تحقيقات وآراء أمريكية فاضحة
د.محمد أشرف البيومي د.محمد أشرف البيومي

تحقيقات وآراء أمريكية فاضحة

كما هو واضح منذ سنوات عديدة فإن هناك مشروعا غربيا (أمريكي / أوروبي/ صهيوني) يهدف إلي الهيمنة علي الأمة العربية وفي قلبها مصر ودولا عديدة في العالم الثالث مما يجعل قوي الهيمنة هذه تسعي إلي تعميق هوة التخلف والتشرذم واستمرار حالة من عدم  الأمن والاستقرار.

 إن من ينسي أويتناسي هذه الحقيقة ويهمل ضرورة النضال من أجل استقلال القرار الوطني فهو في الواقع يحقق هدفا أساسيا لقوي الهيمنة. لم يكن هناك ديمقراطية أصيلة أثناء الاحتلال البريطاني ونجزم أيضا بأنه لن تكون هناك ديمقراطية تخدم الوطن في ظل التبعية المريرة، أو تنمية حقيقة أو ظروف معيشية كريمة للسواد الأعظم من الشعب دون سيادة القرار الوطني في كافة المجالات.

أواصل عرض ما جاء في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية في الأيام الماضية وتحديد مضمون الرسائل والانطباعات التي تحاول الصحيفة بثها.

 

"أمل الديمقراطية في مصر يتبخر!"

4- يقول الكاتب "والآن بعد أكثر من ثلاثة أعوام بعد ثورة الربيع العربي التي أنعشت الأمل من أجل مصر ديمقراطية فإن ذهابه للقصر الجمهوري سيعيد مصر رسميا لحكم الرجل العسكري الأبوي علي السياق التقليدي لجمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك...لقد عبر السيسي بسرعة عن شعور بالحنين لهيمنة الدولة الناصرية للاقتصاد الذي بدأت ستة عقود من الركود ... لقد اقترح برامج حكومية لخفض الاسعار والارباح وكذلك ري وتوزيع مساحات واسعة من الصحراء"

لابد أن نتوقف عند تعبير "الربيع العربي" فهو تعبير صاغه مارك لينش الأستاذ المشارك بجامعة جورج واشنطون ومدير معهد دراسات الشرق أوسط في مقال بمجلة الفورن بوليسي ولقد اعتبر البعض (وكاتب هذا المقال منهم) أن استخدام هذا التعبير هو جزء من استراتيجية أمريكية للتحكم في أهداف هذه الحركات وتوجيهها نحو الديمقراطية  الليبرالية علي الطراز الامريكي وللاسف فإن البعض مما يسمي بالنخبة العربية تردد التعبير وغيره من التعبيرات المصاغة في الكواليس الغربية دون تحفظ او تقييم.

أما الأهم فهو الجمع بين المتانقضات: عبد الناصر المنحاز للفقراء والمتصدي للاستعمار مع السادات ومبارك المنحازان للسوبر اغنياء والفساد والذين رضخوا للاملاءات الامريكية والصهيونية. هذا الجمع له دلالة فمن وجهة نظر الكاتب فإن ميزان التقييم الاساسي وربما الوحيد هو غياب ديمقراطية الصندوق الغربية التي لا تكترث بالديمقراطية الاجتماعية التي تحمي حقوقا انسانية اساسية. بالطبع فإن الإدارة الأمريكية صادقت كلا من السادات ومبارك أما في حالة جمال عبد الناصر فكانت عدوه اللدود ليس لأنه اعتدي علي المصالح المشروعة الأمريكية وإنما لأنه عمل لمصلحة شعبه ووقف بالمرصاد لسياسات الهيمنة الأمريكية في الوطن العربي والأفريقي والعالم الثالث عموما.

