مجرد ضجيج إعلامي.!

مجرد ضجيج إعلامي.!

 

لا أحد يصدقنا، ولسنا سوى أصحاب مهنة تشبه النقيق، وفي أحسن حالاتها الضجيج الصادر عن سوق النحاسين بقلب العاصمة، والذي يجعلك تفر مستعجلاً لتخرج قبل أن يصيبك الصمم، وهذا هو حالنا نحن العاملين في هذه المصلحة الخاوية التي لا طائل منها عندما لا تستطيع أن تلفت نظر أو عنق رئيس بلدية أو محاسب لص.

وزير الصحة يقول: إن ما تم تناقله عن انتشار وباء اليرقان ليس سوى ضجة إعلامية، وكأن هذه الإصابات كتبها صحفي مهووس أراد منها أن تصيب وجه الوزارة بالجدري أو بالجذام، أو شهرة، أو تمكن من عقد صفقة خاصة مع أصحاب المخابر ليجر العائلات مع أبنائها إلى طابور التحاليل المكلفة.

ما تزال مشكلة الثقة قائمة بين المسؤول والإعلام، وتبدو أن علاقة الضرائر لن تتحول في يوم من الأيام إلى علاقة طبيعية يرضى فيها الطرفان بوجودهما معاً، وأن يتصالحا من أجل مصلحة المجتمع، الذي بسببه ومن خلاله يمارسان مهمتهما سواءً المسؤول الذي يتبجح بأن غاية عمله رضى المواطن، والإعلامي الذي يوصل رسالة الناس إلى الآذان والعيون المعطلة.

اليرقان لم تنته أزمته على مستوى الوطن، والحالات وبالأرقام تم تداولها من جهات عدة، ولم يتراجع الإعلام عن مهمته سواء كان هذا تحت مسمى المعلومة الصحيحة، التي يجب أن تصل لأصحاب الشأن، أو كما أراد لها الوزير أن تكون مجرد ضجيج إعلامي، ولكن هذا الضجيج أسمع من يجب أن يسمع، ووصل السؤال إلى قبة البرلمان.

المشكلة الأكبر هي اليوم، والحديث عن وفاتين بأنفلونزا الخنازير في السويداء، هذا وفق ما أكده رئيس دائرة مركز الأمراض السارية والمزمنة في مديرية صحة السويداء، وكذلك الإجراءات التي تحدث عنها مدير تربية المحافظة لتلافي إصابة التلاميذ، وهنا يجب ألاّ يتهرب أحد من مسؤوليته أمام هذا الوباء القاتل، وألاً يستشعر أحد من مسؤولي الصحة أن حديث الإعلام في هذا الشأن يمثل إهانة شخصية له.

مشكلة الإعلام السوري مع المسؤولين ليست وليدة الأوبئة الجديدة التي تفترس أبناء وطنهم، بل أنها كانت مع كل من يرى في الكرسي مكاناً وثيراً له وحده ويجب أن لا تطاله كلمة حق.