زيارة نتنياهو إلى الأردن ومصير المطبعين المحتوم

زيارة نتنياهو إلى الأردن ومصير المطبعين المحتوم

قام رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو بزيارة مفاجئة إلى الأردن يوم الثلاثاء 24 من شهر كانون الثاني الجاري، والتقى فيها العاهل الأردني عبد الله الثاني، الخطوة التي تأتي في ظل ظروف معقَّدة داخل الكيان وفي المنطقة وفي ضوء توتر في العلاقات بين الأردن والكيان.

بات معروفاً أنّ العلاقات بين الأردن والكيان شهدت توتراً متصاعداً منذ الإعلان عن صفقة القرن، التي بدأ الحديث حولها منذ ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فالأردن استشعر متأخراً جداً أن الكيان وداعمه الأمريكي لن يفوّتوا فرصةً للقفز فوق الاتفاقات والقرارات الدولية التي ترتبط بالقضية الفلسطينية، ما يعني نتائج كارثية، لا في داخل الأراضي المحتلَّة فحسب، بل في المنطقة ككل وخصوصاً بالنسبة للدول الملاصقة مثل الأردن.

 

عهود جديدة ولكن!

بالرغم من أنّ أسباب الزيارة لا تزال مجهولة، وخصوصاً أن نتنياهو كان يسعى لتكون زيارته الخارجية الأولى إلى أبوظبي، فجاء هذا التعديل السريع مفاجئاً وخصوصاً بعد أنباء عن مماطلة دولة الإمارات في استقبال رئيس الوزراء الصهيوني. الزيارة امتدت حسب وسائل الإعلام أكثر مما كان مخطَّطاً لها، وشمل الوفد الصهيوني إلى جانب رئيس الوزراء كلاً من وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، ومستشار الأمن القومي الصهيوني، تساحي هانغي، وسكرتير نتنياهو العسكري، آفي غيل.

نقلت وسائل الإعلام أنّ نتنياهو قدّم تعهدات بأنّ الكيان سيحافظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى، وبيّن البيان الصادر عن الديوان الملكي الأردني على تشديد المملكة على «ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف وعدم المساس به» مؤكداً على «ضرورة الالتزام بالتهدئة ووقف أعمال العنف لفتح المجال أمام أفق سياسي لعملية السلام، مشدداً على ضرورة وقف أية إجراءات من شأنها تقويض فرص السلام». وشدد بيان الديوان الملكي على تمسك الأردن بحل الدولتين وقيام دولة فلسطين على حدود 4 حزيران 1967.

 

يأتي هذا في الوقت الذي أثبتت الممارسات الصهيونية تاريخياً أنها لا تقبل بالقرارات الدولية وتسعى دائماً لتجاوزها والقفز فوقها، لا بل إنّ الأيام الأخيرة شهدت منع السفير الأردني من دخول المسجد الأقصى في مخالفة لهذه القرارات. ومع ذلك يبدو بيان الديوان الملكي وما رافقه من تصريحات كمحاولة لتبرير الزيارة في هذه اللحظات بالذات.  والمثير للسخرية أن الأزمة الداخلية في الكيان تزيد الأمر تعقيداً، فبعد تعهدات نتنياهو وبيان الديوان الملكي الأردني بساعات اقتحم ضباط من قوات الاحتلال «الإسرائيلي» باحات المسجد الأقصى، وأكّد وزير الأمن القومي الصهيوني، إيتمار بن غفير، أنه لن يوقف أعمالَه الاستفزازية وسوف يواصل اقتحاماته للأقصى. وقال لوسائل إعلام عبرية: «مع كل الاحترام للأردن، قمت بذلك وسأستمر في الصعود إلى جبل الهيكل» في إشارة إلى الحرم القدسي، وأضاف متحدّياً: «إسرائيل دولة مستقلة، ولا تتبع لأية وصاية خارجية، من أيّة دولة أخرى».

بمعنى آخر جاءت تصريحات بن غفير وإعلانه هذا بمثابة تحدٍّ واستخفاف بتعهدات نتنياهو من جهة وبموقف المملكة الأردنية الضعيف، فالكيان لن يلتزم فجأة بتعهداته بل إنّ اشتداد الأزمة الداخلية سيجرّ المزيد من الإحراج لكلّ الدول المطبِّعة معه، إلى تلك الدرجة التي يسخر فيها وزير الأمن القومي من تعهدات رئيس الوزراء وبيان الديوان الملكي الأردني بعد ساعات من إصداره، ما سوف يجرّ الويلات على كل حكومات المنطقة التي لن تستطيع تبرير مواقفها أمام شعوبها بعد اليوم.