قمة مجموعة الـ 77 زائد الصين . . تطلعات كونية
د. محمد البطل د. محمد البطل

قمة مجموعة الـ 77 زائد الصين . . تطلعات كونية

انعقدت في مدينة سانتا كروز البوليفية يومي (15-16 حزيران / يونيو)، القمة الاستثنائية لمجموعة 77+ الصين، بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشاء هذا المنتدى التضامني العالمي، وشارك فيها ممثلون عن 135 دولة، برئاسة بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة .

ومنذ إقامة مجموعة ال77 في يونيو / حزيران عام 1964 من الدول النامية في العالم، في مدينة جنيف إثر البيان الذي اعتمدته هذه الدول، سعت حركة عدم الانحياز إلى الانضمام لهذه المجموعة، بوصفها النظير الاقتصادي للحركة، التي تأسست قبلها بعشر سنوات .

وتعود جذورها وأسباب قيامها كمجموعة إلى الظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي ميزت فترة ما بعد الحرب الباردة، بوصفها الطريق الوسط بين النظامين الاجتماعيين والاقتصاديين القائمين آنذاك، النظام الليبرالي الرأسمالي واقتصاد السوق الحر، والنظام الاشتراكي واقتصاد السوق الموجه .

وهدفت إلى التنسيق والتضامن بين دولها، من أجل الحرص على المصالح المشتركة لأعضائها، وتعزيز ثقلهم وقدراتهم التفاوضية حول القضايا الاقتصادية، التي تتم معالجتها في إطار الأمم المتحدة، والعمل على فكرة إقامة نظام عالمي جديد . وقد دعمت الصين هذه المجموعة منذ تأسيسها، وحضرت اجتماعاتها بصفة "ضيف خاص" إلى بدء التنسيق بينهما عام ،1991 أثناء التحضير لقمة الأرض . وخلال عام 1996 تبنت الدورة الوزارية العشرون لمجموعة ،77 ولأول مرة بياناً باسم مجموعة 77 زائد الصين، (التي فضلت الانتماء إلى هذه المجموعة إثر خلافها العقائدي مع الاتحاد السوفييتي الذي قاد "المنظومة الاشتراكية"، وتناقضها مع النظام الأخر الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية) . واعتمدت المجموعة في قمة هافانا عقد قمة دورية على مستوى رؤساء دولها وحكوماتها مرة كل خمس سنوات التي باتت تضم 132 دولة تمثل 80 في المئة من سكان العالم، و43 في المئة من الاقتصاد العالمي، إلا أنها ما زالت تحمل اسم مجموعة 27 زائد الصين .

وتتميز هذه المجموعة عن غيرها من الروابط والتكتلات القارية والدولية القائمة، بأن لا نظام أو هيكل دائم أساسي أو داخلي لها، من أجل تنظيم أنشطتها . وإنما تنسيق مواقفها داخل عدة هيئات متعددة الأطراف، ورئاستها السنوية تؤول بصفة دورية، إلى ثلاث مناطق نامية كبرى (آسيا، أمريكا اللاتينية وإفريقيا) .

ويعقد الاجتماع الوزاري السنوي (الهيئة العليا للمجموعة) على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما تعقد اجتماعات أخرى على هامش الندوات واللقاءات الدولية .

وتكتسب هذه القمة الاستثنائية للمجموعة في بوليفيا أهميتها من أنها تأتي بعد الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وتجنب أغلبية دول مجموعة 77 زائد الصين تبعاتها المالية والاقتصادية، كذلك مطالبة هذه المجموعة تصحيح وتطوير أوضاع الأمم المتحدة وهيئاتها ومؤسساتها، وتعزيز موقعها على الصعيد الدولي، إذ دعا الرئيس البوليفي ايفوموراليس (البلد المضيف) الذي تتولى بلاده رئاسة المجموعة في كلمته أمام القمة، إلى إلغاء مجلس الأمن الدولي، وإلى البحث العميق في صيغ التنسيق بين دول المجموعة، وكيفية زيادة تأثيرها ونفوذها الدولي . في الوقت الذي أكد فيه بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، أهمية هذه المجموعة وما تمثله دولياً وضرورة الاستفادة من قدراتها وإمكاناتها على الصعيد العالمي . وهذا ما أكده أيضاً العديد من الرؤساء المشاركين الكوبي راؤول كاسترو، والفنزويلي نيكولاس مادورو، ورئيس الأورغواي خوسيه موخيكا، وغيرهم من رؤساء الوفود المشاركة في القمة .

وهذا أيضاً ما أكده البيان الختامي للقمة الذي تضمن دعوة المجموعة إلى توسيع مجلس الأمن الدولي، وإلى إصلاح هيئات ومؤسسات هذه المرجعية الدولية . كذلك العمل على تجسيد التزامات دولية جديدة ضد عدم المساواة وحماية البيئة وسيادة الدول على ثرواتها الطبيعية . وإلى التوصل إلى خطة دولية تهدف إلى استئصال الفقر في العالم بحلول عام ،2030 بوصفه أكبر تحد يواجهه العالم من أجل تحقيق تنمية مستدامة .

هذه القضايا المهمة وغيرها، التي تضمنها البيان الختامي للقمة الاستثنائية لمجموعة ال77 زائد الصين تؤكد تطلع صف واسع مما يسمى بالدول النامية في العالم التي باتت تضم دولاً ذات اقتصادات قوية، ودولاً ناشئة بارزة ممثلة في مجموعة العشرين الدولية، كما تضم مرشحين بارزين عن القارات الثلاث، لعضوية مجلس الأمن الدولي في إطار نقاش قديم- جديد حول ضرورة إصلاح مؤسسات الأمم المتحدة، وبخاصة هيئتها التنفيذية مجلس الأمن الدولي .

وتزداد أهمية ما تضمنه هذا البيان اختصاراً، العديد من القضايا المفصلية في الحياة الدولية وشبكة علاقاتها أيضاً، وهي مسائل البشرية جمعاء، بغض النظر عن توجهات الدول المتنوعة وسياساتها أيضاً . وتضيف صوتاً قوياً لمنتدى دولي يضم مرة أخرى نحو 80 في المئة من سكان العالم يطالبون بنظام عالمي جديد، وينسجمون بذلك مع مطالبات وعمل دول كبرى ومركزية، وروابط وتكتلات أخرى قارية ودولية حول موضوعة التعددية القطبية الذي يلحظه عالمنا خلال معالجاته إشكالياته المتعددة لنظام الأحادية القطبية وتبعاتها السلبية على العالم أجمع .

وفي هذا السياق ينظر إلى شمولية البيان الختامي الذي مهدت له كلمات رؤساء الوفود المشتركة، وأظهرت حرص دول المجموعة على معالجة الوضع الدولي القائم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مستفيدة من حضورها ونفوذها الدوليين، وتمثيلها المباشر لثلاث قارات فاعلة في عالمنا أيضاً .

المصدر: الخليج