حزب ترامب «قد بدأ للتو»
سعد خطار سعد خطار

حزب ترامب «قد بدأ للتو»

في خطوة مثيرة للانتباه، يعتزم الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أن يلقي خطاباً في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين (CPAC) في فلوريدا في 28 شباط، وفقاً لوسائل إعلام أمريكية. وسيكون هذا أول ظهور علني له منذ تركه منصبه. إلا أن هذه المناسبة - من حيث هي مؤتمر سياسي سنوي يحضره نشطاء محافظون ومسؤولون منتخبون من جميع أنحاء الولايات المتحدة وخارجها- تترك الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان ترامب ينوي الاستفادة من رمزيتها للإعلان عن قوته السياسية.

بعد تبرئته مباشرة، صرّح ترامب إن «حركته الوطنية التاريخية والجميلة لجعل أميركا عظيمة مرة أخرى قد بدأت للتو»، وهو ما فهم على أنه إعلان منه عن عدم رغبته بترك المشهد السياسي، والمؤتمر المذكور هو بمثابة خطوة مهمة بالنسبة لترامب، لأن حضوره فيه، وإلقاء خطاب رسمي، يعطي إشارات واضحة على أن الحزب الجمهوري يقف الآن على مفترق الطرق. فمن ناحية، تفكر النخب المرتبطة بمؤسسة الحكم داخل الحزب في طرق تقوية نفسها. ومن ناحية أخرى، تتجه القاعدة الشعبية للحزب نحو ترامب بوصفه شعبوياً يدرك كيف يخاطب عقول أنصاره، حيث كان ترامب شخصية سياسية غير تقليدية، لكنه أصبح الآن ممثلاً واضحاً للقوى الرئيسية في الحزب الجمهوري على مستوى القاعدة الجماهيرية.

في هذا الصدد، يعتقد بعض المحللين أن الحزب الجمهوري يواجه الآن معضلة حقيقية بهدف استعادة السيطرة على الكونغرس الأمريكي في انتخابات عام 2022. والواقع أن الاستقطاب لا يؤثر على الحزب الجمهوري فحسب، بل يؤثر أيضاً على الحزب الديمقراطي الذي يجد نفسه مضطراً لتقديم بعض الرموز «اليسارية» التي تعمل تحت الطلب. وسوف تشكل انتخابات التجديد النصفي في عام 2022 ساحة جديدة للمواجهة بين جميع الأحزاب والقوى السياسية في الولايات المتحدة، وربما على نحو لم نشهد مثله في تاريخ الولايات المتحدة.

ولا يرجع سبب ذلك إلى الطريقة التي يتصرف بها ترامب سياسياً كما يحاول البعض أن يحلل، بل يكمن السبب الحقيقي في انحدار وتراجع الولايات المتحدة عموماً للمرة الأولى في تاريخها السياسي الذي دام حوالي 240 عاماً. لذلك، فسواء في المعسكر «الديمقراطي» أو «الجمهوري»، يشعر الجميع بقلق استراتيجي هائل إزاء مستقبل البلاد وآفاق تطورها. وفي ظل هذه الظروف، يشتد عصب التطرف إزاء كل المنافسين والخصوم.

في هذا الوقت، يكثر الحديث عن أنه لو أراد بايدن مسح إرث ترامب في الرئاسة الأمريكية لربما استغرق ذلك فترة ولايته كاملة، وفوق ذلك، لا يمكن لأحد أن يضمن بأن الحزب الديمقراطي سيفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024. وهو ما يعني أن ظاهرة ترامب التي جرى النظر إليها بوصفها ظاهرة ناشزة في الحياة السياسية الأمريكية قد تحولت تلقائياً إلى جزء مكوّن من النسيج السياسي للولايات المتحدة التي تعيش أكثر لحظاتها اضطراباً وقلقاً.

آخر تعديل على الإثنين, 22 شباط/فبراير 2021 17:21