الرقة تغرق في بحر الظلمات
مع إطالة أمد الأزمة التي يعاني منها الشعب والوطن تتضاعف معاناة المواطنين السوريين من كلّ الجوانب... وخاصة في المناطق التي كانت مهمشة ومنها المنطقة الشرقية عموماً والرقة تحديداً بعد هيمنة المسلحين عليها وأهم تجليات الأزمة قلة المواد الغذائية وارتفاع أسعارها الجنوني، وهذا ما يُهَدّدُ حياة المواطنين.. ناهيك عن القصف والقنص والقتل والنهب والفساد.. فقد جرت اشتباكات مسلحة بين ما يسمى كتيبة الفاروق وجبهة النصرة حيث حاولت المجموعة الأولى نهب الفرن الآلي وفك آلاته ونقلها، فتصدت لها جبهة النصرة المهيمنة على المنطقة مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من الطرفين..
موسم الشوندر مات.. والقمح على الطريق..
نتيجة توقف معمل سكر الرقة تعرض الفلاحون لخسارة كبيرة نتيجة عدم تسويق ما تبقى من محصول الشوندر.. مما اضطرهم لقلعه وبيعه علفاً بأسعار زهيدة.
أما موسم القمح فقد خضع الفلاحون تحت هيمنة أصحاب الحصادات الذين يطالبون بـ 25% من المحصول بحجة ارتفاع أسعار المازوت بينما يصر الأهالي على نسبة 5 أو 6% والمشكلة الثانية أنه لا يوجد أماكن لاستلام المحصول في مدينة الرقة وريفها بسبب هيمنة جبهة النصرة والمسلحين على المنطقة، كما أن ارتفاع أسعار نقله إلى أقرب مركز في ديرالزور وحلب لا يقل عن 150 كم حيث تبلغ أجرة السيارة حوالي 40/50 ألف ليرة وهذا ما يزيد خسارة الفلاحين لأن تعويض النقل خارج المحافظة 800 ليرة للطن الواحد عن كل 100 كم وهو قليل جداً.. وهذا ما أدى إلى إحجام الفلاحين عن تسويقه، وسمح لتجار المنطقة والفاسدين والمسلحين بفرض الأسعار التي يريدونها وهو ما بين 17 ــ 18 ليرة للكغ الواحد وهو يعادل أقل من نصف السعر الذي حددته الدولة.. أما مسلحو أحرار الشام والذين يريدون شراءه وتسويقه إلى تركيا فقد دفعوا ما بين 33 ــ 35 ليرة للكغ وهو أقل من سعر الدولة.. وكل الأسعار لا تتناسب وجهد الفلاح وحقوقه وحاجاته.. ناهيك عن إمكانية خسارته وسرقته أثناء النقل.. بل وحتى فقدان حياته نتيجة حالة الفلتان الأمني. لذلك يفضل الفلاحون بقاء المحصول وعدم تسويقه لأن ذلك سيعرضهم للجوع لاحقاً حتى للقمة الخبز...
الوضع الصحيوالتعليمي والمواصلات
لم يبق إلا القليل من الخدمات.. وما تبقى إما خارج السيطرة أو أنه يكلف المواطنين كثيراً فالصيدليات الطبية دون أسعار والأسعار ارتفعت على الأقل خمسة أضعاف على الأقل والأجرة من المدينة إلى مزرعة لا تبعد أكثر من 4 كم عنها هي 50 ليرة سورية.. والريف الشمالي في الرقة دون كهرباء منذ أشهر وغالبية الطلاب ممن بقوا مع أسرهم في الرقة وخاصة طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية وطلاب الجامعة لم يستطيعوا الذهاب إلى المحافظات الأخرى لتقديم امتحاناتهم خوفاً على حياتهم.. ومن استطاع الذهاب كلفه ذلك مبالغ كبيرة سواء في أجور المواصلات أو الإقامة ووو
الوضع الأمني
خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة المسلحين حيث لا يستطيع أي مواطن أن يعبر عن رأيه وموقفه ويمنع دخول الصحف علماً أن غالبية الأهالي هم ضد المسلحين.. هذا من جهة ومن جهة أخرى نتيجة دخول القوات النظامية والأمن إلى قرية أبو كبرة القريبة من الفرقة /17/ التي غادرها أهلها خوفاً نتيجة الممارسات المرفوضة، حيث جرى قتل شيخ وقطع أصابع البعض مما ولد الرعب وأفقد المواطنين الثقة.. رغم أنهم كانوا معارضين للمسلحين..؟
ورغم كل المعاناة فإن مزاج المواطنين ورغبتهم في الخلاص من الطرفين المسلحين وقوى القمع والفساد.. فقد حاول المسلحون تحسين صورتهم باستدعائهم لنائب المحافظ والمعتقل لديهم وهو حسين الحسن المعروف بنزاهته وحياديته بقيادة لجان محلية لإدارة الأمور في المحافظة.. إلا أن ذلك لم يمنح الأمان والاطمئنان، كما أن محاولة تجمع «شباب الرقة الحر» تخفيف معاناة المواطنين وقيادتهم وإصدارهم لصحيفة ورقية باسم «صوت الحق»، ورفضهم للمسلحين تخلوا عن ذلك بعد تغلغل رجال العشائر المرتبطين بالأجهزة الأمنية وقوى الفساد وهذا ما يترك مدينة الرقة وأهلها تغرق في بحر من الظلمات المتعددة... وهم يريدون الخلاص اليوم قبل الغد لأنهم يعرفون ما حصل في المحافظات الأخرى ويدركون خطورة استمرار الوضع.