فوضى رأس المال، من كولومبوس حتى أوباما(2)
يزن حداد يزن حداد

فوضى رأس المال، من كولومبوس حتى أوباما(2)

نظّر فرانسيس فوكوياما للرأسمالية بقوله أن الحرب الباردة لم تنتهي وحسب، بل وذهب إلى التأكيد على أن انهيار المنظومة الاشتراكية يمثل نهاية الآيديولوجيا الشيوعية وسيادة الليبرالية، واضعاً بذلك حدّاً للتاريخ البشري كمنظومة اقتصادية وأخلاقية، ولكنّ التاريخ البشري نفسه أثبت مراراً الخلل الجسيم الذي ينخر في بنية هذه المنظومة، فالرأسمالية لم تعكس بالتأكيد طموح الإنسان الأخير، بل هي مرحلة عابرة كانت ضرورية، ولا بدّ من تجاوزها الآن.

حملت نهاية القرن التاسع عشر تدشيناً لحقبة جديدة من مراحل تطور الرأسمالية، والتي وصفها لينين بأنها الأخيرة في تلك السلسلة التي بدأت بالمركنتيلية، حيث يرسم الكثيرون الخط الزمني لانطلاقة تلك المرحلة مع بداية الحرب الأمريكية-الإسبانية على وجه التحديد، فقد أعلنت الولايات المتحدة الحرب على إسبانيا عقب غرق البارجة الأمريكية USS Maine في ميناء هافانا إثر انفجار بالمحرك، والذي وظفته أمريكا إعلامياً كهجوم عليها لتحشيد الرأي العام للدخول في حرب مباشرة مع إسبانيا. فقد كان الهدف الرئيس من الحرب هو توسيع النفوذ الجغرافي للولايات المتحدة عبر شنّ الحرب على المستعمرات الإسبانية، لكنّ الأهداف المعلنة كانت مغايرة تماماً للواقع، ذلك ليس بجديد في نمطية الإعلام الرسمي الذي تقوده الطبقة البرجوازية.

فالتركيبة الإمبريالية لمنظومة الرأسمالية تتكون من جانبين مترابطين جوهرياً، هما الانتقال إلى رأسمالية الاحتكارات والسوق المفتوح أمام حرية المضاربة ضمن سيرورة التطور التاريخي، مع النزوع إلى عسكرة العالم في سياق العولمة الاقتصادية للهروب من أزمات الكساد، إضافة إلى عملية توسيع الأسواق التجارية. وفي الواقع فإنّ النزعات الاستعمارية والطموح التوسعي أمور جاءت نتيجة لمجموعة من الأسباب المتداخلة أهمّها هو تطور قوى الإنتاج والتفاوت في توزيع الموارد على صعيد التقسيم الدولي، إلى الحد الذي جعل من الشركات متعددة الجنسيات شركات عابرة للقارات نظراً لضرورات الإنتاج الرأسمالي المعني بالتوسع الدائم، مما دفع ببرجوازيات المراكز الذهاب إلى تأسيس تحالفات عالمية لاحتكار الأسواق، حيث كتب الصحفي بول لويس في النيويورك تايمز عام 1998 في ذكرى البيان الشيوعي واصفاً عبقرية ماركس في رؤيته للاقتصاد العالمي بقوله: “عندما يزور القراء (المانيفستو الشيوعي) في عامه الخمسين بعد المئة، يفاجأ القراء سواءٌ كانت ميولهم نحو اليمين أم اليسار، بدقّة تعريف كارل ماركس للاقتصاد العالمي هذه الأيام”!

