدها الحزب الشيوعي السوري على كل مساحات الوطن منذ تأسيسه عشية الثورة السورية الكبرى في ظرف تاريخي بدأ بانتهاء الاحتلال العثماني الذي أعقبه تكالب الاستعمار الانكليزي والفرنسي على احتلال بلاد العرب.
فمن يوم التأسيس في الثامن والعشرين من تشرين الأول عام 1924 وحتى يومنا هذا خاض الحزب مسيرته الحافلة بالبذل والعطاء والتضحيات, والنجاحات والإخفاقات, وظل رغم كل المصاعب يحمل رايته التي انتقلت من جيل البناة الرواد الأوائل إلى أجيال الشيوعيين المتتابعة على طريق كرامة الوطن والمواطن:
«أجيالكَ الموصولُ مدُّ مسيرهمْ
خَبِروا النضالَ فألهبوا عزمَ الجموعِ
سَكنوا قلوبَ قلوبنا وتَصدّروا
صدرَ الكفاحِ ومزّقوا ليلَ الدموعِ»
ومن واجب الوفاء, وبخاصة ونحن على مشارف الذكرى التاسعة والثمانين لولادة حزبنا, أن نذكر بكل الاحترام والتقدير نضال وعمل وتضحيات كل من وضع لبنة في صرح الحزب, فكفاحهم وفداؤهم وديعةٌ وسلاحٌ بأيدينا لنواصل الدرب المجيد الذي شقّوه أمامنا. وما زلت أذكر جيداً أحد القرارات التي أقرتها اللجنة المركزية في اجتماعاتها أواسط عام 1956.
لقد جاء في مقدمة القرار «تنفتح أمام حزبنا اليوم إمكانيات فعلية كبرى كي يكون حزباً جماهيرياً قوياً».
إن أمل كل الشيوعيين القدامى كبير في أن يجسد الرفاق الشباب في حزب الإرادة الشعبية اليوم هذا القرار.