تناسي الكاتب ان ارادة الشعب هي الحاكم الاصيل وان تشبيه السيسي بناصر قد يكون مستهجنا ومثيرا للازعاج للدوائر الحاكمة الغربية ولكنه امل ورغبة وشوق من قبل الجموع الشعبية للحقبة الناصرية او بدقة اكبر لسيادة القرار والسيادة الوطنية ولبناء مصر اقتصاديا والخروج من مأزق الانفتاح الاقتصادي الذي هو التبعية لسياسة السوق التي افقرت وابطلت الشعب المصري. هنا تقع المفارقة الحقيقية وما يتمناه غالبية الشعب الكاسحة هو مناقض تماما لاهداف ورغبات قوي الهيمنة الغربية.

كما انه من الواضح ان السيد كيلباتريك يستقي انطباعاته من بعض أفراد النخبة التي يذكرها في تقاريره والمرفوضة شعبيا. إن شرائح شعبية واسعة تتمني أن يسير السيسي علي نهج عبد الناصر والتي تطلب مواقف مناهضة للرجعية العربية وزعمائها والخروج من نهج كامب دافيد والتمسك باستقلال القرار السياسي الوطني.

تحليل الكاتبان ينم عن عبقرية نيوليبرالية تغفل الديمقراطية الاجتماعية وتهمل العامل الأساسي للخراب الآقتصادي وهو إلتحاق مصر بسياسة اقتصاد السوق التي أبطلت الملايين والتي خلقت شريجة من السوبر أغنياء في إطار العولمة الرأسمالية المدمرة!!!

 

"انتخابات شكلية مشكوك في نزاهتها"

ذكرت تقارير كيلباترك والشيخ "صور قليلة للسيسي الملطخة بالدماء  الغاضبون يكتبوا  السيسي قاتل، السيسي قاد الاستيلاء العسكري علي الحكم.. انتخابات شكلية... رجال اعمال وسياسيين الذين ايدوا مبارك يصبون طاقاتهم ومواردهم لتعليق رايات السيسي...قاطع الاسلاميون التابعين للاخوان المسلمين الانتخابات واعتبروها غير شرعية، الناس خائفون بعض الشيء منه(السيسي) عاد الخوف قال آخر. قوات الامن القت القبض مرارا علي الطلبة في غرف الدرس واغلقوا بيوت الطلبة لمنع الشغب قال احدهم لو استمر السيسي كذلك لن يكون جيدا للسيسي.,,هذا يعكس تردد المصريين  للعودة لانتخابات مخططة بعد التنافس المحموم والحر في السباق الذي عقد بعد عزل الرئيس مبارك عام 2011. قال العديد من المحللين ان ذلك يدل علي ان التاييد للسيسي هو اضعف من الذي يزعمه مؤيدوه في الاعلام. الناقدون يقولون أن التصويت مشوه جدا بمخالفات ومن ثم فان النتيجة بما في ذلك عدد المصوتين لا معني له عدا ربما انه علامة لعودة عصر الرجل القوي مثل حسني مبارك."

لم يذكر الكاتبان ماذا كان يحمل بعض الطلبة في غرف الدرس، كتب وأقلام أم قنابل مولوتوف وغيرها من أدوات العنف. كذلك لم يذكرا مدي تأثير مقاطعة الإخوان علي نتيجة الامنتخابات! وما هو الوزن السياسي للذين اعتبروا الانتخابات باطلة!

 

"انحسار شعبية السيسي وانقسام مصر العميق"

ذكر الكاتبان:"كان هناك تاييد عاطفي من قبل الغالبية العظمي من المصريين لازالة مرسي وللصعود للسلطة "  ووصف تمديد التصويت بمحاولة يائسة، كما قالت ميشيل دون باحثة في الشئون المصرية بصندوق كارنيجي للسلام العالمي   " فقدوا السيطرة بالفعل علي الحكاية لان القصة المتداولة الان ان عدد الذين ادلوا باصواتهم قليلة ولهذا يتخذون اجراءات غير عادية. "شعبية السيسي عانت"بسبب الناس الذين قتلهم من المتظاهرين الاسلاميين الذين عارضوا الاستيلاء علي السلطة.قاد عبد الفتاح السيسي الماريشال السابق الذي كان انجازه الاساسي قيادته للخلع العسكري لرئيس الدولة المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي المنتمي للاخوان المسلمين الصيف الماضي...قال العديد من المحللين أن ذلك يدل علي أن التاييد للسيسي هو أضعف من الذي يزعمه مؤيدوه في الاعلام... ان البلد مستقطبة جدا ولا يوجد تاييد واسع لأحد". قالت ديون"التحديات التي ستواجه السيسي كبيرة اذا تمني توحيد بلاد منقسمة بعمق."

