الهاشميّون يغامرون بالكيان السيّاسي الأردنيّ!
د. وفيق ابراهيم د. وفيق ابراهيم

الهاشميّون يغامرون بالكيان السيّاسي الأردنيّ!

يزداد انحياز الملك الأردني عبدالله إلى المسلحين الإرهابيين الذين يهاجمون سورية، ويوفّر لهم القواعد والتدريب والسلاح والتذخير والأركان، استجابة لضغوط أميركية ـ سعودية، وأخرى من بعض الأطراف الداخليين في مملكته.

تفسير هذه الزيادة الملكية في التدخل موجود في فشل معركة كسب التركية في الشمال تحت ضغط إيران وروسيا وبسالة الجيش السوري. ويتعلق العامل الثاني باندلاع اضطرابات في معان الأردن تبين أن جبهة النصرة العاملة في سورية تقف وراءها، فأحب عبدالله أن يرضيها بزيادة دعمه للمسلحين الذاهبين إلى سورية. ولن ننسى أن أميركا المستاءة من الموقف الروسي في سورية وأوكرانيا تريد أيضاً تسجيل انتصارات موازية، فحركت الجبهة الأردنية وهي في صدد تحريك جبهة «إسرائيل» انطلاقاً من الجولان المحتل.

مؤشرات الانحياز لا تحصى، يكفي ذكر حقول التدريب الأردنية المتوافرة للمسلحين وغرف الأركان والتوجيه والذخائر والسلاح واستضافة قيادات المعارضين.

لماذا يغامر الملك الهاشمي إلى هذا الحد؟

كان والد جده الشريف حسين بن علي موعوداً بملك يغطّي المشرق الإسلامي، وانتهى منفياً في قبرص وهو يشتم أصحاب الوعد الإنكليز. وسقط الملك الهاشمي في سورية والعراق تباعاً، ولم يبق إلاّ الأردن فلماذا يريد عبدالله حشره.

على مستوى الانقسامات الداخلية، يشكل ذوو الأصول الفلسطينية غالبية سكانية مقابل قلة من أهل شرق الأردن الأصليين وهم شرق أردنيون وحوارنة اقتطعوا مع مناطقهم من حوران الكبرى ليصبحوا جزءاً من الأردن، وقبائل أتت مع الأمير عبدالله من الحجاز ونجد.

سياسياً، ينقسم الأردنيون بين موالين للهاشميين وأغلبهم من العشائر والأصليين من شرق الأردن، مقابلة قلة من ذوي الأصول الفلسطينية. وهناك الأحزاب السلفية و«الإخوان المسلمون» وقلة من الأحزاب القومية المختلفة، لكن أقوى حزب في الأردن، هو مثل معظم دول المشرق، الجيش الذي يدين بالولاء للملك.

تجعل هذه الصورة الملك شخصية محورية في الحياة السياسية… إنما في بلد لم يملك البتة أيّ دور لأنه من البلدان الحديثة التي تأسست لأداء جملة وظائف شرق الأردن، وهو جزء من سورية، مع لبنان وفلسطين المحتلة، التي اقتُطعت من بلاد الشام.

أولاً: لإضعافها.

ثانياً: لحجزها عن جزيرة العرب الأردن .

ثالثاً: استعمال الأردن لنسف الإجماعات العربية.

بالاستنتاج يتبين أن وظيفة الأردن هي وظيفة الحاجز بين سورية وجزيرة العرب، وبين الكيان الصهيوني وجزيرة العرب.

وبما أنه لا يملك نفطاً وغازاً ومياهاً، فإنه مرتبط بدول الدعم المالي، أي الخليج، حتى يوم الدين. لذلك ينتمي الأردن إلى دول الوظيفة. وهذا واضح في تلبيته الضغط السعودي ـ الأميركي ـ السلفي للانحياز إلى جانب المسلحين، معرضاً آخر ملك هاشمي للزوال.

في خاتمة الأمر، يُنتظر أن يعيد عبدالله النظر بقراره بعد تفلت الوضع الداخلي لديه، فمشاريع السلفيين تضع إسقاط الهاشمي في طليعة مخططاتها، وتراهن على أن ضعفه قد يساعدها في الإمساك بالسلطة في عمان كطريقة لتهديد الشام والخليج في آن واحد. فهل يكون عبدالله آخر ملك هاشمي؟

 يقول المراقبون إن الثقة أصبحت مفقودة بين دمشق وعمان، ما يعني أن الصلح بينهما قد يتم، إنما على قاعدة الارتياب، فدول الوظيفة لا تستطيع لعب أدوار مستقلة، بل تنفذ مهمّات لمصلحة مستخدميها الأميركيين والسعوديين.

غداً يكتب التاريخ أن عبدالله لم يكن بمستوى والده حسين الذي استطاع بدهاء وبراغماتية كبيرة أن ينقذ نظامه من الصعود الفلسطيني في السبعينات، ومن انطلاق المد القومي في الستينات، وهي حركات أكبر بكثير من حركة النصرة التي خشي على ملكه منها فباعها، من دون أن يدري آخر ملك لبني هاشم في بلاد العرب.

المصدر: صحيفة البناء