معاقبة الدول التي تنفق على الصحّة والتعليم
راميا فيخايا راميا فيخايا

معاقبة الدول التي تنفق على الصحّة والتعليم

يعتمد التعافي الاقتصادي من وباء كوفيد-19 على الاستثمار المستدام في الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية. لكن وبينما يمكن للدول الغنيّة الاقتراض والإنفاق بسهولة نسبيّة، تواجه الدول منخفضة الدخل عقبة رئيسية عند محاولة الاقتراض: التصنيف الائتماني.

ترجمة : قاسيون

التصنيف الائتماني: هو تقييم لقدرة المقترض – سواء أكان شركة أو حكومة – على سداد ديونه. يقود التصنيف الائتماني الأدنى إلى رفع تكاليف الاقتراض وزيادة شروطه صعوبة.

دفع هذا التهديد ببعض البلدان الفقيرة إلى تجنّب استغلال المستثمرين لها أثناء الوباء، بينما الحكومات التي وضعت خططاً لإنفاق المزيد على الخدمات العامّة تمّ عقابها بتخفيض تصنيفها الائتماني.

يظهر بحثي بأنّ تخفيض التصنيف الائتماني يجبر البلدان على إنفاق أقلّ على الرعاية الصحيّة. يجب لهذا أن يكون مدعاة للقلق لأنّ متحوّر «دلتا» يزيد من حالات الإصابة حول العالم.

 

عقاب الإنفاق الاجتماعي

ظهرت هوّة واسعة بين البلدان الغنيّة والفقيرة من حيث المبالغ التي تنفقها لمكافحة تأثير وباء كورونا ودعم البنية التحتيّة للرعاية الصحيّة. قدّمت الحكومات في الدول الغنيّة ترليونات الدولارات على شكل دعم مباشر وغير مباشر لاقتصاداتها، وهي بالمتوسط 24% من نواتجها المحليّة الإجمالية. من ناحية أخرى، تمكنت الاقتصادات النامية من إنفاق جزء ضئيل فقط من ذلك، بمتوسط حوالي 2% من ناتجها المحلي الإجمالي.

توصّل بحث حديث إلى نتيجة مفادها بأنّ التصنيف الائتماني لبلد ما كان العامل الأكبر في تحديد كميّة إنفاق حكومة على حزم دعم كوفيد-19. يعني هذا أنّه كلما انخفض تصنيف الدولة، قلّت قدرتها على الإنفاق على الرعاية الصحيّة والخدمات الاجتماعية الأخرى.

كمثال: ساحل العاج وبنين هما البلدان الوحيدان في إفريقيا جنوب الصحراء اللذان تمكنا من الاقتراض في الأسواق الدولية منذ بدء الوباء. اختار آخرون عدم الاقتراض، ولو بشكل جزئي، خوفاً من تخفيض التصنيفات التي قد ينتج عنها. وقد منعهم هذا من تمويل الإنفاق الذي هم بأمسّ الحاجة إليه.

البلدان التي خططت لزيادة الإنفاق الاجتماعي، مثل إثيوبيا والمغرب، تمّ عقابها على هذه الخطوات. خفضت وكالة «فيتش وستاندرد & بور» تصنيف المغرب الائتماني إلى درجة المضاربة «غير مرغوب بها» بسبب خطتها لإنفاق المزيد على الخدمات الاجتماعية. سيصعّب هذا التصنيف عليها الاقتراض من المستثمرين الدوليين، ويجعله أكثر تكلفة.

كما خفضت وكالة «موديز إنفستورز» التصنيف الائتماني لإثيوبيا بعد أن سعت إلى تخفيف عبء الديون عن طريق برنامج مجموعة العشرين الجديد، حتّى تتمكن من زيادة الإنفاق على دعم اقتصادها ومواطنيها.

في بحث تناول 140 دولة، تبيّن بأنّ البلدان الفقيرة كانت أمام خيارين: التقليص من إنفاقها الاجتماعي، أو مواجهة تخفيض تصنيفها الائتماني من قبل أكبر ثلاث شركات تصنيف ائتماني في العالم.

 in767

 

نظام تصنيف صندوق النقد الدولي

حتّى صندوق النقد الدولي، والذي يفترض بأنّه الوكالة العالمية الرئيسة التي تشرف على تمويل التنمية، يستخدم نظام تصنيف يميل لمعاقبة الحكومات على أيّ زيادة في الإنفاق العام. يتضمن ذلك الإنفاق المستثمر في أنظمة الرعاية الصحية.

يقيّم صندوق النقد الدولي الجدارة الائتمانية للبلدان من خلال نظام يسميه «إطار استدامة الدين». يتم تصنيف البلدان ضمن ثلاث فئات تبعاً «للقدرة الائتمانية»: قوية، ومتوسطة، وضعيفة. يتم تصنيف البلدان بوصفها ضعيفة بناء على قدرتها على تولي أمر الدين الإضافي بالاعتماد على المستويات الحالية لمديونيتها.

لا يوجد تفريق بين الديون التي جاءت كنتيجة للاستثمارات الهامّة طويلة المدى في الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، وبين الديون التي تراكمت بسبب الهدر في الإنفاق.

ولهذا فالدول مطالبة من قبل صندوق النقد الدولي بتحسين تصنيفها كشرط لحصولها على المساعدة، وكي تفعل البلدان ذلك عليها اللجوء إلى خفض الإنفاق الشامل والاكتفاء بالأهداف الاقتصادية قصيرة المدى كي تتمكن من سداد دفعات الديون في مواعيدها.

أثّر ذلك من قبل على دول ضعيفة مثل غينيا وليبيريا وسيراليون في بداية الألفية، فأدّى بها إلى تقليص الإنفاق على الرعاية الصحيّة، الأمر الذي جعلها ضعيفة في الاستجابة لانتشار أزمة إيبولا في 2014. كانت هذه الدول الثلاث هي الأسوأ من حيث الاستجابة لوباء كورونا العام الماضي، ما أدّى لوفيات تفوق 11 ألف شخص.

 

بتصرّف عن: Credit ratings are punishing poorer countries for investing more in health care during the pandemic

 

آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيلول/سبتمبر 2021 10:19