ومن جهةٍ اُخرى فإن مفهوم الإمبريالية في الأساس يحوي متناقضاتٍ عدّة من حيث منطق عمله، فهو يمثّل سياسة دولة وسياسة إمبراطورية في آنٍ معاً، سياسة دولة في تهيئة البيئة الملائمة لتراكم رأس المال من خلال آلية الاستقطاب على الصعيد العالمي، وسياسة إمبراطورية في خلق المسوغات باستمرار للدخول في الحرب بهدف غزو المزيد من الأسواق وتحرير المؤسسات التجارية للدول أمام سطوة الشركات العملاقة. ويميّز ديفيد هارفي هنا في كتاب “الإمبريالية الجديدة” بتحديد فترة صعود البرجوازية الإمبريالية منذ تجربة كومونة باريس عام 1871 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، التي بدأ مع نهايتها عهدٌ جديد من الهيمنة على دول العالم كان اللاعب الأبرز فيها هو الولايات المتحدة الأمريكية، فقد شرعت بتأسيس المنظمات الدولية لمواجهة ما سمّته بـ “خطر المدّ الشيوعي” حيث أقرت اتفاقية بريتون وودز -التي انبثق عنها صندوق النقد والبنك الدوليين- على تثبيت نظام الصرف بالدولار كقاعدة أساسية للعملات في سوق التداول المالي باستخدام مقياس ذهب-دولار، قبل التحول إلى البترو-دولار في بداية السبعينيات من القرن المنصرم، مما جعل من أميركا قوة اقتصادية كبرى استطاعت أن تفرض هيمنتها عبر مزيج مركب من السياسات الاقتصادية ارتكازاً إلى أفضلية اللا-تكافؤ في القدرات الإنتاجية بين مراكز رأس المال والتخوم، إلى جانب آلتها الحربية ومنطق الاستعمار المباشر والاستعمار الجديد كذلك.

تحتل مسألة الشركات العملاقة ودورها حيّزاً كبيراً في قراءة معطيات المشهد ضمن الأبعاد الاقتصادية والسياسية للإمبريالية، ففي الحين الذي كانت تتشكل به الكونسورتيومات والكارتيلات والتروستات من جهة (وهي أشكال مختلفة لاندماج أو اتحاد عدة شركات قد تكون ذات تخصص واحد أو قد تختلف مجالات عملها بحسب طبيعة وتركيز الاندماج) مما يعطي انطباعاً بأن عهد المضاربات قد انتهى، كانت تلك الاتحادات ذاتها تدخل سباقاً محموماً في التنافس على احتكار السوق العالمي وإعادة اقتسامه، حيث قاد ذلك إلى تحفيز رغبات التوسع الجغرافي وتنظيم المجال بما يحقق مساحة أوسع من حرية المزاحمة التي تتوافق مع مصالح تلك الشركات العابرة للحدود.

 

إمبراطورية الشركات تهيمن من جديد

في تقرير صدر عام 1999 عن الحزب الجمهوري الأمريكي يقول فيه أنهم كانوا ينتظرون حادثة كبيرة بحجم بيرل هاربر والتي تمخض عنها انخراط أمريكا في الحرب العالمية الثانية، وذلك بالطبع لتبرير الدخول في غمار الحرب بداعي تصريف أزمة نهاية التسعينات الناجمة عن تقلص كمّي في الصادرات بفعل انخفاض حجم الطلب، فالشركات الكبرى هي المستفيد الأول من الحروب ومن تبعاتها الكارثية، حيث جاءت أحداث أيلول/سبتمبر بمثابة طوق النجاة الذي أنقذ اقتصاد الولايات المتحدة من الغرق في أزمة ديون جديدة وصلت إرهاصاتها الذروة في الربع الثاني والثالث من عام 2001 (أي قبل أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر) وتمّ تصريفها عن طريق إعلان الحرب على “الإرهاب” وبداية الحملات العسكرية باتجاه أفغانستان لتصفية ما صنعته أيديهم.

