الطرق الروسية المتنوعة بعيداً عن «سويفت»
سعد خطار سعد خطار

الطرق الروسية المتنوعة بعيداً عن «سويفت»

في بداية الشهر الجاري، أعلن مدير إدارة التعاون الاقتصادي في وزارة الخارجية الروسية، ديمتري بيريشيفسكي، أنه «ليس سرّاً أن هنالك تهديدات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية بفصل روسيا عن نظام سويفت»، وهو نظام دولي بين البنوك لتحويل المعلومات المالية وإجراء المدفوعات، وترتبط به أكثر من 11 ألف من أكبر المؤسسات في جميع دول العالم تقريباً.

ورغم تعبير بيريشيفسكي عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة لن تقدم على مثل هذه الخطوة في وقتٍ قريب، تعمل روسيا بدأب وبشكلٍ معلن على إنشاء بديل لنظام سويفت، وأكثر من ذلك، أعاد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التذكير أواخر شهر نيسان الماضي، أن بلاده تملك بالفعل قاعدة للبديل المطلوب عن سويفت SWIFT، وهي نظام نقل الرسائل المالية للبنك المركزي الروسي SPFS الذي تم إحداثه في عام 2014 حين هدّدت الولايات المتحدة بفصل روسيا عن نظام سويفت عبر العقوبات أحادية الجانب.

حتى الآن، ترتبط بالنظام الروسي أكثر من 400 مؤسسة معظمها من البنوك، كما تم التوصل إلى العديد من الاتفاقيات لربط هذا النظام بأنظمة الدفع الموجودة لدى الدول الأخرى ولاسيما في الصين والهند وإيران. وفي نهاية عام 2020، ارتبط حوالي 23 مصرفاً أجنبياً من أرمينيا وبيلاروسيا وألمانيا وكازخستان وقرغيزستان وسويسرا بهذا النظام الذي يواجه عدداً من التحديات والصعوبات، وأبرزها ارتفاع تكاليف المعاملات، ما دفع بنائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر بانكين، للتأكيد بأن روسيا لا تستبعد إنشاء نظام بديل لنظام SWIFT على أساس تكنولوجي جديد، مشدداً على أن «تطوير الأنظمة البديلة لـSWIFT يعد ليس رد فعل على الوضع الجيوسياسي فقط بل وردّاً على ضرورة تحديث طرق سداد المدفوعات، مع الأخذ بعين الاعتبار الإنجازات الحديثة في المجال الرقمي». في هذه الجزئية، كثيراً ما يتحدث الباحثون والصحفيون عن منصّة «إيثريوم Ethereum» للعملات المشفّرة، والتي أسسها المبرمج الروسي الكندي، فيتاليك بوتيرين، وأصدرها لأول مرة في عام 2015، بوصفها بديلاً محتملاً للتسويات الدولية نظراً لدرجة الأمان العالية التي تتمتع بها، وتصاعد هذا الحديث بشكلٍ خاص بعد لقاء بوتيرين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عام 2017 خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، ورغم ذلك، ليس هنالك حديث رسمي روسي في هذا الصدد حتى الآن.

إلى جانب ذلك، ثمّة دعوات متعددة داخل النطاق الأوراسي للتعاون بين نظام نقل الرسائل المالية للبنك المركزي الروسي SPFS ونظام المدفوعات الدولي الصيني CIPS، بما يجعل محاولات تجاوز هيمنة سويفت عالمياً ومعها الدولار الأمريكي أكثر سهولة.

وهنالك خيار آخر دعا إليه رجال الأعمال الروس الذين تضرروا من العقوبات الأمريكية، وهو أن تسرِّع الحكومة الروسية إدخال الروبل الرقمي لضمان تسوية المعاملات عبر الحدود. وقد تمت الموافقة على إدخال الروبل الرقمي من جانب البنك المركزي الروسي في تشرين الأول 2020. وذلك لأنه، خلافاً للعملات المشفرة غير المركزية، تسمح العملات الرقمية للبنوك المركزية بالحفاظ على السيطرة المالية للدولة. وعلى هذا النحو، من المقرر أن يكون النموذج الأولي للروبل الرقمي جاهزاً في أواخر العام الجاري، ومن المقرر اختباره في شبه جزيرة القرم، ذلك لأنها مكان نموذجي للاختبار بسبب العقوبات المفروضة عليها.

ولدى البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم خطط مماثلة لإصدار عملات رقمية تقودها الدولة، لكن لدى روسيا دافع كبير لتسريع هذه العملية بهدف تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، وتعزيز الروبل عالمياً، وتقليل تبعات العقوبات.