الدولار (الأسود) بـ 440.. إنه الإرهاب الاقتصادي!
مراد جادلله مراد جادلله

الدولار (الأسود) بـ 440.. إنه الإرهاب الاقتصادي!

بتاريخ 2 شباط 2016، أغلق سعر دولار السوق السوداء عند 401، وفق نشرات أحد المواقع الالكترونية التي ترصد سعره بشكل دوري، وخلال شهر سابق تراوح سعر الدولار بين 394 و399 ل.س دون أن يتعرض لتقلبات شديدة.

جاء الخميس 4 شباط لينتقل الدولار 5 ليرات إلى 406، معلناً بداية موجة جديدة لا يستطيع أحدٌ أن يتخيل عند أي حد ستستقر، حيث حملت الأسابيع اللاحقة ارتفاعات مرعبة، فانتقل سعر الدولار بين يومي 8 و9شباط من 408 ل.س/$ إلى 417 ليرة/$، وفي 10 شباط أغلق سوق دمشق عند 430 ل.س/$، ثم اختتم الأسبوع الماضي يوم الخميس 11 شباط بسعر تاريخي للدولار في السوق السوداء بـ 440ل.س/$!.

قبل ساعات من ذلك التاريخ كانت الحكومة قد استمعت من حاكم المصرف المركزي عرضاً (للإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز مقومات استقرار سعر صرف الليرة)، ووفقاً للصحيفة المحلية التي نقلت ذلك، فقد أشار رئيس الحكومة  السورية إلى (واقع سعر صرف الليرة السورية والتحديات التي تواجهها والإجراءات الحكومية المعتمدة لتعزيز سعر صرف الليرة السورية)!.

لاحقاً قالت وكالة سانا للأنباء أن بياناً للمصرف المركزي أرجع الارتفاع المفاجئ للدولار عائد لـ(ارتفاع الطلب على القطع الأجنبي بشكل غير مسبوق في المناطق الشمالية من البلاد نتيجة انسحاب العديد من الجماعات الإرهابية المسلحة وعائلاتهم باتجاه الحدود التركية.. مصطحبين معهم كمية كبيرة من القطع الأجنبي). وأكدت البيان أن المصرف المركزي قال: (كل عائلة من هؤلاء تحتاج ما يقارب الـ10آلاف دولار أمريكي لاجتياز الحدود التركية.. وهو ما أدى إلى انتقال جانب من هذا الطلب المتصاعد نحو محافظة دمشق التي تعتبر المركز الرئيسي لتدخل مصرف سورية المركزي وتوافر معروض القطع الأجنبي وساهم ذلك في رفع سعر الصرف فيها بشكل كبير)، واعداً بالتدخل في الأسبوع المقبل وبالآليات ذاتها!

لم تجد الحكومة أفضل من ذلك الحدث لتتبرأ من الدور الأساسي لسياساتها في رفع أسعار الدولار، فإن صح دور ذلك الحادث (هروب المسلحين بالدولار) في إطلاق شرارة الارتفاع، فإن سياسات الحكومة والمركزي التي تتبنى خيار السوق والتي تترك الليرة السورية (رمز السيادة) عرضة لتقلبات العرض والطلب على الدولار، هي الأرضية التي سمحت لأولئك بالضغط على الليرة وهتك قوت السوريين.

إن تغيرات العرض والطلب على الليرة تكررت مراراً، وارتفاعات الدولار سارت بموجات متواصلة، حيث لا يستقر الدولار، في الأزمة، لأكثر من شهر ليعاود الارتفاع لمستويات قياسية تحت أثر قوى السوق التي تستغل أية شرارة لتقفز بسعر جديد.

أما سياسات الحكومة وأولئك الذين تتقاطع تلك السياسة مع مصالحهم لا تجهد نفسها إلا بالمحافظة على قوى السوق وقوانينها والدفاع عنها، ناهيك عن إيجاد التبريرات الواهية لكل موجة ارتفاع جديدة، وذلك ليتبرأ واضعو تلك السياسات من دورهم في الإرهاب الاقتصادي الذي يتعرض له عموم الشعب السوري.