وتوالت المؤشرات الدالة على اقتراب أزمة مالية مقبلة قارعةً بذلك ناقوس الخطر في وجه النظام الرأسمالي العالمي والأمريكي بالتحديد، حيث أوردت مجلة “ذي إيكونوميست TheEconomist” البريطانية في أحد أعدادها قبيل أحداث برجيّ التجارة بعض الأرقام المتعلقة بمجموعة من الشركات متعددة الجنسيات أمريكية المنشأ والتي تشير إلى خسائر فادحة في حساباتها، حيث أعلنت شركة فورد Ford، أحد أكبر مصنّعي السيارات في العالم، عن خسائرها البالغة 752 مليون دولار للربع الثاني و 692 مليون دولار في الربع الثالث، أمّا شركة جنرال موتورز GM فقد أعلنت أن أرباحها قد تراجعت بنسبة 54% في الربع الثالث من العام ذاته، في حين قالت شركة Citigroup ، وهي من أضخم شركات الخدمات المالية، أن أرباحها قد انخفضت بنسبة 9% للربع الثالث من نفس العام. وبالمقابل قام رئيس المدراء التنفيذيين لشركة إنرون Enron للطاقة -التي كانت تعد من أضخم سبع شركات أمريكية المنشأ للطاقة والنفط- بتقديم استقالته في شهر آب/أغسطس بعد أن شعر بأن الشركة تلفظ أنفاسها الأخيرة، لتعلن إنرون إفلاسها بالفعل بعد ذلك ببضعة أسابيع تحت تأثير اقتصاد الوهم وعمليات التداول المالي الزائفة التي حجبت القيمة الفعلية لديون الشركة، بينما هبطت قيمة الأسهم السوقية لأكبر ست شركات في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا على مؤشر بورصة ناسداك من ما مجموعه 2362 مليار دولار إلى 914 مليار دولار.

ويتبادر هنا إلى الذهن سؤال بصدد دوامة الأرقام تلك يتعلق في مسألة الربط بين خسائر الشركات الكبرى وفي الغاية من الحروب. وكمثال على ذلك، قد تكون حصيلة نتائج الحرب على العراق عام 2003 مؤشراً رئيسياً على دور الشركات العابرة للقارات في صياغة سياسات إمبراطورية الهيمنة الأمريكية، فالدور الذي تلعبه هذه الاحتكارات الضخمة بالتحالف مع النخب البرجوازية الحاكمة في توجيه سياسة الدولة، محوري من حيث عدم إمكانية هذه الشركات العملاقة حصر نشاطاتها التجارية والمالية داخل إقليم محدد بحكم طبيعة الاقتصاد الرأسمالي التوسعية، مما يعني أن نموّها المستمر وتراكم رأس المال لديها يتوقفان على سياسة الإمبراطورية آنفة الذكر. فقد فسّر لينين الكيفية التي تقوم بها الرأسمالية بتجاوز أزمات فرط التراكم والميل إلى تدني معدل الربح من خلال التوسع الإمبريالي، بحيث تعمل الحروب على إنعاش الاقتصاد بعد دخوله في دورة من الركود الناجم عن فائض في إنتاجية السلع مقابل انخفاض في الطلب عليها.

وبلغة الأرقام عودةً إلى العراق في ذلك، الأرقام الفلكية الضخمة، يمكننا أن نستشفّ الطبيعة المدمرة للرأسمالية الإمبرالية، سواءً في الأعداد الهائلة للضحايا المدنيين أو في النتائج طويلة المدى لتخريب وهدم البنية التحتية للبلاد وتفكيك البنية الفوقية (السياسية). وفيما يخص الشركات التي نالت نصيب الأسد من الحرب على العراق تتجلى أمامنا جملة من الأسماء البارزة منها شركة شيفرونChevron (تكسكو سابقاً) للنفط والطاقة، والتي ارتفعت أرباحها بنسبة 90% في الربعين الأول والثاني من عام 2004 بعد أن وقّعت عقود بيع نفط العراق، بالإضافة إلى شركة هاليبرتون Halliburton المتخصصة كذلك في مجال النفط والطاقة والتي سجّلت ارتفاعاً في الأرباح بنسبة 80% في الفترة ما بين الربع الأول من عام 2003 إلى نفس الفترة من العام التالي، أمّا شركة بكتل Becktel للإنشائات، والتي عُهد إليها إعادة إعمار العراق بعد الدمّار الذي خلفته أساطيل الحرب الأمريكية، فقد حققت زيادة في الإيرادات بنسبة 158% خلال الفترة نفسها بين عاميّ 2003-2004، في حين تضخمت قيمة أسهم شركة لوكهيد مارتنLockheed Martin أحد أكبر شركات تصنيع الأسلحة في الولايات المتحدة والعالم، بمعدل 300% بين عامي 2000 و 2004. وإلى جانب كل ذلك، تتأثر أيضاً نسب البطالة في الداخل بصورة ملحوظة بالحروب والأزمات، بيد أنها انخفضت تدريجياً بعد الحرب لتصل إلى 5.5% عام 2004 واستمرت بالتناقص حتى 4.6% لعام 2006 بعد أن كانت نسبياً أعلى من ذلك في العامين الذين سبقا احتلال العراق، لترتفع مجدداً إلى 9.3% بعد عام من الأزمة الاقتصادية سنة 2008، بحسب بيانات مكتب إحصائات العمل الأمريكي!