وفي مقال 28 مايو ذكر الكاتبان ما قاله سامر شحاتة المتخصص في العلوم السياسية بجامعة اوكلاهوما "أن انخفاض عدد المصوتين يدل علي  أن السيسي ليس ناصر وأنه لم يعد يتمتع بشعبية مماثلة وأن بريقه سرعان ما خبي  وان انقسام المصريين أعمق من أي وقت وأن سلطويته تزداد  وضوحا".

أتسائل هل هناك حاجة للتعليق؟

 

شوشرة مفتوحة وغير مقيدة

 أضاف كيرباتريك وزميلته، "سيقود (أي السيسي) دولة منقسمة كما كانت في يوليو الماضي عندما خلع وسجن السيد مرسي ... لقد قتلت قوات الأمن منذ ذلك التاريخ أكثر من ألف من المؤيدين الاسلاميين للسيد مرسي في مظاهرات معارضة في الشارع وسجن عشرات الآلاف آخرين... ملايين آخرين منزعجين من الحكومة... العنف المتطرف تصاعد... يستطيع الحديث بأسلوب رومانسي  ... يمكن المقاربة مع عبد الحليم حافظ ..." وذكر ما قاله  حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ‘السيسي حلو وناعم كأنه يغازل امرأة جميلة‘"

يسرد الكاتبان ملخص لنشأة السيسي في خان الخليلي وكيف أن"والده تاجر غني  وكان الوحيد الذي يملك سيارة مرسيدس و أنه كان جادا صارما كما كانت له زوجة اخري كما يبيح الاسلام"...كما تحدث عن أحلام السيسي التي "تنبات بانه سيكوم رئيسا."

يضيف الكاتب بلغة تهكمية أن السيد منصور (الرئيس الحالي)  ..." سيكون لديه فرصة ان يكون اول رئيس سابق يبقي علي قيد الحياة وحر الرئيس الوحيد الذي لم ينتهي به الحال الي الموت او السجن".

 

مراقبون دوليون مغرضون!

ذكر نااثان براون الذي يعمل في جامعة جورج واشنطون في قسم العلوم السياسية أنه ليس هناك طريقة من التثبت في النتائج  بسبب ضعف المراقبين الدوليين والمحليين ،كما ذكر الكاتبان في تقاريرهم الستة "أن فريقين أجانب قالوا‘ أن المراقبين الدوليين وجدوا أن الانتخابات الرئاسية المصرية لم ترقي إلي المستويات العالمية‘..."المناخ السياسي القمعي منعت الانتخابات الرئاسية من أن تكون خالصة ". واعتبر الفريقين الأجنبين "أن إضافة يوم آخر في آخر دقيقة  لم يكن مخالفة غير ضرورية واثارت شكوكا حول مصداقية العملية واستقلالية المسئولين عن الانتخابات.... لانعرف عدد المصوتين في الانتخابات" فريق الديمقراطية الدولية المكون من 86 فرد وانهم لم يروا أعدادا كبيرة"

كما صرح إريك بورنلوند رئيس الديمقراطية الدولية وهي منظمة تراقب الانتخابات وممولة من الولايات المتحدة الأمريكية بأن "البيئة السياسية تثير جدا القلق"

يذكر الكاتبان ما قاله روبرت جوبلز عضو في البرلمان الاوروبي عن لوكسوبورج حول عملية التصويت " بأنها حرة ولكنها لم تكن دائما عادلة جدا، نظرا لميزات لصالح المنتصر من حيث التمويل والاهتمام الاعلامي".

