من الذاكرة : إن الخطر لداهم

من الذاكرة : إن الخطر لداهم

يشتد التآمر الأمريكي الصهيوني المحموم على سورية مستهدفاً سفك دماء شعبها وتدميرها كموقع ودور ودولة، وتتعالى صيحات الوعيد والحرب، وهذا الأمر يطرح السؤال الآتي: إلى أين سيتجه الوضع على أرض الواقع؟

وللإجابة عن ذلك لابد من أن نحيط إحاطة واعية بكل ما يجري- فوق الطاولة وتحته- ولنا من تاريخنا المعاصر منذ أوائل القرن العشرين وقائع تساعد في إضاءة وكشف الكثير مما سيقع.
لقد مرت بلادنا بأوقات عصيبة لا تقل شراسة وخطورة عما تجابهه اليوم من أخطار داهمة. ففي خمسينيات القرن الماضي شهدت بلادنا محاولات مستميتة لإركاعها وبخاصة بعد العدوان الثلاثي الغادر على الشقيقة مصر حيث قام الأعداء بتطويق وطننا من كل الجهات، فالأساطيل الأمريكية والانكليزية والفرنسية تنتشر بكل صفاقة قريباً من الساحل السوري، وتجري إنزالات عسكرية أمريكية على أرض لبنان، وانكليزية على أرض الأردن مع ترسانة حرب عدوانية تتواجد على أرض العراق عبر حلف بغداد، ووجود سرطاني صهيوني على أرض فلسطين، وتقوم تركيا باستكمال الطوق على سورية بحشد قواتها على حدودنا الشمالية، ومع قعقعة السلاح وتآمر القوى الرجعية في الداخل، تلعلع في الأجواء صرخات الحرب المدوية مهددة بالعقاب الشديد لمواقف سورية المشرفة في النضال المشروع دفاعاً عن حقها في الحرية والكرامة والسيادة وأنا أحد شهود تلك المرحلة العصيبة فقد كنت حينها جندياً في صفوف الجيش السوري، ومازال في الذاكرة أصداء وصور تلك الأحداث الكبيرة، حين انتصبت سورية قلعة للصمود تحطمت على أسوارها كل شراسة التآمر العدواني، وبقيت شامخة حرة عزيزة بتلاحم شعبها وجيشها الباسل، يوم تحولت كل مساحات الوطن إلى خنادق للمقاومة الشعبية المدافعة عن ثرى وسيادة الغالية سورية التي أجاد شاعرنا الكبير وصفي القرنفلي في وصفها حين قال:
كلما همّ فاتح أو غزانا
ضاع في السفح واستطالت ذرانا

واليوم كما الأمس تهيب بنا سورية البطلة أن نبقى كعهدنا دائماً وأبداً المدافعين عن كل ذرة تراب من أرض الوطن الطاهر، عن حرية وكرامة وعزة بلادنا، وسيثبت الواقع حقيقة ذلك. بوقوف كل الوطنيين السوريين في خندق الدفاع عن حق شعبنا ووطننا في الحياة الكريمة العزيزة. وهذا صوت الجواهري يهيب بالوطنيين المناضلين:
أطِلوا كما اتقد الكوكبُ
ينوّر ما خبط الغيهبُ
وسيروا وإن بعدتْ غاية        وشقوا الطريق ولا تتعبوا
ومدّوا سواعدكم إنها            معين من الجهد لا ينضب
وإن «غداً» باسماً يجتلى        بشق النفوس ولا يوهب