من تشيلي إلى فيتنام – نشرة تريكونتنتال
تريكونتنتال للبحوث الاجتماعية تريكونتنتال للبحوث الاجتماعية

من تشيلي إلى فيتنام – نشرة تريكونتنتال

تقدّم قاسيون ملخص النشرة التاسعة «2021» من مركز القارات الثلاث للبحوث الاجتماعية:

تريكونتنتال للبحوث الاجتماعية
ترجمة وتلخيص: قاسيون

في 16 أيلول 1973 قُتل المخرج المسرحي والمطرب الشيوعي فيكتور جارا. تمّ اعتقاله بعد الانقلاب على حكومة سلفادور أليندي الاشتراكية. تمّ تعذيبه ثمّ قتله لينضمّ إلى ضحايا الدكتاتورية العسكرية للجنرال أوغستو بينوشّيه. في 2009 تمّ نبش قبر جارا ضمن عملية تحقيق ثمّ أعيد دفنه في مكان آخر. على القبر الأصلي كتب «الحق في أن نعيش بسلام».

هذه الكلمات مأخوذة من أغنيته في عام 1971 المخصصة للشعب الفيتنامي الذي قاتل تحت قيادة هوشي منه ضدّ الإمبريالية الأمريكية.

كان هناك شيئان واضحان بالنسبة للثوريين حول العالم بخصوص هذه الحرب: الأول: أنّ هزيمة الشعب الفيتنامي ستعني ضربة موجعة للتحرير الوطني حول العالم. ثانياً: على الإنسان الذي يرفض الاستعمار ويسعى للحرية أن «يخلق فيتنامَين وثلاثة والكثير من الفيتنامات» كما كتب تشي غيفارا في 1966.

بحلول 1971 حاز الفيتناميون على الثقة بعد سيطرتهم على شمالي البلاد رغم القصف الوحشي واستخدام الأمريكيين للأسلحة الكيميائية. ولكنّ هوشي منه مات في 1969، ولهذا كانت أغنية جارا مهداة له ولجميع مقاتلي الحرية الفيتناميين.

أغاني مثل هذه لا تختفي أبداً، ففي داخلها يكمن الأمل. رغم قيام المحكمة في 2018 بالحكم على ثمانية ضباط متقاعدين بالسجن 15 عاماً بتهمة قتل جارا، فالعدالة الحقيقية بالنسبة له لا تعيش إلا في أولئك الذين نطقوا بكلماته أثناء تظاهراتهم في عام 2019 ضدّ حكومة بينيرا في تشيلي. كان الناس يغنون غير عابئين بخراطيم المياه وقمع الشرطة لهم. قنّاص الأعين ذاته يوجد في جميع قوات قمع التظاهرات. هو ذاته من أطلق النار على الصحفي غوستافو غاتسيا، وذاته من أطلق على محمد صبحي الشيناوي في ساحة التحرير في القاهرة 2011.

ما الذي تعنيه عودة أغنية جارا إلى الشوارع، والدعوة إلى العيش بسلام بشكل عابر للأجيال؟ لا شيء في نضالات تشيلي يوحي بأنّه قصّة منعزلة، فالضغوط التي يتعرض لها الشعب في تشيلي ليس مصدرها حكراً على الحكومة والأوليغارشية التشيلية. النخب التي تهرّب أموالها إلى الجنان الضريبية غير المشروعة، جميعها وفي كل مكان تفضّل برامج التقشف، متجاهلة معاناة العمال طويلة الأمد. إنّ مشهد الحشود التي تسير مسالمة وهي تغني «الحق في أن نعيش بسلام»، وكذلك مشهد شاحنات الشرطة التي تطلق الغاز المسيل للدموع، هو مشهد مألوف من شوارع دلهي إلى نيويورك.

لم يعد هناك اليوم هذا النوع من الوضوح لدى اليسار عن طبيعة نضالنا والحاجة للتضامن الدولي. الهجمات الأمريكية الإمبريالية الحادة ضدّ كوبا وفنزويلا مستمرة، في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس بايدن بقصف سورية تحت اسم «الدفاع الشرعيّ». ولهذا سألت مارسيلو كولون عن معنى أن تقوم الفرقة الأسطورية «Inti-Illimani» بأداء نشيد جارا في أحد تجمعات سانتياغو، فأجابني قائلاً:

«يجعلني الغناء لهوشي منه أعود إلى الأوقات التي كنّا فيها متصلين بالعالم ومتضامنين نناضل ضدّ الإمبريالية، وهذا يوضح لي الضرر الرهيب الذي أحدثته النيوليبرالية، حيث حوّلت الناس إلى كائنات فردية لا تفكر بما يتجاوز أنوفهم ومصالحهم الخاصة... أظنّ بأنّ الجميع عليه أن يفهم إشارة التضامن هذه».

تدخل المواجهة بين المزارعين الهنود وحكومة رئيس الوزراء مودي شهرها الرابع أثناء هذه الكلمات. تتقلص أجندات كلّ من مودي وبينيرا بسبب ولائهم لحلفائهم من الشركات. لا يملكون المزاج ولا القدرة على التراجع عن مواقفهم المتشددة المتمثلة في الخصخصة والمحسوبية وقمع الدولة. يعاني المزارعون والعمال الزراعيون من نفس النوع من العناد الذي يعيشه شعب فنزويلا وكوبا. على الرغم من الأحاديث الإعلامية الليبرالية عن حقوق الإنسان، هناك التزام أكبر بمصالح القلة على مدى حياة الكثيرين. لم تكن ضرورة إيجاد «فنزويلا أو اثنين أو الكثير من الفنزويلات» بمثل هذا الوضوح، ولم يكن التضامن ضرورياً بمثل ما هو اليوم.

الحق بالعيش بسلام ليست عبارة فارغة، بل هي تحدٍّ فاعل للنظام القائم.

 

للاستماع إلى أغنية «الحق في أن نعيش بسلام» – فيكتور جارا ترجمة قاسيون: رابط الأغنية

 

باقتضاب عن: The Right to Live in Peace: The Ninth Newsletter (2021)