 

ظروف الانتخاب

"كان يوم الاثنين حارفي غير اوانه. المصوتين كانوا في حالة بهجة. المحلات والعربات يذيعون بصوت عال تسلم الايادي... حالات قليلة من العنف لم يمت او اصيب احد، فرق البوليس جموع معارضة صغيرة...مكتب حملة حمدين قال ان البوليس والقضاة المتواجدين في محطات التصويت ضايقوا احيانا مندوبيهم ومنعوا بعضهم وان احد محاميهم احمد حنفي ابو زيد قال ان البوليس ضربه وهدده وحوله للنيابة في محكمة عسكرية...ورغم تهديدات المسئولين وتانيب الاعلام فان أماكن التصويت بقيت خاوية تقريبا في مصر يوم الثلاثاء حسب التقارير الاخبارية.اتخذت لجنة الانتخابات خطوة غير عادية بتمديد أيام التصويت يوما ثالثا.عملية سياسية توصف بعدم التكافؤ الشديد والتضيق الكبير...سحب السيد صباحي كل مندوبيه من اللجان المساء السابق شاكيا القبض علي عدد كبير منهم واعتدي عليهم من قبل البوليس لمحاولتهم ابقاء انظارهم علي بطاقات الانتخاب وبذلك أزيل آخر رقابة هامة ضد احتمال حشوالصناديق. ذكرت حملة الصباحي أن 14 عاملين بها احتجزوا مؤقتا مساء الثلاثاء. وفي بيان للصباحي يوم الاربعاء انه يشك كثيرا في امانة التصويت ولكنه مع ذلك سيبقس في السباق حرصا علي مصلحة الوطن."

لا نجد أي إشارة إلي أنه حسب المادة 27 من قانون الانتخابات الرئاسية،فإنه من حق اللجنة العليا للانتخابات إجراء الاقتراع في يوم واحد أو أكثر.

 

الامبريالية تفصح المزيد عن نفسها

 جاء في رأي الصحيفة أنه "لم يكن هناك ن شك من سينجح في الانتخابات الرئاسية بمصر الاسبوع الماضي السيسي كان لديه ولاء الجيش والاعلام  التابع الذي يخدمه لم يكن هناك تنافس حقيقي بعد ان سجن او اخاف كل المعارضة الجادة  وهكذا حصل علي خمسة وتسعين في المائة... الانتخابات لم ترقي للمعايير الدولية للانتخابات".

 أضافت الصحيفة"لن تزدهر مصر ابدا من غير اصلاحات اقتصادية التي تفتح الاسواق واصلاحات سياسية التي تسمح بمشاركة مجموعات مختلفة بما في ذلك الاسلاميين... ليس هناك علامة علي ان السيسي لديه رؤية لاصلاح اقتصادي وان علاجه لنقص الوقود العنيف هو  لمد الكهرباء الموفرة للطاقة". بالمناسبة كنا نقول منذ عقود أن ترشيد استهلاك الكهرباء هو مصدر طاقة فاستخدام اللمبات الموفرة للطاقة يمكن أن توفر 15 غلي 20 من الطاقة الكهربائية.

جاء في رأي الصحيفة "ان قبول الرئيس اوباما بالانقلاب وما تبعه من اجراءات صارمة أراح السيسي" وذكر ما  قاله اوباما "بأن مصالح أمريكا  تتركز اساسا في ضمان ان مصر تلتزم بمعاهدة السلام مع اسرائيل وتتعاون ضد الارهابيين" فلنتذكر دائما هذه المقولة وألا نعير اهتماما كبيرا بتقييمات الحكومات الغربية المغرضة وتوابعها من إعلام ومنظمات "غير حكومية" وأن نعمل جديا لتحقيق أولوياتنا المتنا سقة مع استقلال إرادتنا ومطالب شعبنا.

آخر تعديل على الأربعاء, 18 حزيران/يونيو 2014 13:23