حرب «ويكيبيديا» على المحتوى المؤيّد للصيّن

ترجمة وإعداد: قاسيون

يمكن لأي شخص تعديل معظم صفحات ويكيبيديا، لكن عددًا قليلاً فقط من المستخدمين يفعلون ذلك، وقسم من هؤلاء فقط يدخلون التعديلات على أساس منتظم.

وصلت الأمور إلى ذروتها في شهر أيلول الماضي عندما حظرت الهيئة الحاكمة لـويكيبيديا سبعة من المحرّرين النشطين المؤيدين لبكين وجرّدت 12 آخرين من سلطاتهم الإدارية على منصة هذه الموسوعة، وذلك بذريعة «التنمّر» و«ترهيب» المحرّرين الآخرين المؤيّدين لانفصال تايوان.

وقامت جماعة «محرري ويكيميديا من بر الصين الرئيسي» Wikimedians of Mainland China والمعروفة اختصاراً بـ WMC بإصدار رسالة جوابية على مؤسسة ويكيميديا بعد أن تم حظر عدد من أعضاء المجموعة القياديين أو حرمانهم من الحقوق الإدارية من قبل المؤسسة.

فقال أحد المطلعين على المجموعة التي يقودها المتطوعون، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، لصحيفة غلوبال تايمز الصينية في 18 أيلول، إنّ «العمل المكتبي» للمؤسسة قد غيّر بشكل كبير المشهد السياسي لويكيبيديا باللغة الصينية، وأنه «ضعيف بشكل كبير» فيما يخص حيادية ويكيبيديا، الموسوعة المجانية (الحرة) على الإنترنت التي يحررها متطوعون وتستضيفها مؤسسة ويكيميديا.

وقيل آنذاك إنّ المؤتمر العالمي للإعلام سوف يصدر رسالة مفتوحة ثانية لتوضيح التأثير الذي أحدثه الإجراء على مجتمع ويكيبيديا الصيني بأكمله وكيف تمت رعاية «القمع المحسوب جيدًا» للمحررين في البر الرئيسي الصيني من قبل القوات المناهضة للصين.

وكشفت ماجي دينيس، نائبة رئيس المؤسسة، أنها كانت تحقق في «التسلل» إلى ويكيبيديا الصينية منذ ما يقرب من عام، حسبما ذكرت «بي بي سي نيوز».

ومع ذلك، وفقًا للرسالة الجوابية الأولى من مجموعة محرري بر الصين الرئيسي WMC، فإن الإجراء الذي اتخذه مكتب ويكيميديا بحقهم جاء بطريقة تعسّفية وذلك لأنّه طبّق «دون إشعار مسبق» ودون الاستماع حتى إلى وجهة نظر المتهمين. وقالوا إنّ ما يسمى بـ«التحقيق» لا يستند إلى أي دليل قوي ولكن يحتمل أن يكون مدفوعاً بتقارير الانفصاليّين من هونغ كونغ وتايوان أو الأشخاص المناهضين للشيوعية داخل مجتمع مستخدمي ويكيبيديا باللغة الصينية، حيث غالبًا ما توجد آراء متنافسة حول إدخالات معينة، خاصة تلك المتعلقة بالسياسة.

وقال يان إنمينغ، المدير السابق لويكيبيديا الصينية وزعيم المجموعة WMC والذي تم حظره أيضًا من قبل المؤسسة في الحادثة، لصحيفة غلوبال تايمز إنّ أفعال مسؤولي الموسوعة خيبت آماله بشكل كبير وخيبت آمال المستخدمين الآخرين المتأثرين، الذين قدّموا خدمات كبيرة لويكيبيديا باللغة الصينية.

وقال يان: «لكنّ قطعَ العلاقات والتخلي عن الآمال في المؤسسة لا يكلفنا شيئًا لأننا لم نتلق أي مساعدة منهم على أي حال».

إنشاء بديل عن ويكيبيديا

ويسعى محرّرو ويكيبيديا المتمرسون حاليًا إلى إنشاء موسوعة جديدة خاصة بهم ولديها المزيد من المرونة والخيارات بعد التأسيس، لتجنب «الحواجز العشوائية» المفروضة على مستخدمي البر الرئيسي الصيني، الذين انفصلوا عن المجموعة، على حد قوله.

وفي الرسالة المفتوحة شجع «المجلس العالمي للمحررين» المحررين الصينيين الآخرين على محاربة العقبات التي أنشأتها المؤسسة والاستمرار بالمساهمة في ويكيبيديا باللغة الصينية لأنفسهم، ولكن ليس المساهمة لصالح المؤسسة.

ونشرت «بي بي سي كليك» في 30 تشرين الأول 2021، تقريراً حول الموضوع، لم يستطع رغم انحيازه الواضح ضد الصين إلّا أن يعترف بأنّ ويكيبيديا حظرت محرّرين موضوعيين مثل إنمينغ والذي نقلت عنه رأيه بأنّه «عندما تزيل الأصوات المؤيدة لبكين فإن الميزان سوف يميل نحو القوى المناهضة لبكين داخل ويكيبيديا».

ومع ذلك، زعم مؤسس ويكيبيديا، جيمي ويلز، بأنّ مبادئ المنصة الخاصة بحرية التعبير والحياد تنطبق على مستوى العالم، ويدّعي بأن الموسوعة تقدم «شرحًا لوجهات النظر بطريقة عادلة».

وقال ويلز: «لدي خبرة عميقة في التحدث إلى الناس في جميع أنحاء العالم، وفكرة أنّ الناس في الصين، على سبيل المثال، يتعرضون لغسيل دماغ لدرجة أنهم لا يستطيعون رؤية الحياد هي مجرد فكرة خاطئة».

ومنعت الصين طلب مؤسسة ويكيميديا للحصول على صفة مراقب في المنظمة العالمية للملكية الفكرية في أيلول/سبتمبر 2020.

ووفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة ويكيميديا ، فإن اعتراضات الصين نتجت عن التطبيق غير المكتمل للمؤسسة، و«الأنشطة السياسية» التي كانت تنفذها «عبر فرع ويكيميديا تايوان الذي يقوده متطوعون».

المصادر:

1-Wikipedia’s neutrality ‘hugely impaired’ after ban on Chinese mainland users: WMC insider

2-Wikipedia in Chinese editing war of words