ينبغي أخيراً التعرض لإشكالية هامّة في مجرى كل تلك الأرقام والحقائق، بحيث تتحول الأسئلة المطروحة في محاولة فكّ لغز الرأسمالية إلى إجابات بحد ذاتها. فلمن لم يعرف شغل نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ديك تشيني Dick Cheney في فترة احتلال العراق منصب رئيس مجلس إدارة شركة هاليبرتون، أما مستشارة الأمن القومي حينها كونداليزا رايس فقد كانت عضواً في مجلس إدارة شركة شيفرون، بيد أن روبرت جاكسون، أحد المدراء التنفيذيين في شركة لوكهيد مارتن، والذي أسس في عام 2002 ما عُرف باسم “لجنة تحرير العراق” والتي ترأسها جورج شولتز، الرئيس التنفيذي لشركة بكتل، لتشكّل ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية بدفعها قدماً نحو اتخاذ قرار الحرب على الأراضي العراقية، عبر توظيف كذبة أسلحة الدمار الشامل إعلامياً، إضافة إلى مسألة “ديكتاتورية” الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بحقّ شعبه، مما أيقظ إنسانية الإدارة الأمريكية واستدعى لذلك احتلال العراق وقتل ملايين العراقيين وتشريدهم من أجل “الديمقراطية” الأمريكية، وليس النفط!!!

 

سيناريو الأزمات الاقتصادية، وفشل المنظومة

من كولومبوس وحتى أوباما، عرف تاريخ الرأسمالية أسماء عدّة برزت تحت شعاراتٍ واهية وخطاباتٍ رنّانة، لكنها بقيت أسيرة القوانين الموضوعية للنظام وسيرورة تطوره، حتى وإن حاولت أن تلمّع تلك الصورة المشوّهة بطبيعتها، فالنظام الرأسمالي العالمي هو نظام مأزوم في منطق عمله نتيجة تناقضات داخلية حادّة. ولئن كانت أزمة عام 2008 أزمة بنيوية (أي على مستوى بنية النظام) كما وصفها سمير أمين، وكغيرها من الأزمات التي شهدناها، فإن سيناريو الأزمات الاقتصادية والانهيارات المالية لن يتوقف مهما بلغت محاولات ترميم المنظومة وإصلاحها، نظراً لتعذّر ذلك بل استحالته.

