أحمد الرز
email عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
في ظل الانتخابات العامة البريطانية التي جرت أواخر الأسبوع الفائت، تصاعدت المنافسة بين الحزبين الرئيسين: حزب المحافظين الحاكم الذي حصل على أغلبية لا تخوله لتشكيل الحكومة منفرداً، وحزب العمال البريطاني الذي عزز مواقعه ليحل ثانياً بإضافة 32 مقعداً إلى حصته البرلمانية، في وقتٍ أجرى فيه الحزب تبدلات توجب النظر.
ليس جديداً النهج الذي سارت عليه الإدارة الأمريكية منذ أواسط القرن الماضي، أسنِد منصب «رئيس الولايات المتحدة الأمريكية» لشخصية ملتبسة، وسيغدو حينئذٍ سلساً تبرير حزمة كاملة من السياسات المفروضة مسبقاً على جدول الأعمال، وتعليقها على «شمَّاعة» الرئيس الجديد ومزاجه «الغامض».
خرجت النتائج النهائية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لتكشف عن مشهدٍ جديد يضع فرنسا وقواها السياسية على مفترق طرق، ولتثبت من جديد جملةً من الحقائق التي لم يعد من الممكن توريتها أو الالتفاف عليها.
تتجاوز أهمية الانتخابات الرئاسية الفرنسية إطار تحديد المستقبل الفرنسي. فإن كانت الانعكاسات المحلية للنتائج المرتقبة تحمل من الأهمية ما تحمل، إلا أن المشهد الذي نراه اليوم يتعدى حدود الداخل الفرنسي، ليتجه مجدداً نحو إثبات الحقيقة العصية على النكران: النظام الدولي الذي خبرت شعوب العالم سياطه منذ النصف الثاني من القرن العشرين يتداعى وبسرعة كبيرة على نحوٍ لم يحلم فيه حتى أكثر المبشرين تفاؤلاً.
هل يمكن لوسيلة الإعلام - أياً كان شعارها والجهة التي تمثلها- أن تدَّعي «الحياد»؟ أو حتى أن تدَّعي أن عملها يقتصر فقط على نقل «الحدث» أو «الواقع كما هو»؟ وهل هذه الجريدة التي تتصفحها الآن، ورقياً كان أم إلكترونياً، «حيادية» في تغطياتها المختلفة؟
يكاد لا يخفى على أحد اليوم، الهجوم الذي تتعرض له منصة موسكو للمعارضة السورية، سواء بالمعنى السياسي من خلال محاولات الاستبعاد والإقصاء تارةً، والإلحاق والضم والاحتواء تارةً أخرى، أو بالمعنى الإعلامي عبر تغييب خطابها أحياناً واجتزائه وتحريفه أحياناً أخرى.
احتلت أخبار الاحتجاجات الحاشدة ضدّ الحكومة الرومانية، صدارة التغطية الإعلامية للعديد من وسائل الإعلام الغربية والعربية خلال الأسبوع الفائت، غير أن هذه التغطية الإعلامية المكثفة لم تساعد جمهور المتابعين في فهم الخلفيات الكامنة وراء المشهد المستجد، في دولة تعد «الصفيح الساخن» الثاني في أوروبا الشرقية، بعد أوكرانيا.
لم يكن لأكثر المفكرين والمحللين تفاؤلاً بتغير موازين القوى الدولية أن يتخيل كم التغيرات المتسارعة و«القاسية» التي حملها عام 2016 لدول العالم. في الأعوام السابقة، التي كانت سِمَتها الأساسية اشتداد الصراع الدولي بين قطبٍ متراجع تقوده الولايات المتحدة، وآخر متقدم على رأسه روسيا والصين، ربما كان «مبلوعاً» على مضض، أن يجادل البعض رافضاً الإقرار بتغير موازين القوى الدولية. أما في 2016- وهو طبعاً اجتزاء زمني من مسار تاريخي لا يقبل التقسيم الميكانيكي- فإن الأحداث والوقائع قد أوقفت الجميع على مشهدٍ واضح المعالم، لا ينكره سوى من صُمِّم مسبقاً على ذلك. وبطبيعة الحال، لا بد من الإشارة إلى أن ما سيلي ذكره، ليس تأريخاً لوقائع العام 2016، إنما عرض لتلك الأحداث الأكثر تأثيراً فيه، والتي تشكّل، بمجموعها، انعكاسات للمعركة المتواصلة والمستمرة: معركة الانقضاض على مرحلة الهيمنة الأمريكية الغربية في هذا الكوكب، الذي بات من الواضح أنه لم يعد يُحكم من البيت الأبيض.
بات القسم الأكبر من «الوصفات التحليلية الجاهزة» لليبراليين العرب مصاباً بالفشل الذريع على مدار الأعوام الماضية، ما دفعهم إلى بناء مجموعة من «خطوط الدفاع» التي كلما انهار أحدها، تقهقرت «تحليلاتهم» إلى الخط التالي بشكل مباشر.
ليلة العاشر من الشهر الجاري، ومع بدء الجلسة التي جمعت كلاً من الوفدين الروسي والأمريكي في جنيف، بمشاركة المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، شرعت معظم وسائل الإعلام التابعة لدول وقوى سياسية متضررة من الاتفاق في البحث عن «ثغرات» من شأنها الإيحاء بأن «لا جديد يلوح في الأفق».