تعد أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي أحد أكبر الأزمات التي ضربت مراكز الرأسمالية خلال عقودٍ طويلة، وذلك من حيث حجم الأزمة ونتائجها الكارثية، ولم تقتصر تأثيراتها على الولايات المتحدة بصفةٍ خاصة، بل على معظم دول العالم، وبرغم كافة المحاولات التي سعت إلى انتشال أمريكا من الكساد الذي وصل ذروته بين عاميّ 1929 – 1932، فلم يستطع الرئيس الأمريكي حينها فرانكلين روزفلت القيام بذلك رغم اتخاذه خطوات عاجلة لإنقاذ ما تبقى من بنوك وشركات في مختلف القطاعات المالية والتجارية، حيث عمل على إصدار قانون طوارئ البنوك بعد عدّة أسابيع من استلامه للسلطة، لكنّ الأزمة كانت أعمق من ذلك إلى أن مستويات البطالة بقيت في أعلى درجاتها حتى الحرب العالمية الثانية، والتي ساهم حدوثها في رفع نسب التشغيل لينخفض معدل فائض القوة العاملة من 23.3% (أي ما يقارب 13 مليون أمريكي عاطل عن العمل) في عام 1932 إلى 1.2% عام 1944. وفي نفس تلك الفترة بين عامي 1929-1932 أعلن 5000 بنك أمريكي إفلاسه، في حين تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 45% مقابل هبوط مؤشرات قطاعيّ البناء والعقارات بنسبة 80% لنفس الفترة.

يُظهر الرسم البياني في الصورة تفاصيل الانفجار القياسي لنسب البطالة في ثلاثينيات القرن العشرين فيما عُرف باسم “الكساد الكبير” الذي ضرب الولايات المتحدة أولاً، ويرى ديفيد هارفي في معرض نقاشه لأفكار لينين حول مفهوم الإمبريالية التي تعتمد على تصحيح المكان بوصفها شكلاً لإنتاج الاستقطاب، أن الحل الأمثل لتجاوز أزمات فرط التراكم يكمن في التوسع الجغرافي وإعادة توظيف الفائض في مشاريع طويلة الأجل في إطار البنية التحتية، كالاتصالات وشبكات النقل والمواصلات، وهو ما لم يكن ممكناً تحقيقه دون دخول الحرب التي كانت قائمة أساساً، بحيث أصبحت حادثة ميناء هاربر والهجوم العسكري لليابان عليه ذريعةً لخوض اللعبة وفق شروط الولايات المتحدة وقواعدها. وبعد إنتهاء الحرب وخروج أميركا منها بنصرٍ كبير على الصعيدين الاقتصادي والسياسي تحديداً، تقدم وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال عام 1947 بمشروع لإعادة إعمار أوروبا الغربية وتأهيلها اقتصادياً لمواجهة فزاعة الخطر الأحمر، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى إنفاق مبلغ 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات منذ بداية المشروع الذي شاركت فيه 16 دولة في القارة الأوروبية تضررت من جراء الحرب، وذلك لإحكام سيطرتها على المنظومة العالمية ليصبح الثالوث الرأسمالي (واليابان من ضمنه، بعد أن ساعدتها أميركا على تصنيع نفسها لاحقاً!) بقيادة الولايات المتحدة، مركزاً للعالم بأسره!

ولا تزال الأبواب مفتوحة الآن للحديث عن الهيمنة الرأسمالية والأمريكية، وعن دور شعوب الأطراف في مجابهة الإمبريالية، حيث أن فوضى رأس المال ليس توصيفاً ميكانيكياً لحالة عرضية يمكن إصلاحها أو تحجيم آثارها التدميرية على العالم، فالفوضى والحروب والاستعمار وتخريب البيئة وانحلال أبسط أشكال القيم البشرية هو جزء لا يتجزأ من بنية الرأسمالية السائدة. ومن كولومبوس إلى ويلسن وروزفلت وترومان وريغان وصولاً إلى جورج بوش وأوباما، تتغير الوجوه وتبقى السياسات واحدة، وكما سبق أن أشرنا فالأزمة ليست أخلاقية، الأزمة بنيوية تقع في قلب النظام وفي صلب آلية عمله. والآن أكثر من أي وقتٍ مضى، يُطرح المشروع الماركسي-اللينيني والاشتراكية العلمية كبديل راهن عن فوضى رأس المال التي لا يمكن أن تولد سوى الحروب والأزمات والدمار!

 

المصدر: راديكال، العدد الثامن والأربعين 16-30 نيسان 2014